أعادت قضية ميساء منصور قضية الحضانة وقوانين الأحوال الشخصية إلى الواجهة في لبنان. ميساء كانت قد واجهت قراراً من المحكمة الشرعية السنية يقضي بانتزاع ابنها منها، البالغ من العمر تسع سنوات بواسطة القوى الأمنية في مطلع هذا الشهر. وكان القرار القضائي قد حكم بوجوب دفع غرامة مالية تبلغ مليون ونصف مليون ليرة لبنانية (ألف دولار أميركي) عن كلّ يوم تأخير في تسليم الطفل للوالد.
يظن من يقرأ هذا الحكم أنّ فيه نفَساً عقابياً. لماذا تريد المحكمة معاقبة ميساء منصور بإبطال حقها بالحضانة؟ يحمل هذا القرار نفساً عقابياً لأنّه يخالف قرار المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي حدد سن الحضانة بـ12 سنة للصبيان وللبنات. وكان هذا القرار قد صدر عام 2011 حول أحكام نظام الأسرة (المادة 15) بعدما كانت سن الحضانة قبل ذلك تبلغ 7 سنوات للذكر و9 سنوات للأنثى. وبمعزل عن حيثيات الحالة، فإنّ قرار المحكمة كان أيضاً قد ضرب عرض الحائط بمبدأ مصلحة الطفل الفضلى ولم يتم اللجوء إلى تقرير مساعد/ة اجتماعي/ة لبتّ هذا الأمر واتخاذ القرار بناء على مقتضاه.
بعد قرار المحكمة الشرعية هذا، لم تسكت ميساء. كانت قد قدمت طلب "ردّ قاضٍ"، إذ سعت إلى توثيق ما حدث وكيف انتزع الطفل منها بقوة أمنية، وطلبت من القاضي التنحي. وفي مطلع هذا الأسبوع، كانت المحكمة قد غرّمت ميساء منصور ثلاثة ملايين ليرة كتعويض للقاضي بحجة إفساد سمعته وتعويض الضرر الذي ألحق به.
اقــرأ أيضاً
وهكذا، فإن استنسابية القضاء وانحيازه جاءا لتجريد ميساء من آخر وسيلة لها لتنال حقها، لتبقى وحدها في مواجهة القوانين والمجتمع والثقافة الأبوية والذكورية. جاء في أحد التقارير الصحافية أنّ طليق ميساء ووالد الطفل متزوج من امرأة أخرى. هذا لم يشكل مانعاً أمام القضاء بمنح الأب حق الحضانة، لكن لو انعكست الآية، لكان طُلب من ميساء إقرار بعدم الزواج لتُبقي على حقها بالحضانة. تغيب المساواة بالكامل عن هذا الملف، وتقع النساء بشكل فاضح ضحية شرذمة القوانين وذكورية المجتمع واستنسابية القضاء.
المعادلة في موضوع الحضانة تحت مظلة الأحوال الشخصية الطائفية في لبنان بسيطة: حين تنتهي الأم من مهام الإرضاع و"التحفيض" والرعاية الأولية للطفل أو للطفلة، يأتي دور الأب لبثّ القيم المجتمعية والثقافية الذكورية للطفل. الصبي غالباً ما "يُنتزع" من أمه بعمر أبكر من الفتاة. ربما يُخشى عليه لأن معاشرته لأمه مدة أطول قد تؤثر على "صلابته". لذلك، نجد أغلب قوانين الحضانة في قوانين الأحوال الشخصية في لبنان تنص على انتزاع الأطفال بعمر مبكر من أمهاتهم/هن، قد تصل إلى عمر السنتين ضاربة عرض الحائط بمصلحة الطفل الفضلى وجملة الاحتياجات الطبيعية النفسية والعقلية في مسار تطوره ونضجه العاطفي والانفعالي. وهكذا، تتفوق الذكورية على العلم بغطاء قانوني وديني وأبوي.
(ناشطة نسوية)
يظن من يقرأ هذا الحكم أنّ فيه نفَساً عقابياً. لماذا تريد المحكمة معاقبة ميساء منصور بإبطال حقها بالحضانة؟ يحمل هذا القرار نفساً عقابياً لأنّه يخالف قرار المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي حدد سن الحضانة بـ12 سنة للصبيان وللبنات. وكان هذا القرار قد صدر عام 2011 حول أحكام نظام الأسرة (المادة 15) بعدما كانت سن الحضانة قبل ذلك تبلغ 7 سنوات للذكر و9 سنوات للأنثى. وبمعزل عن حيثيات الحالة، فإنّ قرار المحكمة كان أيضاً قد ضرب عرض الحائط بمبدأ مصلحة الطفل الفضلى ولم يتم اللجوء إلى تقرير مساعد/ة اجتماعي/ة لبتّ هذا الأمر واتخاذ القرار بناء على مقتضاه.
بعد قرار المحكمة الشرعية هذا، لم تسكت ميساء. كانت قد قدمت طلب "ردّ قاضٍ"، إذ سعت إلى توثيق ما حدث وكيف انتزع الطفل منها بقوة أمنية، وطلبت من القاضي التنحي. وفي مطلع هذا الأسبوع، كانت المحكمة قد غرّمت ميساء منصور ثلاثة ملايين ليرة كتعويض للقاضي بحجة إفساد سمعته وتعويض الضرر الذي ألحق به.
وهكذا، فإن استنسابية القضاء وانحيازه جاءا لتجريد ميساء من آخر وسيلة لها لتنال حقها، لتبقى وحدها في مواجهة القوانين والمجتمع والثقافة الأبوية والذكورية. جاء في أحد التقارير الصحافية أنّ طليق ميساء ووالد الطفل متزوج من امرأة أخرى. هذا لم يشكل مانعاً أمام القضاء بمنح الأب حق الحضانة، لكن لو انعكست الآية، لكان طُلب من ميساء إقرار بعدم الزواج لتُبقي على حقها بالحضانة. تغيب المساواة بالكامل عن هذا الملف، وتقع النساء بشكل فاضح ضحية شرذمة القوانين وذكورية المجتمع واستنسابية القضاء.
المعادلة في موضوع الحضانة تحت مظلة الأحوال الشخصية الطائفية في لبنان بسيطة: حين تنتهي الأم من مهام الإرضاع و"التحفيض" والرعاية الأولية للطفل أو للطفلة، يأتي دور الأب لبثّ القيم المجتمعية والثقافية الذكورية للطفل. الصبي غالباً ما "يُنتزع" من أمه بعمر أبكر من الفتاة. ربما يُخشى عليه لأن معاشرته لأمه مدة أطول قد تؤثر على "صلابته". لذلك، نجد أغلب قوانين الحضانة في قوانين الأحوال الشخصية في لبنان تنص على انتزاع الأطفال بعمر مبكر من أمهاتهم/هن، قد تصل إلى عمر السنتين ضاربة عرض الحائط بمصلحة الطفل الفضلى وجملة الاحتياجات الطبيعية النفسية والعقلية في مسار تطوره ونضجه العاطفي والانفعالي. وهكذا، تتفوق الذكورية على العلم بغطاء قانوني وديني وأبوي.
(ناشطة نسوية)