قالت مصادر دبلوماسية مصرية على صلة بملف تحقيقات مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، في القاهرة، مطلع العام 2016، إن السلطات الإيطالية أبلغت النيابة العامة المصرية بأنها فتحت تحقيقاً منفصلاً عن التحقيقات الجارية في القضية حول ضلوع جهاز الأمن الوطني، التابع لوزارة الداخلية المصرية، في جمع معلومات عن بعض الإيطاليين الناشطين في المطالبة بحق ريجيني، وممارسة ضغوط ترهيبية على المستشار القانوني لأسرة ريجيني، المحامي محمد لطفي، والذي فاز منذ أسابيع بجائزة حقوق الإنسان وسيادة القانون الفرنسية الألمانية، وتم تكريمه في السفارة الفرنسية بالقاهرة.
وكان لطفي، وهو المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة أهلية تسمى "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، والباحث السابق في منظمة العفو الدولية، قد ألقي القبض عليه في مايو/ أيار الماضي، كما تم حبس زوجته أمل فتحي وأحيلت للمحاكمة بتهمة الإساءة لمصر، وتم تأييد الحكم بحبسها سنتين بزعم بثها أخباراً كاذبة عن التحرش في مصر. وأضافت المصادر أن السلطات الإيطالية فتحت التحقيق بناء على بلاغ قدمه المحامي إلى المدعي العام في روما، وتم إدراج أسماء بعض الضباط بالأمن الوطني الذين أشرفوا على استجواب لطفي أكثر من مرة، بشأن علاقاته بدوائر إيطالية وتعامله مع شخصيات سياسية وحقوقية خلال زيارات سابقة واتصالات بروما، ما تم تفسيره على أنه "تبييت نية لإيذاء بعض المواطنين الإيطاليين دون سند قانوني".
وأشارت المصادر إلى أن روما تؤمن بأن ممارسة ضغوط ترهيبية على محامي عائلة ريجيني وحبس زوجته في قضية مختلقة، جزء من محاولة إعاقة السلطات الإيطالية عن الحصول على أي معلومات حقيقية في ملف قضية ريجيني، وقَصْر المعلومات على ما تقدمه النيابة المصرية خلال الاتصالات الرسمية والزيارات المتبادلة التي توقفت مطلع الشهر الماضي، إثر الجمود الذي أصاب التعاون القضائي بين البلدين في هذه القضية. وكان وفد إيطالي دبلوماسي قضائي مشترك قد وصل إلى القاهرة في 11 ديسمبر/ كانون الأول الماضي للتعرف على مصير الطلبات الإيطالية بتسليم التحقيقات الخاصة بقضية مقتل أفراد عصابة السرقة التي سبق اتهامها بتعقب وقتل ريجيني، قبل أن يعلن الطرفان المصري والإيطالي عن استحالة حدوث تلك الرواية وسقوطها من اعتبارات المحققين. وجاءت هذه الزيارة بعد أيام من نشر "العربي الجديد" تقريراً عن أن الادعاء العام في روما أبلغ النائب العام المصري بأن قائمة المشتبه بهم لن تقتصر على الضباط، بل إن القائمة ستتسع لتشمل نحو 8 أسماء أخرى، ربما يكون منهم وزير الداخلية السابق، اللواء مجدي عبد الغفار، الذي أشرف، وفقاً للتحريات الإيطالية، على إنتاج قصة عصابة السرقة للتغطية على جريمة ضباط جهاز الأمن الوطني، أو أي جهة أخرى، المتورطين الحقيقيين في قتل ريجيني.
وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية قد نشرت تصريحات، مطلع الشهر الماضي، على لسان مصدر قضائي في النيابة العامة المصرية، ذكر فيه أن النيابة المصرية رفضت طلباً مقدماً من نيابة روما بإدراج بعض رجال الشرطة على قائمة ما يسمى في قانون الإجراءات الجنائية الإيطالي "سجل المشتبه فيهم"، وذلك لما أبداه الجانب الإيطالي من شكوك بشأن سابقة قيامهم بجمع معلومات عن ريجيني قبل مقتله. وأوضح المصدر القضائي المصري، في بيانه، أن الجانبين استعرضا خلال الاجتماع الماضي تساؤلات تتعلق بدخول ريجيني إلى مصر بموجب تأشيرة دخول سياحية دون التأشيرة اللازمة لقيامه بإجراء أبحاث خاصة برسالة الدكتوراه على النقابات العمالية المصرية المستقلة، مؤكداً بذلك ما نشرته "العربي الجديد" عن اتجاه النيابة العامة المصرية إلى تجاهل قصة عصابة السرقة التي اتهمت سابقاً بقتل ريجيني، وحتى قصة تتبع خطوات ريجيني في الساعات السابقة لاختفائه، والتركيز على ما إذ كانت الدراسات، التي أجراها ريجيني، قد أدت به للتعامل مع "أجهزة أمنية أو استخباراتية أجنبية أو منظمات مجتمع مدني ممولة من الخارج لممارسة أنشطة خارجة عن القانون المصري"، وهو المسار الذي اعتبره الجانب الإيطالي عودة إلى المربع الأول، ومحاولة جديدة للتضليل، بحسب مصادر دبلوماسية مصرية.