قضية المخطوفين القطريين في العراق: اتصالات لبنانية لعرض المساعدة

26 ديسمبر 2015
تتعاطى الدوحة مع الملف بعيداً عن الأضواء (صفا كركان/الأناضول)
+ الخط -
تدخل قضية المخطوفين القطريين في العراق مرحلة جديدة من التعقيد المشوب باحتمالات أن يشهد الملف وساطات تبدأ من العراق، وتمرّ في لبنان، وسط محاولة أطراف استغلال الموضوع الإنساني بالدرجة الأولى، وربط مسألة اتجاه عدد من الشباب القطريين للصيد في العراق، بقضايا إقليمية من سورية إلى العراق.


اقرأ أيضاً: أسبوع بلا تقدّم في ملف المخطوفين القطريين بالعراق

وفي حين تحرص دولة قطر ومسؤولوها على "التكتم الإيجابي" حيال ما يدور من تفاصيل واتصالات تتعلق بالأزمة، تسعى وسائل إعلام عربية تدور في فلك مقرب من الجهة الخاطفة، أن تشيع أجواء لا تساهم في الجهود المبذولة لإطلاق سراح المخطوفين الذين لا يزال عددهم حتى عرضة لبازار التسريبات الإعلامية. ويتم التداول في بعض وسائل الإعلام بمجموعة من الأسماء التي يقال إنها من المخطوفين، ويتم زجّ أسماء أفراد من العائلة الحاكمة آل ثاني، مع رمي تسريبات تتحدث حيناً عن عرض مبالغ مالية كبيرة لتحرير المخطوفين، وأحياناً يتم الحديث عن شروط سياسية مقابل إطلاق سراحهم، من قبيل سعي الدوحة لدى بعض دول الخليج للإفراج عن شخصيات لبنانية وعراقية معتقلة لديها بتهم إرهابية. 

في المقابل، تتعاطى الدوحة مع الملف، بعيداً عن الأضواء، لعلمها أن الثرثرات الإعلامية في مثل هذه الملفات غالباً ما تكون تداعياتها سلبية. وقد بذلت الدبلوماسية القطرية جهدها في هذا السياق لتأمين غطاء عربي ــ خليجي يعترف بإنسانية الملف لإبعاده عن سوق الابتزاز السياسي التي تحاول دوائر مقربة من الخاطفين إشاعتها، مع التركيز على مسألة مركزية، وهي مسؤولية الحكومة العراقية عن حياة المخطوفين وسلامتهم، لكونهم دخلوا صحراء المثنى بأذونات رسمية من وزارة الداخلية العراقية. وقد تأمن الدعم العربي ــ الخليجي بالفعل للدوحة، من خلال بيانات مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية وتصريحات رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي ووزير خارجيته، إبراهيم الجعفري، مع التوقف عند الكلام الذي وُصف بالحازم للجعفري عند إشارته إلى أن عملية الخطف تشكل "طعنة للسيادة العراقية"، وهو كلام نظرت إليه الدوحة بإيجابية علماً أنه يحتاج إلى ترجمة على الأرض.


على هذا الصعيد، تأكدت الدوحة، بحسب مصادر عليمة في دوائر الحكم القطرية، أن الجهة الخاطفة هي بالفعل كتائب ما يسمى "حزب الله العراق"، وهو التنظيم الذي بات يحتكر العمليات المسلحة ضد دول خليجية عربية، أكانت السعودية أم الكويت واليوم قطر، وفي الأمس القريب قام باستهداف مواطنين أتراك في العراق تم الإفراج عنهم قبيل وقت قصير من التوصل إلى اتفاق الزبداني ــ كفريا في سورية.
الجديد الثاني في الموضوع، مصدره بيروت، إذ علمت "العربي الجديد" أن مسؤولاً أمنياً رفيع المستوى مقرباً من حزب الله اللبناني، اتصل بمسؤولين في الدوحة، عارضاً مساعدته وخبرته في مثل هذه القضايا. ولما كانت دولة قطر منفتحة على أي وساطة من أي مصدر كان، تُبقي الملف في إطاره الإنساني، فقد تجاوبت بالفعل مع هذا الاتصال الذي وردها من بيروت، وهو ما تُرجم بطلب المسؤول الأمني اللبناني نفسه لائحة بأسماء المواطنين القطريين المخطوفين، متعهداً بالبدء فوراً بإجراء اتصالاته في سبيل بذل الجهود لحلّ الموضوع.

لكن دولة قطر، على الرغم من انفتاحها على أي جهد إيجابي في القضية، إلا أنها تبقى متمسكة بمسؤولية الدولة العراقية عن الملف، وخصوصاً أن المعلومات الأمنية تجزم بأن الخاطفين والمخطوفين لا يزالون على الأراضي العراقية. وليس سراً أن حزب الله ــ العراق تنظيم على علاقة وثيقة للغاية بعدد كبير من حكام العراق من حلفاء طهران، ومن خلفهم بالنظام الإيراني وحرسه الثوري، إذ يُعتبر إحدى المليشيات المحسوبة على "الحشد الشعبي" المدعومة إيرانياً بشكل كامل.
من هنا، تترجم الأوساط المطلعة اتصال المسؤول الأمني اللبناني وعرض تقديم المساعدة، في خانة الاعتراف الضمني بقدرة حزب الله اللبناني على تأدية دور مركزي في إطلاق سراح المواطنين القطريين، إن رغب في ذلك، وهو أمر ممكن بالفعل، على اعتبار أن العلاقات بين دولة قطر وحزب الله اللبناني لم تنقطع يوماً، بدليل التواصل الذي حصل في قضية تبادل أسرى الأجهزة الأمنية اللبنانية مع "جبهة النصرة" قبل نحو شهر، على الرغم من الخلاف الكبير بين الحزب والدوحة حول الملف السوري.
دلالات