تستغرق المحاكم الأفغانية فترات طويلة للنظر في القضايا وإيجاد حلول لها، وتبقى قضايا عدّة معلقة لعقود من الزمن. فيأتي النظام القبلي خياراً بديلاً لدى الأفغان، لحلّ قضاياهم. وقد يلجأ البعض إلى محاكم طالبان، إذ إنّها أسرع وأكثر قدرة على التنفيذ بالمقارنة مع المحاكم الحكومية.
على مدى عقدَين من الزمن، استمرّ العداء بين أسرة محمد فريد وأسرة قريبه زر محمد خان، في ولاية ننغرهار (شرق)، سقط بنتيجته أكثر من عشرة قتلى من الطرفَين. وأخيراً، بعدما فشلت المحاكم الأفغانية في إيجاد حلّ، أحالت الأسرتان بوساطة بعض زعماء القبائل القضيّة إلى مجلس ممثلي القبائل الأفغانية "لويا جيرغا". لم يستغرق المجلس أكثر من شهرَين حتى بتّ في القضية، ودفعت أسرة خان مليونَي أفغانيّة (30 ألف دولار أميركي) إلى أسرة فريد، إذ إنّ العدد الأكبر من القتلى كان من صفوفها. بهذا انتهى العداء بين الأسرتَين العريقتَين في المنطقة.
يقول فريد: "كنّا ندفع ثمن عداء بدأ بسبب مشادات كلامية بين آبائنا. وقتل منّا ومن أعدائنا، وهم من أبناء عمنا، أشخاص كلّهم شباب. أسلافنا تسببوا في خلق العداء وقتل هؤلاء الشباب. حاولنا كثيراً وفي مرّات عدّة إيجاد حلّ لكي نتفرّغ لأمور حياتنا الأخرى، لكنّنا لم نتمكن من ذلك بسبب تدخّل بعض أصحاب المصالح، ومنهم مسؤولون في الحكومات المتعاقبة". يضيف أنّه "أخيراً، نتيجة بعض الجهود، طرحت القضية في المجلس القبلي. وبعد اجتماعات عدّة، تمكّن المجلس من إيجاد حلّ للقضية. وفي اجتماع قبلي عقد قبل أسبوع وشارك فيه عدد كبير من زعماء قبائل شرق أفغانستان، أبرم صلح بين الطرفَين، وانقلب العداء إلى صداقة".
عشرات القضايا تبتّ فيها الاجتماعات القبلية. وقرارات "لويا جيرغا" قابلة للتنفيذ، إذ إنّها تفرض على الأطراف المتنازعة غرامة مالية كبيرة تسمّى محلياً "مجرغة". على سبيل المثال، أتت المجرغة في قضية فريد وخان مليون أفغاني (15 ألف دولار). وهذا المبلغ يغطّي مصاريف اجتماعات اللجنة التي يؤلّفها المجلس القبلي. أمّا المتبقّي منه، فيبقى مع الزعماء القبليين لفترة طويلة، بمثابة ضمان حتى لا يقدِم أيّ طرف من أطراف العداء على الوقوف ضدّ الصلح وضدّ قرار المجلس القبلي. إلى ذلك، يقرّر المجلس في الغالب هدم منزل من يقف ضدّ الصلح وغرامة مالية أخرى على كل من يقف ضدّ الصلح أو يقوم بانتهاك قرار المجلس أو يرفضه.
اقــرأ أيضاً
على مدى عقدَين من الزمن، استمرّ العداء بين أسرة محمد فريد وأسرة قريبه زر محمد خان، في ولاية ننغرهار (شرق)، سقط بنتيجته أكثر من عشرة قتلى من الطرفَين. وأخيراً، بعدما فشلت المحاكم الأفغانية في إيجاد حلّ، أحالت الأسرتان بوساطة بعض زعماء القبائل القضيّة إلى مجلس ممثلي القبائل الأفغانية "لويا جيرغا". لم يستغرق المجلس أكثر من شهرَين حتى بتّ في القضية، ودفعت أسرة خان مليونَي أفغانيّة (30 ألف دولار أميركي) إلى أسرة فريد، إذ إنّ العدد الأكبر من القتلى كان من صفوفها. بهذا انتهى العداء بين الأسرتَين العريقتَين في المنطقة.
يقول فريد: "كنّا ندفع ثمن عداء بدأ بسبب مشادات كلامية بين آبائنا. وقتل منّا ومن أعدائنا، وهم من أبناء عمنا، أشخاص كلّهم شباب. أسلافنا تسببوا في خلق العداء وقتل هؤلاء الشباب. حاولنا كثيراً وفي مرّات عدّة إيجاد حلّ لكي نتفرّغ لأمور حياتنا الأخرى، لكنّنا لم نتمكن من ذلك بسبب تدخّل بعض أصحاب المصالح، ومنهم مسؤولون في الحكومات المتعاقبة". يضيف أنّه "أخيراً، نتيجة بعض الجهود، طرحت القضية في المجلس القبلي. وبعد اجتماعات عدّة، تمكّن المجلس من إيجاد حلّ للقضية. وفي اجتماع قبلي عقد قبل أسبوع وشارك فيه عدد كبير من زعماء قبائل شرق أفغانستان، أبرم صلح بين الطرفَين، وانقلب العداء إلى صداقة".
عشرات القضايا تبتّ فيها الاجتماعات القبلية. وقرارات "لويا جيرغا" قابلة للتنفيذ، إذ إنّها تفرض على الأطراف المتنازعة غرامة مالية كبيرة تسمّى محلياً "مجرغة". على سبيل المثال، أتت المجرغة في قضية فريد وخان مليون أفغاني (15 ألف دولار). وهذا المبلغ يغطّي مصاريف اجتماعات اللجنة التي يؤلّفها المجلس القبلي. أمّا المتبقّي منه، فيبقى مع الزعماء القبليين لفترة طويلة، بمثابة ضمان حتى لا يقدِم أيّ طرف من أطراف العداء على الوقوف ضدّ الصلح وضدّ قرار المجلس القبلي. إلى ذلك، يقرّر المجلس في الغالب هدم منزل من يقف ضدّ الصلح وغرامة مالية أخرى على كل من يقف ضدّ الصلح أو يقوم بانتهاك قرار المجلس أو يرفضه.
في هذا السياق، يقول الزعيم القبلي في إقليم خوست (جنوب)، محمد قريب، إنّ "القرارات التي تصدر عن المجلس القبلي جيرغا في سبيل المصالحة بين القبائل المختلفة، هي كثيرة. وهي لا تشمل فقط العداوات على خلفية القتل، لا بل العداوات الأسرية من قبيل قضايا الزواج وقضايا الأراضي والميراث كذلك". ويتحدّث عن قصة عداء نجم عن مشكلة مرتبطة بالميراث بين أبناء عمومة في إقليم خوست. وقد أسفر العداء عن مقتل خمسة أشخاص. يُذكر أنّ كل ميراث الأسرة - من جدّ واحد - تبدّد خلال العداء. وفي النهاية، لجأ الطرفان بوساطة بعض الأقارب إلى المجلس القبلي. ويشير قريب إلى أنّ "المصالحة استلزمت وقتاً طويلاً، امتدّ أشهراً عدّة، نتيجة تعنّت البعض. لكن، لم يكن أمام الطرفَين خيار آخر سوى الرضوخ إلى قرار المجلس القبلي. وبعد التوصّل إلى المصالحة، تحوّل العداء إلى صداقة على خلفية القرابة".
وتلك الأعراف القبلية عموماً، لا سيّما هذا النوع من المجالس الرامية إلى حلحلة المشاكل والعداوات على وجه الخصوص، لها إيجابياتها وكذلك سلبياتها. لعلّ أبرز السلبيات هي الرشاوى وتباطؤ الزعماء القبليّين في التوصّل إلى حلّ، من أجل الحصول على المال. أحياناً يتباطأ هؤلاء الزعماء في بعض القضايا، من أجل مآدب عامرة تقدّم خلالها وجبات غنيّة وتُذبح فيها الأبقار والثيران.
ويؤكّد الزعيم القبلي لعل كل خان أنّ "الزعماء القبليين يطالبون برشاوى كثيرة خلال معالجة تلك القضايا وبالطعام والشراب، لذا يتباطأون في حلّها، وهو ما يؤدّي إلى عدم إيجاد حلول للقضايا في بعض الأحيان". بالنسبة إلى كل خان، فإنّ "الزعماء القبليين ألّفوا لأنفسهم عصابات داخل المجالس، وهم يلتهمون أموال عامة المواطنين بذريعة أو بأخرى.
كذلك، فإنّ صرف الأموال أثناء المجالس، التي يُستحصل عليها من قبل أطراف العداوات، ينطوي على غبن كبير". ويشرح أنّه "لا توجد آلية واضحة لصرف تلك الأموال. لذلك، يصرفها هؤلاء الذين يحصلون عليها بحسب ما يشاؤون. ويعمدون إلى عقد أكبر عدد من الاجتماعات، فتستلزم القضايا فترات طويلة يكسبون من خلالها الأموال الطائلة".
لا شكّ في أنّ ثمّة إيجابيات كثيرة لتلك المجالس القبلية، إذ هي واحدة من الطرق الرئيسية في البلاد لحلّ المشكلات الاجتماعية. لكن، لا شكّ في أنّ ثمّة سلبيات كذلك، وجلّها يعود إلى الزعماء القبليين وبعض الأعراف المتبعة بهذا الشأن التي يستغلها الزعماء للحصول على المال.
تجدر الإشارة إلى أن الـ"لويا جيرغا" ليست محصورة بالأفغان فحسب، إذ إنّ قضايا كثيرة في المناطق الباكستانية في الشمال الغربي تحوَّل إلى المجالس القبلية، على الرغم من أنّ اللجوء إلى المحاكم الباكستانية لا ينطوي على مخاطر. إلى ذلك، سكّان المناطق القبلية في باكستان يلجأون بغالبيتهم إلى حلّ قضاياهم من خلال المجالس القبلية "جيرغا".
اقــرأ أيضاً
وتلك الأعراف القبلية عموماً، لا سيّما هذا النوع من المجالس الرامية إلى حلحلة المشاكل والعداوات على وجه الخصوص، لها إيجابياتها وكذلك سلبياتها. لعلّ أبرز السلبيات هي الرشاوى وتباطؤ الزعماء القبليّين في التوصّل إلى حلّ، من أجل الحصول على المال. أحياناً يتباطأ هؤلاء الزعماء في بعض القضايا، من أجل مآدب عامرة تقدّم خلالها وجبات غنيّة وتُذبح فيها الأبقار والثيران.
ويؤكّد الزعيم القبلي لعل كل خان أنّ "الزعماء القبليين يطالبون برشاوى كثيرة خلال معالجة تلك القضايا وبالطعام والشراب، لذا يتباطأون في حلّها، وهو ما يؤدّي إلى عدم إيجاد حلول للقضايا في بعض الأحيان". بالنسبة إلى كل خان، فإنّ "الزعماء القبليين ألّفوا لأنفسهم عصابات داخل المجالس، وهم يلتهمون أموال عامة المواطنين بذريعة أو بأخرى.
كذلك، فإنّ صرف الأموال أثناء المجالس، التي يُستحصل عليها من قبل أطراف العداوات، ينطوي على غبن كبير". ويشرح أنّه "لا توجد آلية واضحة لصرف تلك الأموال. لذلك، يصرفها هؤلاء الذين يحصلون عليها بحسب ما يشاؤون. ويعمدون إلى عقد أكبر عدد من الاجتماعات، فتستلزم القضايا فترات طويلة يكسبون من خلالها الأموال الطائلة".
لا شكّ في أنّ ثمّة إيجابيات كثيرة لتلك المجالس القبلية، إذ هي واحدة من الطرق الرئيسية في البلاد لحلّ المشكلات الاجتماعية. لكن، لا شكّ في أنّ ثمّة سلبيات كذلك، وجلّها يعود إلى الزعماء القبليين وبعض الأعراف المتبعة بهذا الشأن التي يستغلها الزعماء للحصول على المال.
تجدر الإشارة إلى أن الـ"لويا جيرغا" ليست محصورة بالأفغان فحسب، إذ إنّ قضايا كثيرة في المناطق الباكستانية في الشمال الغربي تحوَّل إلى المجالس القبلية، على الرغم من أنّ اللجوء إلى المحاكم الباكستانية لا ينطوي على مخاطر. إلى ذلك، سكّان المناطق القبلية في باكستان يلجأون بغالبيتهم إلى حلّ قضاياهم من خلال المجالس القبلية "جيرغا".