قصف إماراتي في عدن: عودة صراع الشرعية وحلفاء أبوظبي

16 سبتمبر 2017
قتيل وجرحى بالاشتباكات والقصف في عدن (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -


تعرضت مدينة عدن، "العاصمة المؤقتة" لليمن، كما تسميها الحكومة الشرعية، اليوم السبت، لقصف جوّي، لكنه هذه المرة يأتي من الطائرات الإماراتية، ويستهدف قوات الرئاسة اليمنية، بعد ما يزيد عن عامين على إعلان عدن مدينة "محررة"، من "الانقلابيين"، وانتقالها إلى سيطرة الإمارات التي تتولى قيادة واجهة وحضور التحالف في جنوب البلاد، ويصفها بعض اليمنيين بـ"الاحتلال"، إلى جانب قوات محلية متعددة الولاءات.

وأفاد سكان ومصادر محلية متطابقة في عدن، لـ"العربي الجديد"، بأن حالة من الهلع سادت في حي العريش، بمديرية خور مكسر، في عدن، بعد أن تطورت اشتباكات مسلحة بين قوات الحماية الرئاسية الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وأخرى من "قوات الحزام الأمني"، الموالية للإمارات، إلى قصف جوي، لطائرة يُرجح أنها إماراتية (لكونها الوحيدة التي تتحكم بالقوة الجوية في عدن ومحيطها).

وبحسب المصادر، فقد حلقت المروحية في سماء منطقة الاشتباكات وقصفت فندقاً، في جولة تقاطع الرحاب، بحي العريش، وسط أنباء عن ضحايا، لم يتسن الحصول على معلومات دقيقة حول أعدادهم على الفور، في حين أفادت أنباء أولية بجرح ثلاثة مدنيين بينهم طفل، من أسرة واحدة، إثر تطاير شظايا صاروخ أطلقته طائرة حربية إماراتية استهدف الفندق الواقع في منطقة المواجهات.

وجاء القصف الجوي الإماراتي، في عدن، عقب اشتباكات اندلعت لساعات ظهر السبت، بين قوة من "الحماية الرئاسية"، التابعة للرئيس اليمني، وأخرى من قوات "الحزام الأمني"، والتي تأسست بدعم الإمارات، وينظر عديدون إلى هذه القوة على أنها موالية لأبوظبي بوصفها الدولة التي تتولى واجهة حضور وقيادة عمليات التحالف في محافظات جنوب وشرق اليمن، فيما تمحورت الاشتباكات في تقاطع الرحاب، في حي العريش، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى في الاشتباكات.

وفي الوقت الذي لم تصدر فيه رواية رسمية فورية حول أحداث العريش والقصف الجوي، فقد جاء التطور ليعيد عدن مجدداً إلى واجهة التطورات، في ظل الأزمة التي ما إن تهدأ حتى تعود، بين الشرعية والأطراف الموالية لها في عدن، من جهة، وبين الإمارات والأطراف والقيادات المحلية المحسوبة عليها، والتي تتبنى الدعوة إلى الانفصال من جهة أخرى.

وسبق أن شهدت عدن في فبراير/ شباط الماضي مواجهات بين قوات من الحماية الرئاسية وأخرى موالية لأبوظبي، كانت تتولّى حماية "مطار عدن الدولي"، ورفضت توجيهات رئاسية بتسليم المطار إلى "الحماية الرئاسية"، وتدخلت، حينذاك، طائرة إماراتية نوع "أباتشي"، بغارة على الأقل، استهدفت طقماً مسلحاً للحماية الرئاسية بحماية المطار، قبل أن تنجح جهود التهدئة بنزع فتيل المواجهات.

وتتولى الإمارات قيادة واجهة التحالف في جنوب اليمن، إلى جانب وجود قوات سعودية وأخرى سودانية وبحرينية، ومن المعروف أن التحالف هو الطرف الذي يمتلك الطائرات الحربية حصرياً في الأجواء اليمنية، وفي الجنوب والشرق على نحو خاص.

من زاوية أخرى، يأتي تدخل القصف الجوي الإماراتي لدعم القوات المتحالفة معها أو الموالية لها على الأرض (الحزام الأمني على نحو خاص)، ليعكس جانباً من السياسة الإماراتية، في مناطق جنوب وشرق اليمن، والتي صارت أبرز مناطقها الاستراتيجية تحت سيطرة إماراتية بطريقة أو بأخرى، في حين تتدخل أبوظبي في التعيينات للمسؤولين المحليين وتتولى الإشراف على الوضع العسكري بنحو خاص، مثلما تدعم أطرافاً محلية تتبنى الانفصال، وأهمها في السياق ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، والذي تأسس في مايو/ أيار الماضي، برئاسة محافظ عدن السابق، حليف الإمارات، عيدروس الزبيدي.

ويأتي تجدد الاشتباكات وما تبعه من قصف جوي، ليظهر كيف أن الوضع في عدن مرشح مجدداً للتصعيد بين أطراف الخلافات، الرئيس اليمني وحلفائه من جهة وأبوظبي وحلفائها من جهة، وهي أزمة بدأت بالتصاعد في العام الماضي، ووصلت في بعض الأحيان إلى اشتباكات محدودة وحشد قوات ومسلحين من قبل الطرفين، على نحو لا يُستبعد معه تجدد المواجهات أو توسعها، بالإضافة إلى التهدئة والاحتواء كما حصل في مرات سابقة.