قصر "وستمنستر" التاريخي يستعيد ذاكرة النار

23 مارس 2017
(Getty)
+ الخط -
 
جاء الاعتداء، في محيط البرلمان البريطاني في قلب العاصمة لندن، ليستدعي تاريخ قصر "وستمنستر"، الذي يُعد واحدا من أقدم المباني وأشهرها في المملكة المتحدة.

بُني هذا القصر في القرن التاسع عشر، ويتميز بموقعه الاستراتيجي المطلّ على نهر التايمز، ويُعرف حالياً باسم "بيوت البرلمان"، حيث يجتمع بين جدرانه أعضاء البرلمان البريطاني.

ويحتضن أيضاً التاريخ الحديث الذي كانت بريطانيا خلاله هي تلك "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس".

كما يُعد قصر "وستمنستر" واحداً من أكبر مباني البرلمانات في العالم، حيث يحتوي على ما يقرب من 1200 غرفة، بالإضافة إلى المباني القائمة فيه، والتي لم يدمرها حريق ضخم نشب عام 1834. ويشمل أيضاً 100 دَرج، وأكثر من ثلاثة كيلومترات من الممرات.

يعد قصر "وستمنستر" واحداً من أكبر مباني البرلمانات في العالم -جاك تايلور/Getty



وتبلغ مساحة القصر ثمانية فدادين، ويحتوي على ساعة "بيغ بن" الأكثر شهرة في العالم، وبرج "سانت ستيفن" الذي يحتويها. فيما تُعتبر قاعة "وستمنستر" من أهم المباني التاريخية، وتستخدم في الوقت الحاضر للاحتفالات العامة الرئيسية.

ويضم القصر مجموعة من المعالم الشهيرة والتي تؤرخ للمملكة المتحدة، وهي "شرفة نورمان" و"غرفة ملابس الملكة" و"المعرض الملكي" و"غرفة الأمير" و"مجلس اللوردات" و"لوبي النبلاء" و"اللوبي المركزي" و"أعضاء اللوبي" و"مجلس العموم" و"قاعة وستمنستر".



ويتكون البرلمان البريطاني من غرفتين، الأولى وهي مجلس اللوردات، والثانية وهي مجلس العموم.

يضم القصر مجموعة من المعالم الشهيرة والتي تؤرخ للمملكة المتحدة (جاك تايلور/Getty)




ويتشكل مجلس اللوردات من نوعين من الأعضاء: اللوردات الروحيين (الممثلين بأعلى أساقفة كنيسة إنجلترا) والدنيويين (النبلاء)؛ وأعضاؤه لا يتم انتخابهم من قبل عامة الشعب، ولكن يتم تعيينهم من قبل الحكومة. أما مجلس العموم، فهو منتخب ديمقراطياً، ويجتمع المجلسان في غرف مفصولة في قصر "وستمنستر".

وكان موقع قصر "وستمنستر" الحالي معبدا للإله "أبوللو" أو "إله الشمس" (طبقا للأساطير اليونانية)، ولكن تم تدميره نتيجة زلزال قوي، وأقيم في المكان نفسه كنائس ومبان وقصور ملكية في العصور الوسطي، وبُني أوائل القرن الثامن عشر كنيسة ساكسونية مخصصة للقديس بطرس الرسول على الموقع نفسه.

يعتبر قصر "وستمنستر" متحفا للتاريخ البريطاني  (جاك تايلور/Getty)




وعُرفت الكنيسة باسم "الدير الغربي"، في حين كانت كنيسة "سانت بول" إلى الشرق في قلب لندن، وكانت تُعرف بـ"الدير الشرقي". وفي القرن التاسع عشر، أعيد تشكيل الكنيسة كدير واعتمدت ككنيسة ملكية، وهو ما أدى إلى بناء قصر في "وستمنستر".

وأقيمت مبان أخرى في المنطقة نفسها وهُدمت غيرها على مر السنوات، لكن القصر ظل كما هو.

ويُعتبر قصر "وستمنستر" متحفا للتاريخ البريطاني، حيث تحتل جدرانه لوحات للمعارك الحربية والأحداث الهامة، كما يحتفظ البريطانيون في غرفه وخزائنه بعدد لا حصر له من الوثائق التاريخية والمنحوتات والأعمال الفنية التي اكتسبت قيمة فنية وتاريخية.

ويزيّن القصر تمثال ضخم للملكة فيكتوريا، بينما تحتوي غرفة اللوردات على ست لوحات تاريخية تمثل الأنواع الثلاثة من اللوردات (الزمنية والروحية والقانونية).

ولعل أكثر المخططات إثارة للجدل هي تلك التي تم تعيينها للممرين، اللذين ربطا غرفة اللوردات في جنوب القصر عبر قاعة اللوبي المركزي إلى غرفة العموم في الشمال.
وكانت الموضوعات عن صراعات القرن 17 والحرب الأهلية الإنكليزية (1642- 1651)، و"الثورة المجيدة" (1688).

ويحتوي على ساعة "بيغ بن" الأكثر شهرة بالعالم (جاك تايلورGetty) 



أما أبرز الأحداث الميلودرامية في "وستمنستر" فكانت ليلة 16 أكتوبر/تشرين الأول عام 1834، حيث اندلع حريق مدمر في القصر امتد نتيجة اشتعال لوحة في غرفة اللوردات.
وسرعان ما اجتاحت النار القصر بأكمله، ودمرت العديد من مبانيه، من بينها غرفة القديس ستيفن، التي كانت مقراً لاجتماع مجلس العموم.

وفي عام 1836، فاز المصمم البريطاني تشارلز باري، بمسابقة وضع تصاميم لإعادة بناء القصر وفق العمارة القوطية الحديثة، ومنذ ذلك الحين صُنف "وستمنستر" على أنه موقع تراث عالمي ذو قيمة عالمية استثنائية، بإقرار من منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة "اليونيسكو".



(الأناضول)