(قصتي- نادال)..طقوسي قبل المباريات (6)

20 أكتوبر 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار عالم الرياضة ونجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بنجم التنس الإسباني، رافائيل نادال.

أعمل قبل كل مباراة على الانعزال عما يحيط بي، من خلال حركات روتينية لا مرونة فيها. أتناول دائما المعكرونة، دون أية صلصة أو إضافة قد تؤدي إلى عسر هضم، مع زيت الزيتون والملح، وبعض السمك. وأشرب مياهاً.


قبل كل مباراة أستحم بالمياه المثلجة. إنها النقطة التي تسبق نقطة التحول، الخطوة الأولى في المرحلة الأخيرة مما أطلق عليه الطقوس التي تسبق المباراة. عندما أنتهي من الاستحمام أصبح شخصا آخر. أشعر أنني مستعد للانطلاق في حالة "الانسياب" كما يطلق عليها علماء النفس الرياضيون، والتي يكون فيها الجسد في حالة تركيز وتأهب ويتحرك فيها بغريزته، مثل السمك في النهر.

استكمالا لطقوسي، أضع سماعات الأذن كي أستمع إلى الموسيقى. هذا يزيد شعوري بحالة "الانسياب"، لأنعزل بصورة أكبر عن محيطي. أضع الشريط اللاصق الذي يتم لفه حول مقابض المضارب الستة التي أخرج بها إلى الملعب، أفعل ذلك دون الحاجة إلى تفكير.

أتوجه بعد ذلك إلى الحوض، وأبلل شعري بالمياه وبعد ذلك أضع عصابة الرأس على جبهتي. حركة أخرى لا تتطلب أي تفكير، ولكني أقوم بها ببطء وحرص، وأحكم ربطها خلف رأسي، لمنع شعري من السقوط على عيني.

يقوم بعدها أخصائي العلاج الطبيعي رافائيل مايو "تان تان" بوضع شريط لاصق حول أصابع يدي اليسرى، التي ألعب بها. لا شيء جمالي وراء ذلك. بدونها سيقطع جلد أصابعي ويتمزق خلال المباراة.

أقوم بمجموعة من التدريبات العنيفة. أقفز وأركض بسرعة من جانب لآخر في مسافة صغيرة وأتوقف فجأة. وأقوم بلف رقبتي حول محورها والمعصمين وكذلك الكتفين، وأعود بعدها للركض السريع في المسافة الصغيرة، كما لو كنت وحدي في الصالة الرياضية بمنزلي، وسماعات الأذن في رأسي.

في الساعة التي تسبق المباراة أتبول فيها كثيرا، أحيانا خمس أو ست مرات. إنه أمر ناجم عن التوتر.

بعد دخول الملعب، أجلس على المقعد، وأتناول رشفة مياه من زجاجة، وأخرى من ثانية. أكرر دائما هذه الحركات في كل استراحة بين الأشواط إلى أن تنتهي المباراة.

بعدها أضع الزجاجتين بجوار قدمي أمام المقعد على يساري، واحدة وراء الأخرى بشكل مائل على جانب الملعب.

البعض يعتبرها خرافات، ولكنها ليست كذلك. إذا كانت كذلك فلِمَ أقوم بها دائما سواء كسبت أو خسرت؟ إنها طريقة لأضع نفسي في أجواء المباراة، تنظيم محيطي كي يتوافق مع النظام الذي أبحث عنه في ذهني.

الجزء الأخير من الطقوس لا يقل أهمية عن الاستعدادات السابقة. أبحث بين الجماهير عن عائلتي لتحديد موقعهم داخل رأسي. لا أسمح لهم بالتأثير على أفكاري خلال المباراة، ولا لنفسي حتى بالابتسام لهم خلال اللقاء، ولكن معرفة أنهم هناك، كالعادة، يجلب لي السلام الذي يقوم عليه نجاحي كلاعب. أبحث كذلك عن أعضاء فريقي الاحترافيين، الذين أستعين بهم، وجميعهم أصدقاء أعزاء.

المساهمون