قروض مصر .."وكأن حنفية واتفتحت"

24 ديسمبر 2015
حكومة مصر تحمل الأجيال القادمة تبعات فشلها اقتصاديا(فرانس برس)
+ الخط -
تضعنا الحكومة المصرية في قضية التعامل مع الأزمات المعيشية ومشاكل الاقتصاد وعجز الموازنة بين خيارات كلها مرّ، إما رفع الأسعار ومعها زيادة الضرائب والرسوم الحكومية وتخفيض الدعم المقدم خاصة للكهرباء والمياه والسكن والمواد البترولية والصحة، وإما الاعتماد على دول الخليج الثلاثة "السعودية والكويت والإمارات" في الحصول على مساعدات ومنح نقدية ونفطية، وإما الاقتراض الخارجي "والفتح على الرابع" كما يحدث حالياً للحصول على قروض بمليارات الدولارات من مؤسسات مالية عدة، وكأنه لا توجد لديها بدائل وحلول أخرى.

وبعد أن فرغت الحكومة من البديلين الأولين وفقدت الأمل في معالجة الأزمات الاقتصادية عبر زيادة الأسعار والضرائب والدعم النقدي والعيني الخليجي، سارعت نحو البديل الثالث والسهل وهو الاقتراض الخارجي مهما كانت الكلفة والعائد المدفوع عن هذه الأموال والأعباء التي تتحملها الأجيال القادمة.

والملفت للانتباه والعجب هنا أن الحكومة تتفاخر بالحصول على قروض من الشرق والغرب، محملة الأجيال القادمة تبعات فشلها في إدارة الاقتصاد والاستفادة من موارد البلاد الغنية، وكأنها تختار البديل الذي يعد في عرف الدول هو الأقرب لتناول العلقم لأنه يصحبها شروط قد تمس السيادة الوطنية والسلم الاجتماعي في بعض الأوقات.

وتفرغت وزيرة التعاون الدولي سحر نصر، ومعها رئيس الوزراء شريف إسماعيل، في الإدلاء بتصريحات وأحاديث صحافية من وقت لآخر عن أحدث المفاوضات الجارية للاقتراض من المؤسسات المالية الدولية الكبرى، مع التأكيد طبعاً على ترحيب هذه المؤسسات بالإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة ودعمها للمسار السياسي للبلاد، والمقصود هنا بالإصلاحات خفض الدعم ورفع الأسعار وزيادة الضرائب.

وتقف الوزيرة سحر نصر مزهوة مفتخرة حينما تعلن عن نجاح الحكومة في الحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من البنك الدولي، مع التأكيد على أن حجم القرض سيرتفع إلى 8 مليارات دولار خلال 5 سنوات.

كما تتفاخر الوزيرة وحكومتها بالدخول في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 5 مليارات دولار وربما أكثر، مع التذكير هنا بحجم الهجوم الذي لاقته حكومة د. محمد مرسي التي سعت لاقتراض أقل من هذا الرقم في عام 2012.


اقرأ أيضا: 5 أسئلة حول مبادرة الدعم السعودي لمصر

ويتحدث رئيس الوزراء عن مفاوضات ثالثة تجريها حكومته مع البنك الأفريقي للتنمية لاقتراض 2.5 مليار دولار توجه لسداد عجز الموازنة العامة للدولة وسد الفجوة التمويلية للبلاد البالغة 38 مليار دولار.

ولن نتحدث هنا بالتفصيل عن مفاوضات أخرى تجريها الحكومة المصرية مع صناديق ومؤسسات مالية عربية، منها الصندوق السعودي للتنمية والصندوق الكويتي وصندوق النقد العربي وغيرها، إضافة إلى قرض آخر قيمته 1.1 مليار دولار جرى الحصول عليه قبل أيام من البنوك عبر طرح أذون الخزانة.

ببساطة وكأن حنفية من القروض الخارجية "اتفتحت على الآخر"، خاصة ونحن نتحدث عن قروض تفوق العشرة مليار دولار.

قد يقول قائل: وهل هناك بديل آخر متاح أمام الحكومة لمعالجة أزمات الاقتصاد وعجز الموازنة غير الاقتراض الخارجي بعد أن جف الدعم الخليجي أو على الأقل تراجع بشدة؟

نعم هناك بدائل، أبرزها على الإطلاق زيادة الإنتاج الذي سيترتب عليه أمور كثيرة منها الحد من الواردات، وتنشيط الصادرات، وزيادة موارد البلاد من النقد الأجنبي، وإعادة بناء الاحتياطي لدى البنك المركزي، وتوفير فرص عمل لآلاف الشباب والعاطلين، وإعادة فتح المصانع المغلقة.

لكن يبدو أن قصة زيادة إنتاج مصر وتنشيط مصانعها ومتاجرها ومزارعها وحقولها وشركاتها " دمها ثقيل حبتين" على قلب الحكومة، لأنها تحتاج لمجهود كبير وترك الوزراء وأعضاء الحكومة المكاتب الوثيرة والتكييف والنزول للشارع وبحث مشاكل الصناع والمستثمرين والتجار والفلاحين على أرض الواقع.

كما أن زيادة الإنتاج في حاجة لاستقرار سياسي وأمني واجتماعي، لأنه سيترتب على هذا الاستقرار عودة الاستثمارات الأجنبية وزيادة معدلات السياحة والصادرات الخارجية وتحويلات المغتربين.

وقبل أن يسأل هؤلاء أنفسهم قبل طرح السؤال المتعلق بالبدائل المتاحة عليهم طرح سؤال آخر هو: من الذي أوصلنا لهذه الحالة؟ ومن الذي تسبب في تردي موارد مصر من النقد الأجنبي خاصة من قطاعات مهمة مثل السياحة والاستثمارات الخارجية والصادرات؟

اقرأ أيضا: صحيفة: إسرائيل توافق على تصدير الغاز إلى مصر