قروض صغيرة لنساء تونس

09 سبتمبر 2019
تمكّنتا من إطلاق مشروعهما المشترك أخيراً (العربي الجديد)
+ الخط -

بهدف المساهمة في تمكين المرأة التونسية، كان برنامج "رائدة" الذي يؤمّن للراغبات في إطلاق مشاريع خاصة دعماً مادياً وكذلك تدريباً ومتابعة.

في عام 2016، أطلقت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ في تونس برنامج "رائدة" لتمويل مشاريع خاصة بالنساء تهدف إلى مساعدتهنّ على بعث مشاريع والمساهمة في الدورة الاقتصادية، لا سيّما في عدد من المناطق الداخلية، حيث ترتفع نسبة البطالة في صفوف أصحاب الشهادات العالية وغيرهم. وقد أعلنت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ، نزيهة العبيدي، عند انطلاق البرنامج الذي يُنجز بالتعاون مع البنك التونسي للتضامن، أنّه يستهدف الراغبات في إنشاء مشاريع صغرى ومتوسطة مهما كان نوعها.

وقد بلغ عدد المشاريع المموّلة في إطار برنامج "رائدة" لدفع المبادرة الاقتصادية النسائية 3500 مشروع تقريباً، في منتصف مايو/أيار الماضي، بحسب ما صرّحت العبيدي، على أمل بلوغ ثمانية آلاف مشروع بحلول نهاية عام 2020، وذلك بهدف تدعيم الجهود الوطنية لتقليص نسب البطالة، خصوصاً لدى خريجات التعليم العالي. يُذكر أنّ المستفيدات من البرنامج هنّ العاطلات من العمل اللواتي يحملنَ شهادات عالية أو شهادات تكوين مهني، ومن حقّ هؤلاء الحصول على قرض من دون فائدة. كلّ ما يتوجّب عليهنّ القيام به هو التقدّم بطلب للحصول على القرض مع فكرة مشروع وشهادة كفاءة في المجال، شريطة أن يتراوح سنّ المتقدّمات ما بين 19 و59 عاما. وتستفيد صاحبات الشهادات الجامعية أو المؤهلات التقنية العالية بقرض يتخطّى ثلاثة آلاف دولار أميركي ليصل إلى 30 ألفاً، أمّا صاحبات شھادات الكفاءة والتكوین فيستفدنَ من قروض تصل قيمتها إلى ثلاثة آلاف دولار مع فترة سماح ستة أشهر.




ويحرص البرنامج على رفع نسبة تشغيل النساء وتعزيز مساهمتهنّ في الدورة الاقتصادية، وهو يقوم بحسب وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ على مرافقة صاحبات الأفكار وتوجيههنّ وتدريبهنّ لإعداد المشاريع ودراستها، إلى جانب وضع خطط تمويل، عن طريق توفير قروض بشروط ميسّرة لتمويل المشاريع، ومتابعتهنّ حتى مرحلة تنفيذ المشروع واستقراره. يُذكر أنّ 70 في المائة من تمويل المشاريع يقع على عاتق الوزارة، فيما يساهم البنك التونسي للتضامن بنسبة 30 في المائة منه. والمشاريع التي مُوّلت حتى اليوم شملت حرفاً تونسية تقليدية، من قبيل صناعة الخزف والفخّار والخياطة، إلى جانب مشاريع زراعية مثل تربية الأبقار أو الأرانب أو الدواجن. كذلك مُوّلت مشاريع أخرى من قبيل مدارس خاصة وبعض الصناعات الغذائية.

 استفادت من فرصتها قبل فوات الأوان (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

تقول مستشارة وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ المكلفة بالتمكين الاقتصادي للمرأة، هالة أورير، لـ"العربي الجديد"، إنّ "البرنامج الذي انطلق قبل ثلاثة أعوام مكّن مئات النساء من بعث مشاريع صغرى في جهات عدّة، وتلك المشاريع بمعظمها ذات صبغة تجارية أو حرفية وفق تكوين كلّ امرأة على حدة. وقد ساهم ذلك في خلق مواطن شغل لكثيرات، فتحنَ بدورهنّ أبواب الشغل أمام نساء أخريات عاطلات من العمل". تضيف أورير أنّ "البرنامج اشترط تلقّي كلّ راغبة في قرض، تدريباً مهنياً في أيّ حرفة ترغب في امتهانها. ويستمرّ التدريب ثلاثة أشهر لضمان نجاح المشروع".

تجدر الإشارة إلى أنّ عشرات النساء اللواتي تلقّينَ تدريباً مهنياً وقدّمنَ طلبات للحصول على قروض ما زلنَ ينتظرنَ موافقة البنك التونسي للتضامن منذ أكثر من عام. رفيقة واحدة من هؤلاء، تخبر "العربي الجديد": "قدّمت طلباً للبنك بعد خضوعي إلى تدريب مهني في تربية الأرانب وحصولي على شهادة. لكنّ الإجراءات المصرفية معقدّة كثيراً وتستوجب تقديم مستندات كثيرة بالإضافة إلى مصاريف تقديمها". وتشير إلى أنّ "نساء كثيرات واجهنَ الصعوبات نفسها، وما زلنَ حتى اليوم ينتظرنَ الموافقة على التمويل منذ عام أو أكثر".



من جهتها، تلقّت ابتهال كتاري، منذ أكثر من ستة أشهر، تدريباً في طلاء الجدران، وقدّمت طلباً للحصول على مبلغ بسيط لا يتجاوز 800 دولار. لكن، بحسب ما تقول لـ"العربي الجديد" فإنّ "طلبي رُفض أكثر من مرّة بسبب صعوبة الإجراءات وطلب مستندات عدّة، علماً أنّني كنت صرفت نحو 30 دولاراً لكلّ طلب جديد". وتلك المصاريف لا تفوق قدرة كتاري فحسب، بل كذلك نساء أخريات كثيرات. وتلفت كتاري إلى أنّ "ثمّة مشاريع تتطلب وقتاً حتى تستقرّ وتنتج، والعراقيل التي نواجهها جعلت نساء منّا يتراجعنَ عن مشاريعهنّ". وفي هذا السياق، توضح أورير أنّ "ثمّة إجراءات تستلزم وقتاً أطول، لا سيّما أنّ البنك في حاجة إلى التثبّت من كل الشروط والمستندات اللازمة، مع التأكد من نجاعة المشروع بحسب اختصاص كلّ امرأة وما تحتاجه فعلاً لاستمرار مشروعها".
دلالات
المساهمون