واختصمت الدعوى، كلاً من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ووزراء الدفاع، والخارجية، والداخلية، والمحامين، خيري إبراهيم أبو كيلة، وأشرف حافظ فرحات، وياسمين صلاح عفيفي.
وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، المنعقدة بعابدين، حكمت بانعدام حكم "الإدارية العليا" وأسبابه القاضي ببطلان اتفاقية تيران وصنافير، واستمرار تنفيذ حُكم سريان اتفاقية ترسيم الحدود، بناءً على الدعوى التي رفعها المحامون الثلاثة.
وبصدور هذا الحكم يستمر النزاع القضائي على قضية تيران وصنافير بين مجلس الدولة من ناحية، ومحكمة الأمور المستعجلة من ناحية أخرى، حيث صدرت من كليهما أحكام متناقضة بشأن الرقابة القضائية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
ومن المتوقع أن يستمر هذا النزاع لحين فصل المحكمة الدستورية في دعوى فض تناقض الأحكام المقامة من الحكومة بهذا الشأن، والتي مازالت قيد التحضير ولم تُحلْ لهيئة المفوضين لإعداد تقرير بها.
ويرى بعض الخبراء القانونيين أن موافقة البرلمان على الاتفاقية تنهي أي أمل مستقبلي لمصر في اللجوء إلى التحكيم الدولي لاسترداد الجزيرتين من السعودية إلا إذا أثبت أي نظام مصري قادم أن غشاً وتدليساً قد جرى لإقرارها، بينما يرى آخرون أن على معارضي الاتفاقية الاستمرار في نضالهم القانوني سواء باستصدار أحكام من مجلس الدولة بعدم سلامة الاتفاقية وبطلان قرار الحكومة بإحالتها للبرلمان بالمخالفة لحكم القضاء، أو الحصول على تصريح للطعن عليها بعد إصدارها أمام المحكمة الدستورية، باعتبارها أصبحت في حكم القانون.
ويعتبر الرأي الثاني أن تعدد إصدار هذه الأحكام ستكون له حجيّة لدعم أي تحرك مصري مستقبلي، على الرغم من أن القضاء الدولي لم يلغِ من قبل أي اتفاقية دولية لوجود أخطاء في تطبيق التشريع الداخلي للدولة الطرف، طالما كان الاتفاق قد تم إقراره من السلطة التشريعية المختصة بذلك.
ويقول مصدر قضائي بمجلس الدولة إن المسارين الأساسيين للقضية سيقتصران على المحكمة الدستورية ومجلس الدولة؛ فالمحكمة الدستورية أمامها منازعة التنفيذ المقامة من الحكومة لإلغاء حكم مصرية الجزيرتين، ودعوى تنازع الأحكام المقامة من الحكومة أيضاً بحجة تناقض الأحكام الصادرة من مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة، كما ستكون المحكمة الدستورية هي المآل الأخير لأي دعوى جديدة يرفعها معارضو الاتفاقية بعد صدورها.
أما مجلس الدولة الذي أهدر البرلمان أحكامه فأمامه عدد من الدعاوى التي قد تعمق الأزمة بينه وبين النظام الحاكم؛ الأولى هي الخاصة ببطلان إحالة الاتفاقية إلى البرلمان وإذا صدر حكم فيها بالبطلان أو الإحالة للدستورية سيكون مجلس الدولة قد اتخذ خطوة جديدة للتصعيد، والدعوى الثانية هي التي أقامها المحامي خالد علي لحل البرلمان باعتباره فاقداً لمشروعيته بتفريطه في وحدة أراضي الدولة، وهي قضية ذات طبيعة سياسية بحتة لأن من شأنها إلصاق اتهامات خطيرة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والبرلمان.
وأوضح مصدر بمجلس الدولة أن محاكم المجلس لن تتخذ إجراءات في الدعاوى المقامة أمامها إلاّ بعد استبيان نوايا النظام تجاه المجلس على عدة أصعدة، أبرزها تعيين رئيسه الجديد بعدما رشح المجلس اسماً واحداً هو المستشار يحيى دكروري صاحب حكم بطلان التنازل عن الجزيرتين مما يمنح السيسي نظرياً الحق في اختيار أي قاضٍ من أقدم 7 قضاة لرئاسة المجلس، أما الصعيد الثاني فيتمثل في النوايا الحكومية والتشريعية التي تتداول الصحف أنباءها بشأن الانتقام من مجلس الدولة، كإلغاء ندب قضاته للهيئات الحكومية ومقترح إلغاء المجلس وتأسيس قضاء موحد، رغم أن هذا المقترح يتطلب تعديلاً واسعاً في الدستور.
وشدد المصدر على أن محاكم المجلس أدت ما عليها في قضية تيران وصنافير، لكن الاتجاه المسيطر عليها الآن هو التهدئة لحين ظهور نوايا السلطة، وما إذا كانت قد صنفت المجلس سياسياً مما قد يهدد بقاءه مستقبلاً.