ليس القرار الأميركي بإعلان القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل مفاجئاً، فمن المفترض أنه كان متوقعاً منذ سنوات، حتى ما قبل إقرار القانون الخاص بالقدس في الكونغرس عام 1995. فالانحياز الأميركي لدولة الاحتلال هو أقدم من ذلك بكثير، ومحاولة لعب دور الوسيط النزيه ما كانت لتنطلي على أحد، حتى على الأنظمة التي انخرطت في العملية السلمية بقيادة الولايات المتحدة، وفي مقدمتها السلطة الفلسطينية، التي أعلنت أخيراً اكتشاف أن الولايات المتحدة وسيط غير نزيه، متناسية كل مسارات الضغط الذي قامت بها واشنطن، وفي عهود إدارات مختلفة، لدفع الفلسطينيين إلى تقديم تنازلات والتغاضي عن كل الانتهاكات للقوانين الدولية التي كانت ولا تزال تقوم بها إسرائيل.
لا شيء مفاجئاً في القرار الأميركي الذي سعى إلى تكريس الأمر الواقع في السياسة والجغرافيا، بل هو كشف للوجه الحقيقي للإدارة الأميركية من دون رتوش كان يؤمّنها العديد من الرؤساء السابقين. ترامب هو سياسة واشنطن من دون مساحيق التجميل هذه. سياسة البلطجة والترهيب من دون أي اعتبارات لمكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى على الساحة الدولية. هذا ما تم اعتماده على سبيل المثال في التعاطي مع مشروع القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يهدف إلى إبطال قرار ترامب الخاص بالقدس. ورغم رمزية القرار، وعدم وجود أي آلية لتنفيذه، إلا أنه استنفر الولايات المتحدة ودفعها إلى رفع عصا العقوبات الاقتصادية في حق كل دولة تصوت معه.
لكن ليس الوجه الأميركي وحده الذي كُشف على حقيقته، هناك العديد من الوجوه أيضاً في المنطقة تتماهى بقوة مع سيد البيت الأبيض في مواقفه تجاه فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص، وهي لم تتوانَ عن التقليل من أهمية ما أعلن عنه ترامب، ومضت في التحضير للصفقات السياسية والاقتصادية مع الإدارة الأميركية وكأن شيئاً لم يكن. أيضاً هذه الوجوه، وعلى غرار الولايات المتحدة، لم تعد تخجل مما تفعل، بل باتت تعلن صراحة أن فلسطين لم تعد قضية أساسية، وهناك قضايا أخرى تراها أكثر إلحاحاً. هذا ما اختصره وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، في تغريدة في الحادي والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول، عشية التصويت على مشروع القرار في الأمم المتحدة. تغريدة لا تعبر عن موقفه أو موقف دولته وحسب، بل عن محور بات ممتداً في المنطقة العربية، ويشمل دول الخليج الأساسية. فبرأي بن أحمد "ليس من المفيد افتعال معركة مع الولايات المتحدة حول قضايا جانبية، بينما نقاتل معاً الخطر الواضح للجمهورية الثيوقراطية الفاشية الإسلامية"، في إشارة إلى إيران.
التغريدة تقول الكثير، وتختصر الاستراتيجية الكبرى التي تتبعها هذه الدول العربية وهي التي مهدت لقرار ترامب، فبالنسبة إليها ستكون إسرائيل قريباً الحليف في مواجهة إيران، أما فلسطين وقدسها فقضية هامشية.
غير أن واقع الحال السياسي العالمي والهبات الشعبية في العديد من الدول العربية والإسلامية، وحتى في أوروبا، يؤكدان غير ذلك، إذ لا تزال فلسطين قضية مركزية "شاء من شاء وأبى من أبى".
لا شيء مفاجئاً في القرار الأميركي الذي سعى إلى تكريس الأمر الواقع في السياسة والجغرافيا، بل هو كشف للوجه الحقيقي للإدارة الأميركية من دون رتوش كان يؤمّنها العديد من الرؤساء السابقين. ترامب هو سياسة واشنطن من دون مساحيق التجميل هذه. سياسة البلطجة والترهيب من دون أي اعتبارات لمكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى على الساحة الدولية. هذا ما تم اعتماده على سبيل المثال في التعاطي مع مشروع القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يهدف إلى إبطال قرار ترامب الخاص بالقدس. ورغم رمزية القرار، وعدم وجود أي آلية لتنفيذه، إلا أنه استنفر الولايات المتحدة ودفعها إلى رفع عصا العقوبات الاقتصادية في حق كل دولة تصوت معه.
لكن ليس الوجه الأميركي وحده الذي كُشف على حقيقته، هناك العديد من الوجوه أيضاً في المنطقة تتماهى بقوة مع سيد البيت الأبيض في مواقفه تجاه فلسطين بشكل عام والقدس بشكل خاص، وهي لم تتوانَ عن التقليل من أهمية ما أعلن عنه ترامب، ومضت في التحضير للصفقات السياسية والاقتصادية مع الإدارة الأميركية وكأن شيئاً لم يكن. أيضاً هذه الوجوه، وعلى غرار الولايات المتحدة، لم تعد تخجل مما تفعل، بل باتت تعلن صراحة أن فلسطين لم تعد قضية أساسية، وهناك قضايا أخرى تراها أكثر إلحاحاً. هذا ما اختصره وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، في تغريدة في الحادي والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول، عشية التصويت على مشروع القرار في الأمم المتحدة. تغريدة لا تعبر عن موقفه أو موقف دولته وحسب، بل عن محور بات ممتداً في المنطقة العربية، ويشمل دول الخليج الأساسية. فبرأي بن أحمد "ليس من المفيد افتعال معركة مع الولايات المتحدة حول قضايا جانبية، بينما نقاتل معاً الخطر الواضح للجمهورية الثيوقراطية الفاشية الإسلامية"، في إشارة إلى إيران.
التغريدة تقول الكثير، وتختصر الاستراتيجية الكبرى التي تتبعها هذه الدول العربية وهي التي مهدت لقرار ترامب، فبالنسبة إليها ستكون إسرائيل قريباً الحليف في مواجهة إيران، أما فلسطين وقدسها فقضية هامشية.
غير أن واقع الحال السياسي العالمي والهبات الشعبية في العديد من الدول العربية والإسلامية، وحتى في أوروبا، يؤكدان غير ذلك، إذ لا تزال فلسطين قضية مركزية "شاء من شاء وأبى من أبى".