قراءة إيرانية للخطوات السعودية: محاولة لحصارنا عربياً... ولا وساطة

05 يناير 2016
الجبير يعلن قطع العلاقات مع إيران (أحمد فروان/فرانس برس)
+ الخط -
الأزمة بين إيران والسعودية لن تقف عند قطع العلاقات الدبلوماسية، بل هي مرشحة للتصاعد، فالتراشق السياسي بين الطرفين في بداياته. كما أن إيقاف عمل البعثات الدبلوماسية، لم ينحصر بين طهران والرياض، بل اتسعت دائرته ليصل قطرها إلى دول خليجية وعربية أخرى، قررت التضامن مع المملكة التي ندّدت، وبشدة، بخطوة اقتحام محتجين إيرانيين لمقرّ سفارتها في العاصمة الإيرانية، احتجاجاً على إعدام الشيخ نمر النمر.

ردّت طهران وبشكل مباشر، على التصريحات السعودية التي اتهمتها بـ"التقصير في حماية البعثة الدبلوماسية"، ولكنها لم تتخذ أي خطوة مباشرة بالمقابل. ودافع المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسين جابر أنصاري، عن سياسات بلاده، قائلاً إن "السلطات الإيرانية أمّنت موقع السفارة وأخرجت المحتجين منها، بل حاسبت بعضهم"، مضيفاً أن "قرار المملكة بقطع العلاقات أتى بعد أن عاد الهدوء لموقع السفارة السعودية".

وقد علّقت الرئاسة الإيرانية بدورها على الأمر، من خلال تصريح صدر على لسان النائب الأول للرئيس اسحاق جهانغيري، الذي اعتبر أن "السعودية هي الطرف المتضرر من قطع العلاقات مع إيران لا العكس". وهو تصريح يشبه ما صدر كذلك عن السلطة القضائية الإيرانية، وكل هذا يصب لصالح التوقعات التي تشير إلى احتمال وقوع تدهور مستقبلي أكبر بين البلدين، وربما بين إيران وأطراف أخرى كذلك.

اقرأ أيضاً: إيران الأولى عالمياً في تنفيذ الإعدام نسبةً لعدد سكانها 

تعامل المسؤولون الإيرانيون مع القرار السعودي وقرارات الدول العربية التي تبعته، من منطلق أن "الأطراف الأخرى هي التي تريد التصعيد، بغرض عزل إيران عن دول المنطقة". ويرى المسؤولون أنها "ليست المرة الأولى التي تتعرّض فيها سفارة في العالم لهذا الأمر"، وهو ما نقلته المواقع الرسمية عن الخارجية الإيرانية كذلك، التي أكدت في بداية الأمر، أنها لا تريد التصعيد أو المزيد من التشنّج.

من جهته، يشير عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، محمد حسن آصفري، إلى أن "بلاده لا يهمها أن تستمر بعلاقات دبلوماسية وسياسية من هذا النوع مع الرياض، التي باتت تختلف مع طهران بكل شيء تقريباً". ويضيف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، عقب اجتماع للجنة الأمن القومي، أن "الاجتماع لم يبحث الموضوع السعودي بشكل خاص، ولكنه ذكر أن الكل يجمعون على أن الرياض تحاول التملّص من مسؤولياتها وتجنّب تحمّل نتيجة دعم الإرهاب في المنطقة، والتهرّب من استكمال التحقيقات المتعلقة بحادثة التدافع في منى، التي أدت لمقتل مئات الإيرانيين".

ويتوقع الخبراء المزيد من التراشق والتصعيد السياسي، ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، محمد مرندي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أيضاً أن "بين طهران والرياض العديد من الخلافات والمشاكل على غالبية الملفات، وبعد هذه الخطوة التصعيدية ستشدد إيران على مواقفها ولن تتراجع". ويضيف مرندي أن "إيران تعتبر أنه على السعودية التراجع عن مواقفها في اليمن وفي سورية، ومن دون تحقق هذا الشرط سيكون المزيد من التوتر هو سيد الموقف".

من جهته، يعتبر الباحث في الشؤون الإيرانية، حسن هاني زاده، أنه "من المبكر الحديث عن وساطة روسية أو عمانية بين إيران والسعودية، في محاولة لتقريب الطرفين اللذين باتا يتزعمان قطبين مختلفين في كل شيء تقريباً في المنطقة". ويبرّر هاني زاده كل هذا التصعيد، لـ"العربي الجديد"، بأن "بعض الأطراف من دول مجلس التعاون الخليجي، تريد إضعاف التيار الذي تقوده إيران في المنطقة، والذي يؤدي دوراً حساساً في قضايا استراتيجية عالقة على الساحة".

ويرى الإيرانيون أن "الوضع الغربي مع إيران لن يتغيّر"، وقد تُرجم الأمر عملياً، وفقاً لهم، بزيارة وزير الخارجية الدنماركي كريستيان ينسن لطهران، وعقده مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، أكدا خلاله على رفع مستوى التعاون الاقتصادي، وتطوير التعاون والتفاهم لأجل دعم الحرب على الإرهاب في المنطقة. وذلك في الوقت الذي أعلنت فيه السعودية قطع العلاقات مع إيران. ولم يتطرّق ظريف في تصريحاته لموضوع علاقات بلاده مع السعودية، ولكنه شدّد على أن "إلغاء الحظر المرتقب عن طهران بموجب الاتفاق النووي ذاته، يعني فتح باب التعاون الإيراني مع الآخرين على مصراعيه".

ميدانياً، واصل الداخل الإيراني التصعيد ضد الخطوة السعودية والخطوات الخليجية والعربية من بعدها، فاستمرت الاحتجاجات على إعدام النمر، وكانت تظاهرة أمس، البعيدة عن مقرّ السفارة السعودية هذه المرة، ضمن السياق. كما ركّزت الصحف والمواقع الإيرانية بدورها، على ما اعتبرته "سياسات تبنّتها السعودية وأطراف إقليمية أخرى بهدف إضعاف الدور الإيراني".

وقد حمّلت وكالة "أنباء فارس" الإيرانية، المعروفة باتجاهها المحافظ المتشدّد، السعودية مسؤولية التفجير الذي وقع أمام السفارة الإيرانية في بيروت نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013، وأودى بحياة ملحقها الثقافي ابراهيم أنصاري آنذاك، فضلاً عن عشرات القتلى الآخرين والمصابين. وذكرت الوكالة أنه "من المستغرب عدم اتخاذ خطوات تجاه هذا الأمر، بينما قررت السعودية قطع علاقات بلادها مع إيران بعد انتهاء اقتحام السفارة، ومعالجة السلطات للأمر. وهو ما يعني وجود أسباب أخرى لهذا التصعيد بحسب ما يرى كثر في الداخل الإيراني أيضاً".

اقرأ أيضاً: الذهب يقتنص التوترات بين السعودية وإيران ويرتفع 1%

المساهمون