ويعتبر مركز "أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي أن نتائج الانتخابات مثّلت إسناداً للرئيس حسن روحاني، ودلّت على أن التوقيع على الاتفاق النووي عزّز من مكانته السياسية، بعدما أفضى هذا الاتفاق إلى رفع العقوبات التي كانت مفروضة على إيران. وفي ورقة بحث نشرها المركز، أخيراً، على موقعه، وأعدتها الباحثة سيما شاين، فإنّ نتائج الانتخابات دلّت على تعزيز قوة التيار "المعتدل" نسبياً على حساب القوى المحافظة والمتشددة. ويستبعد المركز الذي يعدّ من أهم أوساط التقدير الاستراتيجي في إسرائيل، أن تؤثر نتائج الانتخابات على طابع السياسات الإقليمية التي تنتهجها إيران، لا سيما في كل ما يتعلق بتورطها في سورية، والعراق، واليمن ولبنان، على اعتبار أن الجهة ذات التأثير القوي في هذا الملف هي الحرس الثوري الإيراني.
وبحسب المركز، لا توجد أية مؤشرات تدل على وجود أي توجّه لدى الحرس الثوري لتغيير نمط التعاطي الإيراني مع الإقليم. وأعادت الورقة للأذهان، حقيقة أن المرشد الأعلى، علي خامنئي، حظّر على الوفد الإيراني الذي كان يفاوض الدول العظمى بشأن البرنامج النووي الإيراني طرح التدخل الإيراني في الإقليم كجزء من القضايا التي تطرّقت إليها المفاوضات.
وتلفت ورقة البحث إلى أنّ نتائج الانتخابات لن تفضي إلى إحداث تغيير جوهري في طابع المواقف الرسمية الإيرانية من إسرائيل في الوقت الحالي، إذ إنّه لا يوجد فرق بين المواقف التي يتبنّاها التيار المحافظ من إسرائيل وتلك التي يطلقها التيار "المعتدل". ويسترجع البحث حقيقة أنّ "الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني، والذي يعدّ من المعتدلين، هو الذي قال "إنّ قنبلة نووية واحدة تكفي لتدمير إسرائيل".
اقرأ أيضاً: إيران: تحوّلات البرلمان ومجلس خبراء القيادة بعد الانتخابات
وتشدّد الورقة على أن نتائج الانتخابات الأخيرة لا تدل على انتهاء المواجهة بين الفرقاء داخل إيران، مشيرة إلى أن القوى المحافظة لن تسلّم بأية خطوة يمكن أن يقدم عليها روحاني وتمسّ نفوذها الاقتصادي، ويؤثر على التدخل المكثّف في الشأن العراقي والسوري واللبناني واليمني. وتستدرك معدّة الورقة أنه في المدى المتوسط والبعيد، وفي حال تمكّن روحاني من إثبات نجاح برنامجه الاقتصادي الذي يقوم على الانفتاح على الغرب، فإنه سيكون بإمكان إسرائيل، حينها، الطلب من الدول الغربية الضغط على طهران لإبداء مرونة واعتدال على مواقفها منها.
بدوره، يعتبر نائب رئيس مركز "أبحاث الأمن القومي" إفرايم كام، أنّ الإنجازات التي حققها الإصلاحيون في الانتخابات الأخيرة ترجع بشكل أساسي إلى رهانات الجمهور الإيراني على عوائد السياسة المرنة و"المعتدلة" التي انتهجها روحاني، والتي أفضت إلى رفع العقوبات عن إيران.
وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، أخيراً، يشير كام الذي يعدّ من أهم الخبراء الإسرائيليين في الشأن الإيراني، إلى أن ما يفاقم من أهمية الانتخابات الأخيرة حقيقة أن هناك أساساً للاعتقاد أن مجلس الخبراء الجديد سيتولى انتخاب خليفة للمرشد الحالي، على اعتبار أن سنّ خامنئي ومرضه يدلّان على أنه سيغادر الحلبة قريباً. ويستدرك كام حديثه بالقول إنّ الحرس الثوري سيجد الطريقة المناسبة للتأثير على انتخابات المرشد المقبل، بحيث يكون من الصف الذي يمثّله.
من ناحيته، يرى القائد السابق للواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات، الجنرال يعكوف عامي درور، والذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن التنافس في الانتخابات الإيرانية تمّ بين المتشددين والأقل تشدداً، مدّعياً أنه لم يتم السماح لـ"المعتدلين" بالمشاركة في الانتخابات. وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، أخيراً، أوضح درور أن خامنئي لم يسمح أصلاً لكل من لم يعلن تأييده المطلق للنظام بالترشح للانتخابات، مشيراً إلى أنّ نقطة الخلاف الوحيدة بين المحافظين المتشددين والأقل تشدداً تتعلق بالتكتيك للتوصل إلى الهدف المشترك.
ويستدرك درور كلامه قائلاً إن هناك احتمالاً أن تفضي نتائج الانتخابات على المدى البعيد إلى إحداث تغيير في السياسات العامة لإيران، على الرغم من أن المؤشرات لا تدلّ على ذلك في الوقت الحالي. ويضيف درور أنه في حال أثبتت سياسات روحاني نفسها، فمن غير المستبعد أن يرى نفسه مرشحاً لخلافة المرشد الحالي، على اعتبار أنه رجل دين.
اقرأ أيضاً: علي أكبر صالحي لـ"العربي الجديد": نواصل نشاطاتنا النووية بالكامل