وحذّرت هذه النخب من أن تصريحات ترامب قد تفضي إلى تعاظم العداء لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، في حال أدى التواجد الأميركي في المنطقة إلى المسّ بالجنود الأميركيين.
وقال المستشرق إيال زيسر، رئيس قسم الدراسات الشرقية في جامعة "تل أبيب"، إن ترامب يحرص على التذرع بمصالح إسرائيل لكي يواجه الضغوط التي يمارسها عليه أعضاء الكونغرس لاتخاذ موقف صارم إزاء نظام الحكم السعودي في أعقاب اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، إلى جانب التصدي للتوجهات الانعزالية التي تتعاظم داخل الحزب الجمهوري، والتي تعكسها الدعوات إلى الانكفاء على الذات وعدم التدخل في شؤون العالم.
وحذّر زيسر، في مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، من أن تصريحات ترامب يمكن أن تسهم في جعل قطاعات واسعة من الرأي العام الأميركي ترى أن إسرائيل مسؤولة عن إهدار مخصصات ضخمة تنفقها واشنطن على تطبيق سياساتها الخارجية، علاوة على تحميل تل أبيب المسؤولية عن سقوط جنود أميركيين في المواجهات الدائرة في المنطقة.
ودعا إلى تحرك دعائي إسرائيلي لاحتواء تأثيرات تصريحات ترامب، ولفت نظر الأميركيين إلى أن إسرائيل "ليست فقط قادرة على الدفاع عن نفسها وحدها، بل إنها أيضا تسهم في الحفاظ على المصالح الأميركية".
بدوره، قال المعلق العسكري عاموس هارئيل، إن تصريحات ترامب يمكن أن تمثل "وقوداً يشعل نار معاداة السامية، بحيث تدفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأن اليهود هم من يتحكمون في السياسة الخارجية الأميركية".
وأوضح هارئيل، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، أن تصريحات ترامب تمثل "سهما سيرتد إلى قلب إسرائيل"، مبيناً أن "الرئيس الأميركي يحاول إخفاء دوافعه الحقيقية، وعلى رأسها رغبته في عدم المسّ بولي العهد السعودي في أعقاب قضية خاشقجي، إلى جانب تبرير قراره بزيادة عدد الجنود الأميركيين في سورية إلى 4000 جندي".
وحسب هارئيل، فإنه من غير المستبعد أن يكون ترامب قد هدف أيضاً إلى التأثير على توجهات الناخبين اليهود الأميركيين، في مسعى لإقناع قطاع منهم بالتصويت له في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجرى في عام 2020.
أما يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف"، فقد أكد أن ترامب أضر بإسرائيل عندما قال إنه "ليس النفط الذي يدفع واشنطن للقاء في الشرق الأوسط، بل الحرص على المصالح الإسرائيلية".
وأشار ميلمان في مقال، الخميس الماضي، إلى جهات متطرفة في اليمين الأميركي يمكن أن تعمد إلى استغلال تصريحات ترامب في مهاجمة إسرائيل وتبرير دعاواها اللاسامية في حال تعرضت مصالح الولايات المتحدة وجنودها للخطر في الشرق الأوسط.
وطالب بأن يعلن ترامب أن الهدف الرئيسي للوجود الأميركي هو منع إيران من التوسع في المنطقة.
واستدرك ميلمان قائلاً إن هناك إجماعا داخل الجيش والمجمع الاستخباري الإسرائيلي بأن الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وتحديداً في سورية، مهم جداً لمصالح إسرائيل، على اعتبار أنه يمثل مركز ثقل مضاد للوجود الروسي، ويسهم في ردع الإيرانيين عن التمركز في المنطقة.
أما وزير القضاء الإسرائيلي الأسبق، يوسي بيلين، فقال إنه "لا يمكن قبول جزم ترامب بأن إسرائيل ستكون في مشكلة من دون نظام الحكم السعودي"، داعياً تل أبيب إلى أن "تتدبر نفسها من دون خدمات هذا النظام".
وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، الأربعاء الماضي، هاجم بيلين، بن سلمان، مشيراً إلى أنه أسهم في تقليص فرص التوصل إلى تسوية للصراع مع الشعب الفلسطيني، من خلال "تضليله إدارة ترامب وإقناعها بأنه يمكن لأنظمة الحكم العربية التوصل إلى تسوية مع إسرائيل من خلال تجاوز الفلسطينيين".
وبيّن أن ولي العهد السعودي عرض خدماته على واشنطن لكي يضغط على القيادة الفلسطينية لإجبارها على التنازل عن "خطوطها الحمراء".