تقدمت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" بشكوى إلى المقرر الخاص بالقتل خارج إطار القانون في الأمم المتحدة، في جرائم الأجهزة الأمنية المصرية في حق المدنيين العزل بشكلٍ عام، وخصت بالذكر الجريمة الأخيرة التي وقعت، أمس الأربعاء، عندما قتلت قوات الشرطة عدداً من قيادات جماعة الإخوان المسلمين المعارضة للنظام داخل شقة سكنية في إحدى مدن محافظة الجيزة دون أسباب واضحة.
وكانت شكوى وصلت المنظمة عن اعتقال عدد من قيادات الجماعة، صباح أمس، من إحدى الشقق السكنية في مدينة السادس من أكتوبر في محافظة الجيزة، وفق ما أكدته رواية أسر الضحايا، وبعد ساعات تواردت أخبار من بعض وسائل الإعلام الموالية للنظام المصري على لسان مصادر أمنية مصرية عن "تصفية 9 من قيادات الجماعة داخل شقة سكنية".
وفي نهاية اليوم الدامي، نشرت وزارة الداخلية المصرية صوراً للمداهمة على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، قالت فيها، إنها داهمت وكراً لتنظيم متهم في أعمال تخريبية وإرهابية في شقة سكنية في مدينة السادس من أكتوبر، وأضافت، أنها استصدرت إذناً من نيابة أمن الدولة العليا باعتقالهم، وأنه "حال اقتراب القوات من وكر التنظيم المشار إليه بادرت العناصر المتواجدة به بإطلاق النيران على القوات التى قامت بالرد السريع على مصدر النيران".
الصور التي نشرتها وزارة الداخلية، أوضحت بعض الخلل في الرواية الرسمية، فصورة المبنى، الذي نشرته الصفحة، الذي كان فيه الضحايا لم تظهر عليها أية آثار لحدوث اشتباك كما قالت الوزارة في بيانها، وصور الضحايا أوضحت أن الطلقات في أماكن متفرقة كالرأس وأسفل الوجه والبطن والظهر والأكتاف، وبعض تلك الرصاصات يصعب أن تكون ناجمة عن اشتباكات، فالإصابات تلك تنبغي التملك من الضحية لإصابتها في تلك الأماكن، كما أن شهادات بعض قاطني المنطقة أكدت أنهم لم يسمعوا صوت إطلاق نار، طيلة اليوم، ما يعني أن القوات الأمنية لم تشتبك مع الضحايا.
Posted by الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية on Wednesday, 1 July 2015 |
وأكدت أسر الضحايا إبان تسلمهم الجثامين من مشرحة زينهم، أن أصابع الضحايا تحوي آثار بصمات صحيفة الحالة الجنائية "الفيش والتشبيه"، وهو ما وضح، أيضاً، بالصور التي نشرتها وزارة الداخلية المصرية، ما يثبت رواية الأهالي، إنه تم اعتقالهم ومن ثم قتلهم.
ويبدو بحسب تلك المشاهد أن الضحايا تم اعتقالهم واقتيادهم إلى مكان غير الشقة السكنية تم تصفيتهم فيه، ومن ثم أعيدوا إلى الشقة لالتقاط بعض الصور لهم وهم قتلى، وتعضد الأسر ذلك السيناريو.
وظهرت آثار تعذيب على أجساد الضحايا، أوضحته كذلك بعض تصاريح الدفن للضحايا "هشام خفاجي"، و"ناصر الحافي"، و"طاهر إسماعيل"، حيث قالت، إن سبب الوفاة طلقات نارية وكسور في العظام وتهتك في الأحشاء، أما بالحديث عن الأسلحة التي تم تصويرها بجانب الضحايا فتشير المنظمة إلى شكها في كون تلك الأسلحة "ميري" أي أنه يستحيل على أحد غير القوات الأمنية امتلاكها.
وبحسب جماعة الإخوان المسلمين، فكانت لجنة من قادتها قد اجتمعت لبحث سبل إعاشة أسر المعتقلين والشهداء ومناقشة أحوال المعتقلين، فيما تمكنت المنظمة من التوصل إلى أسماء 9 أشخاص من الذين تمت تصفيتهم بالأمس، فيما لم تصل بعد إلى معلومات مؤكدة عن الـ4 الآخرين الذين حضروا الاجتماع ما إذا كانوا رهن الاعتقال أم تمت تصفيتهم مع زملائهم، كما قال مسؤولون أمنيون في مباحث الجيزة في وسائل الإعلام.
اقرأ أيضاً:الآلاف يتظاهرون ضد السيسي في تشييع قياديين في "الإخوان"
والضحايا هم: "ناصر الحافي- المحامي وعضو مجلس الشورى السابق عن القليوبية، والمسؤول القانوني للجنة"، و"عبدالفتاح محمد إبراهيم- مسؤول لجنة الإعاشة"، و"جمال خليفة- من المنوفية"، و"طاهر محمد إسماعيل- طبيب بشري من القليوبية"، و"هشام الدسوقي خفاجي- عضو مجلس الشعب السابق عن القليوبية"، و"معتصم أحمد العجيزي- من المحلة"، و"هشام زكي ودح– محامي من مدبنة زفتى"، و"أسامة أحمد الحسيني"، و"السيد يوسف السيد".
— mohamed abd elwahed (@m_elwahed) July 1, 2015 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وأشارت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" إلى عدم جواز أن تعتبر الشرطة المصرية نفسها قاضياً وجلاداً بالإضافة إلى عملها، فوضح أنها باتت تتحرى عن الجريمة وتصدر حكماً وتنفذه في أنٍ واحد، فإن كان الضحايا متهمين في أعمال تخريبية وإرهابية كما زعم الأمن المصري، فكان يمكن اعتقالهم لمسائلتهم قانونياً عن تلك الاتهامات، وتستطيع الشرطة إن أرادات أن تلقي الغاز عليهم لتعتقلهم أو تشل حركتهم بطلقات الخرطوش إن كان يمتلكون سلاحاً بالفعل، ولا تصيبهم بطلقات قاتلة، لأن لهم الحق في المحاكمة العادلة.
وأضافت المنظمة في شكواها، أنها تخشى أن تكون السلطات المصرية هوت القتل واستساغته، فبشكل أسبوعي يقع عشرات الضحايا نتيجة القتل خارج إطار القانون، وتزداد أعداد القتلى على يد جهاز الشرطة. الدولة المصرية أثبتت بشكلٍ قاطع أنها لم تعد تحترم حق المواطن في الحياة أو حقه في حرية الرأي والتعبير، أو حقه في حياة كريمة، أو حق الأمان، وغيرها من الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بحماية حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وطالبت المنظمة، أيضاً، بتدخل دولي للوقوف على الجرائم التي أصبحت هواية تمارسها الشرطة المصرية في حق معارضي النظام، وباتت تضرب بعرض الحائط كافة القوانين والمعاهدات الإنسانية الإقليمية منها والدولية، مع ضرورة إقامة محاكمات عادلة لقادة وضباط جهاز الشرطة التي يعطون الأوامر ويقومون بتنفيذ تلك الجرائم، والمتسترون عليها كالأجهزة القضائية.