حاول مسؤولون سياسيون وعسكريون إيرانيون، القول منذ بدء الحرب السورية إن مشاركة قوات إيرانية على الأرض هناك، تنحصر بوجود مستشارين عسكريين لتقديم المساعدة لقوات النظام السوري في حربها ضد "الإرهاب". فيما كانت بعض المواقع الإيرانية تكشف تباعاً عن وجود متطوعين إيرانيين أو آخرين من الأفغان المقيمين في إيران؛ والذين يقاتلون "دفاعاً عن المراقد الدينية في سورية"، ويصدّون "المخططات الإرهابية" التي تستهدفها، حسب وصف المواقع الرسمية الإيرانية.
وقلّما نشرت إيران رسمياً إحصاءات تتعلق بعدد قتلاها في سورية، إلا أن وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، ذكرت أواخر شهر يونيو/حزيران الفائت، أن 400 شخص إيراني قُتلوا في سورية منذ بدء الحرب هناك عام 2011، وتم تشييع جثامين هؤلاء في نقاط مختلفة من إيران. ولفتت الوكالة إلى أن 79 من هؤلاء دُفنوا في محافظة خراسان رضوي شمال شرقي البلاد، إذ إن معظمهم من اللاجئين الأفغان في إيران والذين يتمركزون في تلك المنطقة.
لكن هذا الرقم قد ارتفع منذ ذلك الحين، بناء على ما تعلنه إيران من قتلى جدد، آخرها مقتل القائد السابق لـ"لواء الصابرين"، التابع للحرس الثوري، الجنرال فرشاد حسوني، والضابط في الحرس، حميد مختار بند، خلال معارك يوم الإثنين الماضي.
ومن الممكن تقسيم قتلى إيران في سورية إلى أولئك المحسوبين على القادة العسكريين في الحرس الثوري؛ وهم من يتولون بالفعل العمليات الكبرى وعمليات التخطيط والاستشارات العسكرية، فضلاً عن أولئك الذين تعلن البلاد عن مقتلهم فرادى، وهم في غالبيتهم ممن تصفهم بالمدافعين عن المقام الديني، بالإضافة إلى أولئك المنتمين للواء "فاطميون" من أفغان إيران.
آخر الخسائر التي تكبّدتها إيران كانت بمقتل الجنرال حسين همداني، القائد في الحرس الثوري الإيراني الذي يمسك بزمام الأمور في سورية، والذي شُيع جثمانه في العاصمة طهران صباح الأحد، قبل نقله ودفنه في مسقط رأسه في همدان غربي إيران.
يُعدّ همداني من أبرز المسؤولين العسكريين الإيرانيين، ووفق تصريحات رسمية لأمين مجمع تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي، فإن همداني شارك في أكثر من ثمانين عملية كبرى في سورية، كما أنه شكّل قوات الدفاع الوطني المؤلفة من آلاف الشباب السوريين، وشُكّلت هذه المجموعات على شاكلة حزب الله اللبناني، حسب رضائي.
ونقلت وكالة "أنباء فارس" الإيرانية عن هذا المسؤول الذي قال خلال مشاركته في مراسم تشييع همداني، إن الأخير اعتبر أن هذه التشكيلات تستطيع أن تفي بالغرض بدلاً من إرسال قوات إيرانية للحرب في سورية.
الخسارة الثانية لعسكريي إيران، كانت باغتيال الجنرال علي الله دادي، الذي قُتل إثر الغارة الإسرائيلية التي شُنت في القنيطرة جنوبي سورية مطلع العام الحالي، وأودت بحياة جهاد مغنية نجل القيادي السابق في حزب الله عماد مغنية، فضلاً عن ستة عناصر آخرين من حزب الله اللبناني. مقتل دادي تسبّب بغضب إيراني وأطلق تصريحات عالية المستوى تعد بالانتقام، واعتبر المسؤولون الإيرانيون حينها أن ما حدث يُثبت تورط عناصر المعارضة السورية المسلّحة ومن تصفهم بالإرهابيين هناك، وتعاونهم مع إسرائيل التي توفر غطاءً لهم. وقد أكد مسؤولون إيرانيون دعمهم لحزب الله اللبناني، بعد أن نفذ عملية ضد مركبات عسكرية إسرائيلية رداً على غارة القنيطرة.
اقرأ أيضاً: مسؤول إيراني: همداني شكّل مجموعات الدفاع الوطني في سورية
أما بالنسبة للقادة الآخرين، فقد أعلنت إيران رسمياً في أغسطس/آب الماضي عن مقتل قائد كتيبة "الإمام الحسين" أحمد حياري، خلال معارك مع من وصفتهم بالمسلحين بالقرب من مدينة اللاذقية السورية. وفي شهر يونيو/حزيران الماضي شيّعت البلاد جثمان ضابط برتبة ملازم أول يدعى حامد جواني، والذي أصيب كذلك في اشتباكات بالقرب من اللاذقية، وتوفي بعد غيبوبة لأربعين يوماً، حيث بقي راقداً في مستشفى في العاصمة طهران.
في الشهر نفسه، تم تشييع ثلاثة عناصر من الحرس الثوري الإيراني، منهم ضابط رفيع المستوى اسمه محمد حميدي، ملقب بأبو زينب، وكان برفقة حسن غفاري وعلي أمرائي، وقد لقوا مصرعهم جميعاً في انفجار على طريق دمشق-درعا.
وفي شهر فبراير/شباط من العام الحالي، أعلنت البلاد كذلك عن مقتل كل من علي سلطان مرادي المحسوب على قوات التعبئة أو "الباسيج"، وعباس عبد اللهي أحد قادة كتائب الحرس الثوري، إثر اشتباكات مع مسلحين في كفر نساج شمال غربي محافظة درعا السورية. ونقل موقع وكالة "أنباء فارس" آنذاك أن هذين الشخصين كانا من المقاتلين الإيرانيين المتطوعين في "جبهة الإسلام" التي تدافع عن العتبات المقدسة في سورية، حسب وصف الوكالة.
كما شيّعت مدينة الأهواز جنوبي إيران خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الفائت، جثمان العميد جبار دريساري الذي كان قائداً لكتيبة "جعفر الطيار" جنوبي دمشق. وذكر موقع إيراني آنذاك أن دريساري هو الشخص الثالث من الأهواز الذي قًتل في سورية حتى ذاك الوقت. وفي إبريل/نيسان عام 2014، نشرت مواقع رسمية خبر مقتل قائد آخر في الحرس الثوري؛ وهو حسين بادبا الذي قُتل في بصر الحرير في درعا.
وحتى مطلع عام 2014 نشرت بعض المواقع الإيرانية أسماء لمقاتلين ومتطوعين لقوا مصرعهم في سورية، ومنها موقع "مشرق نيوز" الذي ذكر أن هؤلاء قُتلوا دفاعاً عن مقام السيدة زينب في سورية، ومنهم مهدي عزيزي من قوات "الباسيج"، رضا كاركر برزي الذي قُتل إثر انفجار في سورية، محمد حسين عطري من رشت شمالي إيران، ومحمود بيضايي الذي قًتل جنوبي دمشق كذلك، فضلاً عن آخرين.
من جهة ثانية، فقد خسر "لواء فاطميون" عدداً من الأشخاص، أبرزهم قائد هذا اللواء علي رضا توسلي الذي توفي ونائبه رضا بخشي، فضلاً عن خمسة آخرين خلال معارك مع مقاتلي "جبهة النصرة" في منطقة تل قرين بالقرب من درعا في شهر مارس/آذار الفائت. توسلي الملقب بأبو حامد، من أصل أفغاني، وكان يقاتل وبقية أعضاء لوائه إلى جانب قوات النظام السوري، وكان مقرباً من قائد فيلق "القدس" التابع للحرس الثوري قاسم سليماني. كما أعلنت البلاد عن مقتل عدد من المتطوعين في لواء "فاطميون" منهم موسى رضا زاده وحسين قاسمي دانا.
اقرأ أيضاً: "وول ستريت جورنال": إيران ترسل اللاجئين الأفغان للقتال بسورية