قبضاي السلم الأهلي اللبناني

18 يونيو 2014

نهاد المشنوق (دالاتي ونهرا)

+ الخط -
كان البث مباشراً، تجمّع اللبنانيون حول تلفزيوناتهم، لمتابعة نهائي كرة السلة. كانت الشاشة وسيلتهم الوحيدة لمتابعة هذا الحدث الرياضي. فالملعب مغلق، إلا لـ 300 مشجّع، تم انتقاؤهم بعناية. بدأ البث، لكن المباراة لم تبدأ. تحدّث رئيس النادي الرياضي، هشام الجارودي "أبلغتنا القوى الأمنيّة أن المباراة لن تبدأ قبل إخراج الـ 300 مشجّع من الملعب". هذه مشكلة يمكن أن تحلّ، لكن الطلب صار أوضح، المباراة لن تبدأ. وزير الداخليّة نهاد المشنوق، أبلغ اتحاد كرة السلة التالي: قررت إلغاء المباراة، خوفاً على السلم الأهلي، هذا ما نقله رئيس الاتحاد، وليد نصار.

تبدو الصورة وردية، وزير الداخليّة حريص على السلم الأهلي، لكن، مهلاً، ألم يكن الوزير في وارد كل ما حصل في المباريات السابقة؟ ففي المباريات الأربع التي سبقت، حصل تضارب بين جمهوري الفريقين، تدخل فيه اللاعبون حتى رُفعت شعارات طائفية، وتبادلوا شتائم طائفيّة. هذا صحيح، لكن السلم الأهلي لم يُهدد، بدا الفعل مرفوضاً من غالبية المتابعين لمباريات كرة السلة، لكن هذا ليس مهماً. السؤال الأساس: ألم يكن الوزير قادراً على وقف المباراة، قبل بدء البث؟ لماذا انتظر للحظات الأخيرة؟

هذا الفعل ليس الأوّل للمشنوق، فمنذ أيامه الأولى في الوزارة، ويعرفه اللبنانيون بـ"عارف حالك مع مين عم تحكي". ولهذه العبارة قصتها. ففي عزّ التفجيرات الأمنية، قرر المشنوق أن يُعالج تهديداتٍ، قيل إنها طالت إحدى محطات توزيع الغاز، بإقفال المحطة عن العمل، لم يأبه لوجود عمالٍ يُعيلون عائلتهم، أحد هؤلاء قال ذلك للوزير، فما كان منه إلا أن صرخ بصوته الجهوري "عارف حالك مع مين عم تحكي".

والمشنوق نفسه، هو من وزّع على وسائل الإعلام صورةً لاجتماعه مع قادة الأجهزة الأمنيّة، وقد انضم إليهم مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله، وفيق صفا، قرر المشنوق، في صورة، أن حزب الله يُعدّ من الأجهزة الأمنية في البلد، وهو وزير الداخلية، الذي منع الأمن العام في عهده اللاجئين الفلسطينيين السوريين من دخول لبنان، وعاملهم كفائض بشري يجب التخلي عنه، وفي عهده، رحّل الأمن العام معارضين مصريين محكوم عليهم بالإعدام، وهو الوزير الذي فتح قناة اتصال غير مباشرة مع دمشق (على الأقل)، على الرغم من كل ما يقوم به نظامها في حق شعبه.

والمشنوق نفسه، هو من رفعت له صور في شوارع بيروت، بعد تولي الوزارة، كتب عليها: "القبضاي بعقلاته".

هنا لبّ المشكلة، يتصرّف المشنوق، كأحد "قبضايات" بيروت، لا يتصرّف كرجل دولة، يهزأ من اللبنانيين، لم يشعر لحظة أن من واجبه تبرير تأجيل مباراة على الهواء، لم يُفكّر أن يعتذر من المشاهدين، أو اللاعبين، أو اللعبة، لم يشعر بأنه أمام مسؤوليّة وطنية، لم ينتبه إلى أن الرياضة مساحة يُنفّس فيها اللبنانيون هذا الكم من غضبهم تجاه دولتهم الفاشلة، ولم يهتم لعيش عشرات العائلات من خلال اللعبة.

نهاد المشنوق "قبضاي" في وزارة الداخلية اللبنانية. هو سمى نفسه كذلك، "القبضايات" كُثر. أمّا رجال الدولة فقلّة، يحتاج لبنان إلى رجال دولة.
 
1F5DD520-0ECB-4F35-A8B8-E3CE26FBE27A
ثائر غندور

صحافي لبناني من أسرة "العربي الجديد"