يؤكد كثيرون بأنهم لم ينتبهوا "إلى ما يحمله الأمر من تعجيز قبل قضية منصور التي نزعت عنه الجنسية". فنشرت الصحافة والقنوات الأسئلة على مواقعها متحدية المواطنين (الدنماركيين في الأصل) الإجابة عليها وبالتالي الحصول على الجنسية. تعرضت التشديدات لانتقادات حقوقية وسياسية، لكن وزيرة الدمج، من يمين الوسط، بقيت مصرة على تمريرها في البرلمان.
بعض الدنماركيين انشغلوا منذ نشر امتحان الجنسية، مساء الأربعاء، بأسئلة عن "منطقية وفائدة ذلك في الاندماج". دنماركيون جربوا فرسبوا في الامتحان، ولم يستطيعوا الإجابة على 40 سؤالاً خلال 45 دقيقة هي المدة الممنوحة، أي دقيقة وبضع ثوان لكل سؤال قراءة واختيار الاحتمالات.
عضو البرلمان عن اللائحة الموحدة اليساري، بيدر فيلبوند، وضع زملاءه ووزراء أمام ذلك الاختبار ليجيبوا في 45 دقيقة على 40 سؤالاً، وانتقد طبيعة الأسئلة التي وجد فيها، مع غيره من سياسيين وصحافيين، ما سموه "تعجيزاً بالعودة إلى تقسيمات الدنمارك الطبقية في القرن الثالث عشر، فما دخل ذلك بواقعنا اليوم؟".
ليس فقط المهاجرون العرب هم الذين يستغربون ما يجري في الدنمارك، وربما في السويد عما قريب. فقانون الجنسية الجديد، تزامن مع نزع الجنسية عن مواطن عاش لأكثر من 3 عقود في البلاد (سام منصور)، بتهمة التحريض وتمجيد "الإرهاب" على "فيسبوك"، مع إمكانية تسليمه للمغرب والإبقاء عليه سجيناً إذا لم يُسلّم، بث قلقاً عند مهاجرين آخرين يخشون من "أن يصبح نزع الجنسية أسهل من اختبار الحصول عليها... وبالتالي طرد من يصبح بلا جنسية البلد المقيم فيه منذ عقود"، وهو ما شرحه، لـ"العربي الجديد"، طالب الحقوق من أصل عربي خالد صبح، الذي يعمل متطوعاً كمستشار قانوني.
ويضيف صبح: "للحكومة الحق في أن تغيّر قوانينها، لكن لا أن تتنافى والحقوق والالتزامات الدولية والأوروبية. ما يخشاه المهاجرون الآن هو عملية القياس القضائي على الحكم الصادر بحق منصور. أي أن يصبح نزع الجنسية أمراً عادياً بتهمة تهديد أمن الدولة وفق قانون العقوبات 114 المتعلق بالإرهاب".
لا تتفق فاطمة مع ما يقوله أبو يوسف، وتقول بأن السياسيين "معهم حق حين يقولون بأن الذي لا ينجح في اجتياز الاختبار لم يدرس المقرر بشكل جيد. نحن اخترنا هذا البلد، لنا ولأطفالنا، وأرى أنه من الضروري معرفة كل شيء عنه".
الشاب العربي الجامعي، محمد زيد، يقول: "يصعب عليّ هضم هذه التشديدات، ليس لأني لا أعرف البلد، فأنا نصفي دنماركي من ناحية الأم، لكنني أتفق مع من يقول بأن تحولاً خطيراً يجري من ناحية التعجيز بمنح الجنسية، وفقاً لمعاهدة موقع عليها بين الدول وهو حق وليس منّة، وسهولة سحبها بحجج أرى فيها محاولة إخضاع وتخويف من التعبير عن الرأي على مواقع التواصل. لا أتفق مع التشدد الذي يعبّر عنه سام (سعيد منصور)، لكن ذلك سابقة خطيرة حذر منها حتى قضاة بأن لا يجري استغلال الأمر سياسيًا لإشاعته على من لا يريدهم اليمين في البلد".
ميتيلدا إبيلغوورد، المستشارة في قوانين الأجانب، من منظمة طوعية، تقول لـ"العربي الجديد": "كانت الأنظار تتجه إلى فرنسا وبلجيكا وغيرها لتشريع سحب الجنسية، لكن يبدو أن بلدنا أرادت أن تكون سباقة ليجري القياس على أحكامها. ذلك أمر لا يساعد على الاندماج بل على خلق شعور بالرضوخ والخوف من التعبير عن أي شيء، لأن أحداً من هؤلاء لا يعرف بالتحديد ما هو الذي حرّض عليه سعيد منصور".