قاسم محمد عباس.. رحيل صاحب المتصوّفة

06 ابريل 2018
(الراحل بجانب قبر الحلاج، تصوير: أسعد مشاي)
+ الخط -

رحل أمس الكاتب ومحقق الكتب الصوفية العراقي قاسم محمد عباس (2018-1962) في بغداد، إثر مرض عضال، تاركاً خلفه قرابة ثلاثين كتاباً ما بين تراجم وتحقيق وبحث، إلى جانب بعض الكتابات الأدبية من رواية وشعر.

امتهن الراحل التحقيق، وكرّس معظم اشتغاله على كتابة تراجم لسير المتصوّفة، ومن أبرز أعماله الدراسة التي أعدّها بعنوان "هكذا تكلّم الحلاج"، وسعى فيها إلى نقد آراء الاستشراق في التصوّف الإسلامي عموماً، وإعادة النظر في عمل ماسينيون على الحلاج خصوصاً، ومحاججة مقولاته التي ترى بالفقر الميتافيزيقي في الإسلام.

كما حقّق له "الأعمال الكاملة" وهو كتاب يتألف من مقدمة طويلة، وسيرة للحلّاج، وضمّ نصوص: الطواسين، وبستان المعرفة، والأقوال، ونصوص الولاية ، والروايات أو الأحاديث، والديوان. يقول قاسم في مقدمة العمل: "إن أية محاولة لتوثيق حياة الحلاج تعني القيام بتوثيق فكري لتاريخ الولاية الصوفية، وتلمس الجذر الأول لـ الفكر الصوفي الإسلامي، بسبب أن المراجعة التاريخية لحياة الحلاج إنما تعني استحضار ما هو عقائدي وتاريخي وسياسي متعلّق بمحاكمة الولاية الصوفية".

قدم عباس كذلك دراسة في رسائل ابن عربي "عين الأعيان"، وفيها مراجعة تاريخية للمشروع الصوفي الإسلامي برمّته، مستخدماً منطق البحث والتقصّي والمقارنات بين رسائل ابن عربي المختلفة، ودارساً الظرف السياسي والاجتماعي والثقافي الذي ظهر وكتب فيه، كما حقّق وراجع مجموعة من كتاباته.

يرى عباس في مقدمة "الرسائل الإلهية" لابن عربي التي قام بتحقيقها "أن رسائل هذا الكتاب هي تتمة لطروحات ابن عربي التي تناولها في فصوص الحكم، بل تؤكدها وتفصّل في محدداتها، لتشكّل في النهاية حلقة إضافية من حلقات نظريته المعرفية، وتهتم في الوقت نفسه بتقديم موقف دقيق ومركّز لأفكار ونظريات ابن عربي الإشكالية، وتوضّح لنا تلك الكيفية التي تجاوز فيها كل التناقضات العقائدية".

وكذلك فعل مع شهاب الدين السهروردي، حيث حقّق له نصوصه الإشراقية، في كتابين بعنوان "ثلاث رسائل في الرؤية والمجاز" و"كلمات صوفية"، وفي الأخير مختارات من القصص الإشراقية نجد فيها تلك البنية التي تقترب من حكايات القرون الوسطى الرمزية، وفقاً لعباس، حيث "لا ينزع شيخ الإشراق فيها إلى الكشف عن الحقيقة بكل تجلياتها وحسب، وإنما يميط اللثام في قصص الرؤية والمجاز هذه عن تجلٍّ من تجليات الحياة الروحية في تجربته الإشراقية، ويكشف عن تجربة جوانية عن طريق الاستفادة من مجموعة معيّنة من الرموز التي تقدّم للقارئ صورة من صور العالم الإشراقي".

كتب قاسم أيضاً تراجم وتحقيقات حول أبي يزيد البسطامي في كتاب "المجموعة الصوفية الكاملة"، والنفري في دراسة "ضاقت العبارة" وهي الأعمال الكاملة لصاحب المخاطبات، إلى جانب عدّة دراسات في البهائية، اهتم فيها بنشر مجموعة مختارة من آثار عبد البهاء (عبّاس أفندي) ناشر البهائية.

لعباس أيضاً رواية بعنوان "المحرقة"، يتناول فيها فترة الحرب الإيرانية العراقية، ويستعيد تجربة فرد في أحد فصول الجحيم التي عاشها العراق، وكأن هذا الفرد يمثل جيلاً سيق إلى الحرب، فيقول الكاتب على لسان الشخصية الأساسية في الرواية مروان: "نحنُ جيل تحطم على مرأى من نظر العالم، لا أدري كيف سيتحدثون عنا فيما بعد".

دلالات
المساهمون