عمل مخرج فيلم "عائد إلى حيفا" مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وتحديداً مع المبدع غسان كنفاني، وعايش أحداث الكفاح الفلسطيني، وعمل في مؤسساته الثقافية والفنية. ارتبطت معظم أعماله السينمائية والروائية ببلده العراق، وله قصة مع أركان السلطة فيه، وفي المقدمة الرئيس الراحل صدام حسين.
يفتح قاسم حول دفاتر ذاكرته لـ "العربي الجديد":
* لو نتحدث عن البدايات؟
أنا من مواليد البصرة، وتحديدا من ريفها، حيث الحياة بدائية جدا، لا سيارات ولا شوارع معبدة، وهي متاخمة لمنطقة الأهوار التاريخية؛ وهي منطقة مائية تغطي مساحة كبيرة من جنوب العراق.
في تلك الناحية، كانت تزورنا البعثة الأميركية الجوالة التي يسمونها النقطة الرابعة، كانوا يعرضون أفلام كرتون وأفلاما سينمائية ومواد إخبارية، أدركت بعدها أنها تصور وينستون تشرشل وفي فمه السيجار، وكما شاهدت، ولأول مرة، السيارة على الشاشة. ومنذ تلك اللحظة الجميلة انطبعت فكرة السينما في وجداني كالسحر؛ وهذا الذي قادني إلى أن أكون مخرجا سينمائيا. عندما أنهيت المرحلة الابتدائية انتقلت إلى مدينة البصرة، ولم يكن فيها معهد للسينما، ولكن كان هناك معهد للمسرح، فشكلت فرقة مسرحية "مسرح اليوم" ومن ثم أنشأت مؤسسة سينمائية "أفلام اليوم" عام 1966، وأنتجنا فيلم "الحارس" وكان فليما مهما في تاريخ السينما العراقية والعربية، وحاز الجائزة الأولى في مهرجان قرطاج للسينما العربية. وأصدرت مجلة سينمائية "السينما اليوم".
*لماذا أوقف ترخيص شركة أفلام اليوم؟
وصل حزب البعث إلى السلطة 1968 فأرادوا أن يستوعبوا كل المؤسسات الثقافية والفنية، فطلب مني أن أضع مؤسستي في خدمة النظام والحزب، فرفضت فأوقف الترخيص للمؤسسة والمجلة.
*كنت شيوعياً؟
لا، شيوعي بمعنى الانتماء للحزب الشيوعي. كنت وقتها مسؤول الصفحة الثقافية في صحيفة الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يقوده الشخصية العراقية الوطنية كامل الشادرجي.
*لم يعتقلوك؟
بعدها أسست شركة السنونو فأخذوني للتحقيق عام 1969 لمدة سبعة أيام، ولكن كان هناك تعذيب شديد مما جعلني أغادر العراق غلى لبنان بمجرد خروجي، وعملت هناك مع غسان كنفاني في مجلة الهدف، حيث كنت مشرفا على الصفحة الثقافية إلى سنة 1974.
*أخرجت فيلم عائد إلى حيفا، بهذه الفترة.
لا، عملت أفلاما وثائقية كفيلم "النهر البارد" وفيلم "لن تسكت البنادق" وفيلم "لماذا نزرع الورد؟ لماذا نحمل السلاح؟"، وأصدرت المجلة السينمائية المرئية، حيث نصور الأحداث الفلسطينية ونوزعها في أنحاء العالم.
*فيلم لماذا نزرع الورد عن ياسر عرفات.
اقرأ أيضاً: المهرجانات السينمائية العربية
*غادرت بيروت عام 74؟
تأسس اتحاد السينمائيين العرب عام 1974، وتقرر عقد المؤتمر في بغداد، وطلب العرقيون أن أكون ضمن المؤسسين وأرسلوا لي، إلى بيروت، وزير الثقافة شريف الكمالي وعضو القيادة القومية سعد قاسم حمودي.
*أخرجت فيلم الأهوار؟
هو فيلم وثائقي له أهمية خاصة؛ لأنه وثيقة باقية عن الأهوار، قبل تجفيفها أثناء الحرب العراقية الإيرانية، بحجة أنها تستخدم لإخفاء المقاتلين المعارضين للسلطة، صورت في هذا الفيلم ما يقارب تسع ساعات واستخلصت منها ساعة. ثم أخرجت فيلما آخر "البيوت في ذلك الزقاق"، يتحدث عن العمل اليدوي في البيوت والأزقة، حيث يتم العمل في المنازل لصالح المصانع، مثلا تغليف حلويات وعطور، وغالبا ما تعمل العائلة بكاملها، وينتج عن ذلك تسرب الأولاد من المدراس وانتشار البغاء، واستغلال الناس الفقراء من قبل رجال الأمن؛ لأنهم يعملون بطريقة غير قانونية.
شاهد الفيلم لإجازته وزير الثقافة والإعلام طارق عزيز وعضو القيادة القومية ناصيف عواد، واعترضوا على مشهد يقتل رجال الأمن فيه الصحافي الذي يحقق في هذه الظاهرة؛ لأنه كشف فسادهم.
وكنت قد صورت مشهد اغتيال الصحافي على جدارية جواد سليم في العراق، وربطت بين أم الشهيد والاغتيال بطريقة لم تعجب طارق عزيز، فطلب أن أغيره فرفضت ذلك.
أخيرا، قالوا إن الحل الوحيد كي لا تحدث ضجة على الفيلم أن يراه نائب الرئيس، وقتها، صدام حسين.
* أي عام؟
عام 1978، وقال طارق عزيز سنذهب معا لنقابل السيد النائب يوم الجمعة الساعة الحادية عشرة، كنت مرعوبا وحدث أن زار العراق، قبل موعدنا، جورج حبش فذهبت لزيارته، وكتبت له ورقة أني أريد رؤيته في الحديقة لأني كنت أخاف من وجود تسجيلات سرية، صارحته بما حصل معي، وأني لا أريد مقابلة صدام حسين لأني إذا قابلته، فإما أن أتحول إلى شخص تابع لهم أو يؤذيني، فرتب لي مع السفير الليبي زيارة سريعة إلى ليبيا، وكان لدى الجبهة الشعبية مدخل خاص في المطار، وبالفعل غادرت يوم الموعد الساعة السابعة صباحا.
*ولم تلتق صدام بعد ذلك؟
لا، أبداً.
*عملت عنه فيلم المغني؟
أخرج صالح توفيق فيلما عن حياة صدام "الأيام الطويلة" وحكى لي تفاصيل علاقته مع صدام، ومنها أن الفيلم أنتج بميزانية مفتوحة، وعندما انتهى الفيلم ووزعه على صالات السينما للعرض، أخذوه إلى مقر صدام حسين، وقد جمع كل رجاله في صالة سينما، وطلب أن أعرض الفيلم فكان هناك مشهد أن صدام حسين عندما حاول اغتيال عبد الكريم قاسم أصيب بطلقة في رجله، فيخرج الطبيب الرصاصة من رجله بدون تخدير ومن ثم يغادر إلى سورية.
في المشهد، شخصية صدام تتألم قليلا عند إخراج الرصاصة بدون تخدير. أوقف صدام العرض عند هذه اللقطة، والتفت إلى الطبيب الذي أخرج الرصاصة، وسأله: عندما أخرجت الرصاصة من ساقي، هل تألمت؟ فرد: لا، أبدا، سيدي. فقال صدام: الليلة أريد أن تتبدل هذه اللقطة، وأن أظهر والرصاصة تخرج من ساقي وانا صامد.
ومن حسن حظ توفيق صالح أنه قد أخذ لقطات مختلفة للممثل بدور صدام حسين، ومنها لقطة وهو يتأمل وتم التغيير كما طلب صدام حسين.
*نعود لفيلم المغني والذي هو عن صدام!
أنا لا أذكر اسمه، وقصته مأخوذة عن حادثة تروى عن عدي صدام حسين، حيث استدعى مغنياً لحفلة عيد ميلاد، والمغني لم يستطع الوصول بالوقت المحدد بسبب الإجراءات الأمنية، فغضب عدي وعندما وصل قام بضربه وأمره بالغناء ووجهه للحائط، وأنا أسقطت هذه الحادثة على الديكتاتور.
*رجعت إلى بيروت وأكملت العمل مع غسان كنفاني.
نعم، إلى أن تم اغتياله 1973.
تمت صناعة ثلاثة أفلام عن رواياته، حيث أخرج توفيق صالح فيلم "المخدوعون" عن رواية "رجال في الشمس"، وأخرج خالد حمادة فيلم "السكين" عن رواية "ما تبقى لكم". وأخرجت فيلم "عائد إلى حيفا".
عندما عرض فيلم "السكين" 1972 كان غسان لا يستطيع الذهاب إلى سورية بسبب المشاكل، وقتها، بين الجبهة الشعبية وسورية، فطلب مني أن أذهب وأشاهد الفيلم.
وعندما انتهى فيلم "المخدوعون" حضرت مع توفيق صالح وجورج حبش وغسان كنفاني عرضه الأول في صالة في استوديو بعلبك.
*عملت فيلماً وثائقياً عن مجزرة صبرا وشاتيلا؟
بعد مغادرتي بيروت 1982 إلى دمشق بيومين أو ثلاثة حصلت مجزرة صبرا وشاتيلا، فعدت إلى بيروت، لكني لم أستطع الدخول، وكان عندي مساعد "انتحر" اسمه كمال حداد، وأيضا مصور ياباني؛ وهما ما زالا في بيروت، فطلبت منهم أن يدخلوا المخيم ويصوروا لي بقايا المجزرة، لحين استدعائي لمصور من فرنسا، وساعدتني في ذلك المخرجة اللبنانية المرحومة رندا الشهال.
صورنا الناس الذين قتل أهلهم وصورنا ضحايا المجزرة وناجين منها. وأكملت الفيلم بتصوير أسرى إسرائيليين موجودين عند الجبهة الشعبية-القيادة العامة بوساطة من فضل شرور، عرضت صور المجزرة على الأسيرين، وسجلت ردود فعلهما على ذلك.
*كتبت أربع روايات؟
أول رواية هي العزير "العزير اسم نبي يهودي مدفون في منطقة العمارة في العراق"، ولها علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي من خلال ضابط إسرائيلي أطلق علي النار في تبنين في جنوب لبنان عام 1978، ومرت السنوات وعشت في هولندا وكان جاري يهودياً مغربي الأصل، وكان ضابطا بالجيش الإسرائيلي وخدم في لبنان، فتصورت في الرواية أنه هو الذي أطلق علي النار.
ثم رواية "الخندق" التي تتحدث عن طفولتي في حي اسمه الخندق.
ثم أصدرت رواية "سوق مريدي" وهي حكاية سوق في بغداد، كل شيء فيه مزيف، كله مغشوش حتى الأدوية. وكل أركان السلطة أخذوا شهادات دكتوراه من سوق مريدي.
وآخر رواية هي على أبواب بغداد التي تؤرخ دخول ما يسمى بقوات التحالف لإسقاط النظام الديكتاتوري.
اقرأ أيضاً:"المطلوبون الـ 18": التحريك يؤرشف مقاومةً سلميّة
يفتح قاسم حول دفاتر ذاكرته لـ "العربي الجديد":
* لو نتحدث عن البدايات؟
أنا من مواليد البصرة، وتحديدا من ريفها، حيث الحياة بدائية جدا، لا سيارات ولا شوارع معبدة، وهي متاخمة لمنطقة الأهوار التاريخية؛ وهي منطقة مائية تغطي مساحة كبيرة من جنوب العراق.
في تلك الناحية، كانت تزورنا البعثة الأميركية الجوالة التي يسمونها النقطة الرابعة، كانوا يعرضون أفلام كرتون وأفلاما سينمائية ومواد إخبارية، أدركت بعدها أنها تصور وينستون تشرشل وفي فمه السيجار، وكما شاهدت، ولأول مرة، السيارة على الشاشة. ومنذ تلك اللحظة الجميلة انطبعت فكرة السينما في وجداني كالسحر؛ وهذا الذي قادني إلى أن أكون مخرجا سينمائيا. عندما أنهيت المرحلة الابتدائية انتقلت إلى مدينة البصرة، ولم يكن فيها معهد للسينما، ولكن كان هناك معهد للمسرح، فشكلت فرقة مسرحية "مسرح اليوم" ومن ثم أنشأت مؤسسة سينمائية "أفلام اليوم" عام 1966، وأنتجنا فيلم "الحارس" وكان فليما مهما في تاريخ السينما العراقية والعربية، وحاز الجائزة الأولى في مهرجان قرطاج للسينما العربية. وأصدرت مجلة سينمائية "السينما اليوم".
وصل حزب البعث إلى السلطة 1968 فأرادوا أن يستوعبوا كل المؤسسات الثقافية والفنية، فطلب مني أن أضع مؤسستي في خدمة النظام والحزب، فرفضت فأوقف الترخيص للمؤسسة والمجلة.
*كنت شيوعياً؟
لا، شيوعي بمعنى الانتماء للحزب الشيوعي. كنت وقتها مسؤول الصفحة الثقافية في صحيفة الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يقوده الشخصية العراقية الوطنية كامل الشادرجي.
*لم يعتقلوك؟
بعدها أسست شركة السنونو فأخذوني للتحقيق عام 1969 لمدة سبعة أيام، ولكن كان هناك تعذيب شديد مما جعلني أغادر العراق غلى لبنان بمجرد خروجي، وعملت هناك مع غسان كنفاني في مجلة الهدف، حيث كنت مشرفا على الصفحة الثقافية إلى سنة 1974.
*أخرجت فيلم عائد إلى حيفا، بهذه الفترة.
لا، عملت أفلاما وثائقية كفيلم "النهر البارد" وفيلم "لن تسكت البنادق" وفيلم "لماذا نزرع الورد؟ لماذا نحمل السلاح؟"، وأصدرت المجلة السينمائية المرئية، حيث نصور الأحداث الفلسطينية ونوزعها في أنحاء العالم.
*فيلم لماذا نزرع الورد عن ياسر عرفات.
ذهبت معه إلى ألمانيا عام 1973 وصورته مع هونيكر، وأخرجت عن الرحلة هذا الفيلم وكانت رحلتنا في الباخرة لحضور مهرجان الشبيبة العالمي، وكان فيها كل قادة الثورة، باستثناء عرفات الذي سافر جوا، وداهمتنا القوات الإسرائيلية ونجونا لأن غواصة سوفييتية كانت تحمينا، وأنا وثقت كل ما حدث في الفيلم.
أنت تعرف أن ياسر عرفات ليس فوتو جنيك، أي أن وجهه لا يصلح للتصوير، وكان يحب أن يرى لنفسه صورة جميلة، قد عانيت كثيرا في التقاط صورة جميلة جدا له، رغم أني قد صورته كثيرا في ألمانيا.
ذات يوم، وفيما كان يخطب صعدت المسرح من خلف الكواليس ومرافقوه يعرفونني، فطلبت منهم أن ألتقط له صورة ووقفت بينهم وبينه وانتظرته حتى يرفع يده دلالة النصر، وكان يكرر هذه الحركة. كنت أريد أن التقط صورة للحطة الفلسطينية ويده وأصابعه، فاستعملت عدسة كبيرة للحطة، بحيث أجعل أصابعه خارج مجال الرؤية، ونجحت في الصورة المرفقة إليك وهذه الصورة غير منشورة. طبعتها بنفسي وذهبت إليه وأعطيتها له. اندهش من فكرتها وقال: "دي صورة هايلة".
اقرأ أيضاً: المهرجانات السينمائية العربية
*غادرت بيروت عام 74؟
تأسس اتحاد السينمائيين العرب عام 1974، وتقرر عقد المؤتمر في بغداد، وطلب العرقيون أن أكون ضمن المؤسسين وأرسلوا لي، إلى بيروت، وزير الثقافة شريف الكمالي وعضو القيادة القومية سعد قاسم حمودي.
*أخرجت فيلم الأهوار؟
شاهد الفيلم لإجازته وزير الثقافة والإعلام طارق عزيز وعضو القيادة القومية ناصيف عواد، واعترضوا على مشهد يقتل رجال الأمن فيه الصحافي الذي يحقق في هذه الظاهرة؛ لأنه كشف فسادهم.
وكنت قد صورت مشهد اغتيال الصحافي على جدارية جواد سليم في العراق، وربطت بين أم الشهيد والاغتيال بطريقة لم تعجب طارق عزيز، فطلب أن أغيره فرفضت ذلك.
أخيرا، قالوا إن الحل الوحيد كي لا تحدث ضجة على الفيلم أن يراه نائب الرئيس، وقتها، صدام حسين.
* أي عام؟
عام 1978، وقال طارق عزيز سنذهب معا لنقابل السيد النائب يوم الجمعة الساعة الحادية عشرة، كنت مرعوبا وحدث أن زار العراق، قبل موعدنا، جورج حبش فذهبت لزيارته، وكتبت له ورقة أني أريد رؤيته في الحديقة لأني كنت أخاف من وجود تسجيلات سرية، صارحته بما حصل معي، وأني لا أريد مقابلة صدام حسين لأني إذا قابلته، فإما أن أتحول إلى شخص تابع لهم أو يؤذيني، فرتب لي مع السفير الليبي زيارة سريعة إلى ليبيا، وكان لدى الجبهة الشعبية مدخل خاص في المطار، وبالفعل غادرت يوم الموعد الساعة السابعة صباحا.
*ولم تلتق صدام بعد ذلك؟
لا، أبداً.
*عملت عنه فيلم المغني؟
أخرج صالح توفيق فيلما عن حياة صدام "الأيام الطويلة" وحكى لي تفاصيل علاقته مع صدام، ومنها أن الفيلم أنتج بميزانية مفتوحة، وعندما انتهى الفيلم ووزعه على صالات السينما للعرض، أخذوه إلى مقر صدام حسين، وقد جمع كل رجاله في صالة سينما، وطلب أن أعرض الفيلم فكان هناك مشهد أن صدام حسين عندما حاول اغتيال عبد الكريم قاسم أصيب بطلقة في رجله، فيخرج الطبيب الرصاصة من رجله بدون تخدير ومن ثم يغادر إلى سورية.
في المشهد، شخصية صدام تتألم قليلا عند إخراج الرصاصة بدون تخدير. أوقف صدام العرض عند هذه اللقطة، والتفت إلى الطبيب الذي أخرج الرصاصة، وسأله: عندما أخرجت الرصاصة من ساقي، هل تألمت؟ فرد: لا، أبدا، سيدي. فقال صدام: الليلة أريد أن تتبدل هذه اللقطة، وأن أظهر والرصاصة تخرج من ساقي وانا صامد.
ومن حسن حظ توفيق صالح أنه قد أخذ لقطات مختلفة للممثل بدور صدام حسين، ومنها لقطة وهو يتأمل وتم التغيير كما طلب صدام حسين.
*نعود لفيلم المغني والذي هو عن صدام!
أنا لا أذكر اسمه، وقصته مأخوذة عن حادثة تروى عن عدي صدام حسين، حيث استدعى مغنياً لحفلة عيد ميلاد، والمغني لم يستطع الوصول بالوقت المحدد بسبب الإجراءات الأمنية، فغضب عدي وعندما وصل قام بضربه وأمره بالغناء ووجهه للحائط، وأنا أسقطت هذه الحادثة على الديكتاتور.
*رجعت إلى بيروت وأكملت العمل مع غسان كنفاني.
نعم، إلى أن تم اغتياله 1973.
تمت صناعة ثلاثة أفلام عن رواياته، حيث أخرج توفيق صالح فيلم "المخدوعون" عن رواية "رجال في الشمس"، وأخرج خالد حمادة فيلم "السكين" عن رواية "ما تبقى لكم". وأخرجت فيلم "عائد إلى حيفا".
عندما عرض فيلم "السكين" 1972 كان غسان لا يستطيع الذهاب إلى سورية بسبب المشاكل، وقتها، بين الجبهة الشعبية وسورية، فطلب مني أن أذهب وأشاهد الفيلم.
وعندما انتهى فيلم "المخدوعون" حضرت مع توفيق صالح وجورج حبش وغسان كنفاني عرضه الأول في صالة في استوديو بعلبك.
*عملت فيلماً وثائقياً عن مجزرة صبرا وشاتيلا؟
بعد مغادرتي بيروت 1982 إلى دمشق بيومين أو ثلاثة حصلت مجزرة صبرا وشاتيلا، فعدت إلى بيروت، لكني لم أستطع الدخول، وكان عندي مساعد "انتحر" اسمه كمال حداد، وأيضا مصور ياباني؛ وهما ما زالا في بيروت، فطلبت منهم أن يدخلوا المخيم ويصوروا لي بقايا المجزرة، لحين استدعائي لمصور من فرنسا، وساعدتني في ذلك المخرجة اللبنانية المرحومة رندا الشهال.
صورنا الناس الذين قتل أهلهم وصورنا ضحايا المجزرة وناجين منها. وأكملت الفيلم بتصوير أسرى إسرائيليين موجودين عند الجبهة الشعبية-القيادة العامة بوساطة من فضل شرور، عرضت صور المجزرة على الأسيرين، وسجلت ردود فعلهما على ذلك.
*كتبت أربع روايات؟
أول رواية هي العزير "العزير اسم نبي يهودي مدفون في منطقة العمارة في العراق"، ولها علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي من خلال ضابط إسرائيلي أطلق علي النار في تبنين في جنوب لبنان عام 1978، ومرت السنوات وعشت في هولندا وكان جاري يهودياً مغربي الأصل، وكان ضابطا بالجيش الإسرائيلي وخدم في لبنان، فتصورت في الرواية أنه هو الذي أطلق علي النار.
ثم رواية "الخندق" التي تتحدث عن طفولتي في حي اسمه الخندق.
ثم أصدرت رواية "سوق مريدي" وهي حكاية سوق في بغداد، كل شيء فيه مزيف، كله مغشوش حتى الأدوية. وكل أركان السلطة أخذوا شهادات دكتوراه من سوق مريدي.
وآخر رواية هي على أبواب بغداد التي تؤرخ دخول ما يسمى بقوات التحالف لإسقاط النظام الديكتاتوري.
اقرأ أيضاً:"المطلوبون الـ 18": التحريك يؤرشف مقاومةً سلميّة