وتجددت الخلافات أخيراً، بإصدار مشيخة الأزهر قائمة بمن يحق لهم الإفتاء خلال الأيام القليلة الماضية، ولكنها لم تتضمن المقربين والموالين من النظام الحالي وعلى رأسهم مستشار السيسي، أسامة الأزهري.
وأضاف المجلس الأعلى للإعلام اسمَ الأزهري وشخصيات أخرى إلى القائمة النهائية للإفتاء من تلقاء نفسه، لعدم إحراج السيسي وإظهار أن الأزهر فرض كلمته على النظام الحالي، بحسب مراقبين.
ولم يمر وقت طويل على إصدار قائمة الأزهر، حتى أعلن أمين سر اللجنة الدينية عمر حمروش، عن إعداده مشروع قانون جديد لتنظيم الأزهر، لتغيير قواعد اختيار أعضاء هيئات الأزهر، بدعوى أنها تحتوي على شخصيات "إخوانية".
وقال حمروش، إنه لا بد من اختيار شخصيات تتوافق مع التوجه العام للدولة، مؤكداً أن القانون لا يستهدف التغيير أو المساس بشيخ الأزهر. وأضاف "مشروع القانون لن يختلف كثيراً في مواده عن مشروع قانون النائب محمد أبو حامد".
وفي السياق قالت مصادر برلمانية قريبة من دوائر اتخاذ القرار، إن ملف الإطاحة بالطيب لم يغلق، برفض مناقشة مشروع قانون محمد أبو حامد، ولكن تقرر تهدئة الأمر.
وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن هناك حالة غضب في أروقة النظام الحالي من عدم إدراج اسم أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية في قائمة الإفتاء التي أرسلتها مشيخة الأزهر إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وتابعت، إن معركة الإطاحة بالأزهر وتغيير هيئاته ستفتح مرة أخرى خلال الفترة المقبلة، ولكن مع استعداد خاص لها حتى لا تتحول لمعركة أخرى خاسرة مثل مشروع أبو حامد.
ولفتت المصادر إلى أن ما يتردد في كواليس دوائر صنع القرار، أن السيسي لن يتراجع عن الإطاحة بالطيب أو على الأقل تفتيت مراكز القوة من حوله بتغيير أعضاء هيئات الأزهر. وأشارت إلى أن مشروع القانون الجديد لم يتم الانتهاء منه من الأساس، ولكنه محاولة لجسّ النبض فقط داخل أروقة مجلس النواب، ولن يظهر إلا بعد ممارسة ضغوط على النواب لضمان تمريره. وأكدت أنه إذا استشعر النظام الحالي وجود معارضة كبيرة لمشروع القانون فلن يتم طرحه بالأساس، وسيكون الأمر مجرد تصريحات خرجت من أحد النواب وانتهى الأمر.
واعتبرت المصادر نفسها، أن فتح الملف الآن لرغبة النظام الحالي في التخلص من الطيب وتقويضه قبل انتخابات الرئاسة، ولكن إذا وُجد رفْض سيتم سحب فكرة المشروع تماماً حتى لا يؤثر الأمر على شعبية السيسي بشكل أكبر قبل الانتخابات. وشددت على وجود تواصل بين عدد من نواب البرلمان على مسألة عدم المساس بالطيب في محاولة لاستمالة الآراء الرافضة للإطاحة بشيخ الأزهر.
من جهته، قال خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، إن مسألة سيطرة النظام الحالي على الأزهر لا يمكن تجاهلها أو التشكيك فيها، وبالتالي فإن أجهزة الدولة وأذرع النظام الحالي لن تتوقف عن محاولاتها في هذا الصدد.
وأضاف الخبير السياسي، في تصريحات خاصة، أن الأزمة ليست متعلقة بأشخاص في الأساس، بقدر ما هي عدم ولاء الطيب وأعضاء كبار العلماء للسيسي، هذه هي النقطة الأساسية. ولفت إلى أن السيسي يخطط على مدار الأعوام الأربعة الماضية للسيطرة على مؤسسات الدولة وأجهزتها، ويتدخل في اختيار كل رؤساء الجهات والهيئات، مثلما حدث في اختيار رؤساء الهيئات القضائية. وأشار إلى أن مشروع القانون المطروح سيكون تكراراً لنفس مشروع أبو حامد، بحيث يضمن سيطرة النظام الحالي على اختيار هيئات الأزهر، وهذا الأمر لن يتراجع عنه السيسي.
وحول عدم المُضي في مشروع أبو حامد، أوضح الخبير أن الفترة التي ظهر فيها المشروع السابق لم تكن الظروف مواتية لتمريره حتى مع رفْض الطيب نفسه، خصوصاً أنه في تلك الفترة استقبل بابا الفاتيكان وأجرى زيارات خارجية كثيرة ترجّح كفته.
وأشار الخبير إلى أنه لا يمكن تجاهل تلويح الطيب بالاستقالة حال تمرير قانون أبو حامد، وهو ما كان سيُحدث ضجّة دولية وإقليمية لحساسية منصب شيخ الأزهر، وبالتالي ربما جاء التفكير لاستثناء منصب شيخ الأزهر من المشروع المحتمل.