مباريات الأندية لها طابع مختلف، إنها البطولات التي يعيشها الجمهور طوال فترات الموسم الكروي دون توقف، تختلف كثيراً عن تجمعات المنتخبات، كأس العالم، اليورو، كوبا أميركا وغيرها، كلها دورات تقام في أوقات زمنية مختلفة، لذلك تبقى دوري أبطال أوروبا هي العصبة الأرقى والأمتع والأقرب إلى قلوب مجاذيب اللعبة، ولا تضاهيها أي متعة أخرى. إنها ذات الأذنين التي يطمح إليها كل النجوم العظام في مختلف ملاعب القارة العجوز.
البطولة الثانية
بالمثل بل أكثر، تحصل النسخة المشابهة لهذه البطولة في أميركا اللاتينية على اهتمام خاص، كأس الليبرتادوريس، بطولة دوري أبطال القارة المعزولة، والتي حصلت على هذا الاسم كإجلال وتقدير لأبطال حروب الاستقلال في بلدان أميركا اللاتينية أمثال سيمون بوليفار وبيدرو الأول. أي جمهور كرة القدم في حضرة النسخة التي تشتهر بهيبة مماثلة لبطولة دوري أبطال أوروبا.
ولا تكتفي هذه اللعبة بالشغف الجماهيري والاهتمام الإعلامي فقط، بل زادت أهميتها فنياً وكروياً بعد تنظيم بطولة كأس العالم للأندية، لأن حامل اللقب يلتقي في أغلب الأحيان مع بطل أوروبا في النهائي، كما حدث في أكثر من نسخة بالسنوات الماضية. كلهم يتذكرون النهائي الشهير بين برشلونة وستوديانتس في الإمارات، كذلك المباراة الأخيرة بين ريال مدريد وسان لورينزو في المغرب، لينتظروا النسخة المقبلة التي ستقام نهاية هذا العام.
فارس الأرجنتين
وضع ريفر بليت الأرجنتيني قدمه الأولى في نهائي الليبرتادوريس، بعد فوزه ذهاباً على غواراني بطل الباراغواي بنتيجة هدفين دون رد، ليكون هو المنافس الأوفر حظاً لمواجهة إنترناسيونال أو تغريز أونال، على بعد خطوة واحدة من المشاركة في مونديال الأندية. ويعتبر فريق بيونس آيرس بمثابة الحصان الجامح في هذه النسخة، بسبب ثبات مستوى لاعبيه، مع قوة دفاعه وحسم هجومه في المباريات المصيرية.
يقود الفريق من خارج الخط صاحب الوجه الطفولي، مارسيلو غالاردو، نجم الفريق خلال حقبة التسعينات، واللاعب الذي زامل أساطير النادي، أورتيغا، كريسبو، إنزو فرانشيسكولي، سالاس، وفاز معهم ببطولات عديدة يتذكرها كل عشاق نادي المليارات في الأرجنتين. ويطمح غالاردو هذه المرة في تكرار الفوز بكوبا ليبرتادوريس، لكن هذه المرة كمدرب بعد أن خطفها كلاعب عام 1996.
تتلمذ المدرب الشاب على يد كبار مدربي الكرة الأرجنتينية، مارسيلو بيلسا، باساريلا، وأليخاندرو سابيا، لكنه يحاول دائماً وضع بصمته الخاصمة، من خلال المحافظة على الضغط القوي واللعب العمودي، مع إضافة صبغة دفاعية على تكتيكه، ليصبح متوازنا إلى حد كبير، خصوصاً في السوبر كلاسيكو، أو خلال مباريات الذهاب والإياب في البطولة القارية، لذلك ينافس الريفر في الدوري المحلي، ويحتاج فقط إلى تعادل أو هزيمة بفارق هدف من أجل ضمان الوصول إلى نهائي ليبرتادوريس.
خصم برشلونة
مجرد تخيل نهائي عالمية الأندية بين برشلونة وريفر بليت سيكون أمرا مبهجا ومفرحا، خصوصأً أن الخصم الأرجنتيني يمتاز بتاريخ كروي عريض، مع مرونة تكتيكية واضحة هذه السنة. أسماء مثل مورا، سانشيز، بيسكوليتشي، بونزيو، وحتى غوتيريز المغضوب عليه من قبل المدرب، بسبب رغبته في الرحيل، كلهم نجوم يستطيعون التألق سواء في ملاعب أوروبا أو أميركا الجنوبية.
خطة ريفر بليت قريبة من 4-4-2 ومشتقاتها، الخطة اللاتينية الأشهر خلال السنوات الأخيرة، ويستخدم غالاردو هذا التكتيك بشكل مختلف، من أجل الاستفادة القصوى من مركز لاعب الوسط المتقدم، الذي يقوم بصناعة اللعب على الطريقة القديمة، بوجود لاعب ارتكاز دفاعي صريح من رباعي الوسط، مع تواجد ثنائي بين العمق والطرف، وأمامهم بيسكوليتشي، الداعم الرئيسي للمهاجمين في الأمام.
ماتياس كرانيفيتر لاعب ارتكاز من طراز خاص، يتمركز في الغالب أمام رباعي الدفاع، يقطع الكرات وينقل الهجمة إلى الوسط ثم الهجوم، ويعتبر هدف استراتيجي لفريق أتلتيكو مدريد الذي يراقبه منذ فترة. بينما يمتاز زميله سانشيز بقدرته على لعب دور الجناح الداخلي، بينما روخاس هو الارتكاز المساند في توليفة المنتصف. ومع غياب غوتيريز عن الأجواء مؤخراً، فإن زميله رودريغو مورا هو الهداف الرئيسي للفريق، والنجم الذي سيترك الريفر بعد نهاية الموسم، متجهاً إلى الملاعب السعودية وبالتحديد نادي النصر.
أيام الحسم
خطة 4-4-2 الأرجنتينية تتحول أثناء الهجوم إلى ما يشبه 4-1-2-1-2، رباعي دفاعي، لاعب ارتكاز، ثنائي وسط، ثم صانع لعب فثنائي هجومي بالأمام. وفي الحالات الدفاعية، يطبق غالاردو تكتيك دييغو سيميوني المفضل، بالعودة إلى رباعية الوسط، ثنائي ارتكاز بالعمق، مع ثنائي على الأطراف يضم على البقية، مع عودة المهاجمين إلى الخلف بضع خطوات، هكذا تُصنع اللعبة في الأرجنتين تكتيكياً.
تخطي عقبة الفريق البارغواني في النصف، وانتظار البطل البرازيلي أو الخصم المكسيكي في النهائي، ومن ثم اللعب على خطف اللقب واستعادة الأمجاد القديمة، للفريق الفائز ببطولتين ليبرتادوريس فقط، الرقم الذي يعتبر قليلا بالنسبة لتاريخ ريفر بليت العريق، لذلك هذه الفرصة لن تتكرر بسهولة، والرجل ذو الوجه الطفولي يُدرك هذا جيداً!