في لقاء جعجع وعون

21 يناير 2016
+ الخط -
من دون سابق إنذار، تصدر المؤتمر الصحفي المشترك لرئيس القوات اللبنانية، سمير جعجع، ورئيس كتلة التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، شاشات التلفزة اللبنانية. خبر لم يكن ليتعدى كونه حدثاً سياسياً، لولا رمزية الشخصين والأهداف التي التقيا عليها، عقب سنوات من القطيعة والمناكفة السياسية.
عقد جعجع المرشح "الرمزي" للرئاسة لقاءً مشتركا مع عون غريمه السياسي، ومنافسه الأول على الساحة اللبنانية، والهدف منه إعلان ترشيح الأخير للرئاسة، وهو الذي سبق أن ترشح في وجهه لمنعه من الوصول إلى سدة الحكم، ما يدفع المرء للبحث عن التطورات الخطيرة والمجهولة التي تدفع رئيس "القوات اللبنانية" إلى إعطاء عون قيادة الساحة المسيحية على طبق من ذهب؟ ما هي الأسباب التي تدفع بجعجع إلى دعم الرجل الذي طالما وصفه بالشخص الذي يريد تدمير البلد في مقابل الوصول إلى الرئاسة؟
في المقابل، كيف وافق عون على وضع يده بيد من اعتبره عدوا في وجه من اعتبره حليفا؟ كيف نجح زعيم الرابية بالقفز فوق التفاهم "التاريخي" مع حزب الله، ليصل إلى معراب؟ هل الرئاسة لدى عون أكثر أهمية من حلفٍ غالباً ما تغنى أنه الضمانة للمسيحيين في لبنان والشرق ودرعا واقيا للبنان؟ هل من السهل إقناع شارع كل منهما بهذه الاستدارة الكبيرة في المواقف؟؟
هذه الأسئلة، وغيرها تساؤلاتٌ كثيرة تدور في ذهن المشاهد، فور رؤيته الزعيمين اللبنانيين المسيحيين يبتسمان ويصفقان لبعضهما، لا تعكس الواقع السياسي لكل منهما.
بالعودة إلى الماضي الأبعد من ثورة الأرز 2005، والتي أعادت إحياء حياتهما السياسية، بعد عودة عون من المنفى وخروج جعجع من السجن، نجد أنهما كانا من ألد الأعداء، على الرغم من تقاطع أهدافهما، وهي حماية المسيحيين ومنع تهميشهم، غير أن التنافس على النفوذ بين الزعيمين إبّان الحرب الأهلية، دفع ثمنه المسيحيون قبل غيرهم بعد المعارك الطاحنة، وأبرزها حرب الإلغاء في العام 1990، والتي راح ضحيتها مئات اللبنانيين، جلهم من الفئة التي تسابقا للدفاع عنها.
أما اليوم، فيجلس حكيم معراب جنباً إلى جنب مع جنرال الرابية، ليؤكد اللقاء أن السياسة في لبنان لعبة مجنونة، لا ثوابت فيها أو مبادئ، لتتجه الأنظار بصورة أدق إلى حلفاء كل منهما، فحزب الله الذي أعلن دعم عون، في وقت سابق، بوجه سليمان فرنجية كيف سيبرر دعمه الجنرال، بعد أن مال إلى من يصفه إعلامهم أنه "عميل لإحدى السفارات". في المقابل، هل سيدعم تيار المستقبل قرار حليفهم الأول في قوى 14 آذار، ويخاطرون بالتحالف، وإن كان بصورة غير مباشرة مع "ميليشيات إيران في لبنان"، بعد أن أغدق إعلامهم في مهاجمتها على مدار السنوات الفائتة؟
وبعد جملة من التساؤلات المشروعة والمنطقة، لا ننفي إمكانية وجود نيات سليمة بين الأفرقاء، لتحريك المياه الراكدة، وإنهاء حالة الفراغ الرئاسي، وإن كان على حساب بعض التنازلات السياسية، إلا أن الأكيد أن الحسابات السياسية في لبنان تجعل متابعها يتقمص شخصية المحلل السياسي نزار في مسرحية "فيلم أميركي طويل"، ويصبح لسان حاله يقول "ما حدا عارف شي من شي".
D32CC28D-4B72-4799-9C38-BB74C5C4DD1D
D32CC28D-4B72-4799-9C38-BB74C5C4DD1D
جلال قبطان (فلسطين)
جلال قبطان (فلسطين)