أصبح عمر موسوعة "ويكيبيديا" عشرة أعوام. الموسوعة، غير الربحيّة، نظّمت مؤتمرها العاشر هذا العام في العاصمة البريطانيّة، لندن. بالرغم من ذلك، عاملتها الصحافية البريطانيّة ببرودة، بينما جذب المؤتمر تغطية صحيفة "لوموند" الفرنسيّة.
ينظر البريطانيّون للتجربة غير المسنودة بمرجعيّة وأُسس تحكم الموسوعات التقليديّة الأخرى بحذر. فقد بثّت القناة التلفزيونيّة الرابعة تقريراً يُشكّك بمصداقيّة "ويكيليكس"، بعد أن ثبت دخول مستخدمٍ مجهولٍ من شبكة الحكومة، وأجرى تعديلات على مادة تتحدث عن مقتل طفل نيجيري في بريطانيا بعد أشهر قليلة على وصوله مع عائلته، فبدّل كلمة "قُتل"بـ"توفي".
ودخل مستخدم آخر من جهاز حكومي، ليُضيف سبع فقرات سعت إلى إظهار خصخصة السكك الحديديّة قضيّة لمصلحة الاقتصاد البريطانيّ. تمّت التعديلات من عناوين تمّ التأكّد في الماضي من كونها آمنة، يتواصل عبرها موظفون في الحكومة، ومن بينهم ضباط شرطة مع مواقع أخرى. وأوضح التقرير أنّ جميع تعديلات "ويكيبيديا" مرئيّة في تاريخ الصفحة، وأنّه يمكن معرفة عنوان بروتوكول الإنترنت الذي جاء منه التغيير.
تَبقى موسوعة "ويكيبيديا" صغيرة على الشبكة، رغم أنّها خامس أكبر موقع عليها من حيث الحضور. تُحقّق المؤسسة تسعة مليارات مشاهدة في الشهر، بالإضافة إلى 4.5 مليون مساهمة على نسختها الإنكليزيّة، و1.5 مليون مساهمة على النسخة الفرنسيّة.
تُنشر محتويات الموسوعة على الإنترنت عن طريق الآلاف من المتطوعين. هذه الفكرة، بدت محفوفة بالمخاطر في بدايتها في عام 2001، وقد أثبتت نفسها عبر السنوات. لكنّ الانتقادات لاحقت الموسوعة، لاتّهامها بغياب المهنية أو المرجعيّة التي توازي مهنيّة القواميس الرسميّة، أي التي تصدر عن مؤسسات معروفة. ويعتمد تمويل الموسوعة بالكامل على التبرّعات. فقد وصل "ويكيبيديا" في عام 2013، 52 مليون دولار لهذه الغاية.
وتساءل أحد مؤسسي الموسوعة البريطانية، جيمي ويلز، إن كانت "المنظمة غير الربحية التي تهدف لجلب المعرفة الحرة للعالم ستفقد وقودها". وتابع في مقابلة معه: "ويكيبيديا شاملة جدا الآن. هناك المزيد من المقالات السهلة الكتابة، فلا يمكنك أن تكون أول من يكتب "أفريقيا هي قارة"! وأضاف: "أنا قلق، ولكن ليس من تناقص عدد المساهمين فيها، بل أتساءل إن كان الناس لا يزالون يرغبون في المساهمة فيها، وإن كانت لا تزال مثيرة للاهتمام".
لكنّ القيّمين على الموسوعة يعتبرون أنّ "التراجع نسبي جداً". ويقولون إنّ "المساهمات في النمو في لغات أخرى، وحركة المرور في الموقع أكثر أهمية من أي وقت مضى". وأعلن القيّمون أنّ المؤتمر هذا العام جمع قرابة ألفي مندوب، أي أنّه رقم قياسيّ. لا يُفسّر الخرق الذي تحدّثت عنه القناة الرابعة، البرودة الإعلاميّة التي رافقت المؤتمر، فالبريطانيون عموماً، ومن منظور رسمي، لا يميلون نحو دعم ما هو غير مألوف لتقاليد ثقافتهم، ومن ذلك، التقاليد الأكاديمية، فأصحاب قاموس "أكسفورد" الشهير، والموسوعة البريطانيّة "بريتانيكا" لن ينظروا لتجارب أخرى إلّا بعين الحذر، بل وببرودٍ شديدٍ في كثير من الأحيان.