انتهت بطولة كأس العالم للسيدات في فرنسا يوم الأحد المنقضي، وحققت سيدات الولايات المتحدة الأميركية اللقب بعد الفوز على هولندا بهدفين نظيفين، هنا لن نتحدث عن التاريخ أو عن المستوى الفني لهذه النسخة، فالعنوان الأبرز كان "بطولة الرسائل المباشرة والمساواة".
الأفضل ورسالة قبل البطولة
"لقد احترمت دائماً لاعبي كرة القدم الرجال بسبب ما يكسبونه. الفجوة هائلة، لكن في الوقت نفسه تحتاج إلى منح الشابات والفتيات الفرص نفسها التي يتمتع بها الرجال. هذا هو المكان الذي نحتاج فيه إلى التغيير"، بهذه الكلمات عبّرت آدا هيغربرغ قبل فترة عن التفاوت الكبير بين ما يحصل عليه الرجال في عالم الساحرة المستديرة وما تتقاضاه السيدات.
من المناطق الريفية في النرويج، جاءت آدا هيغربرغ لتقول كلمتها للعالم بأسره قبل فترة من انطلاق مونديال السيدات، ابنة تلك العائلة المحبة لكرة القدم، لطالما دعمتها للاتجاه نحو هذه اللعبة تحديداً والابتعاد عن ممارسة كرة اليد الشهيرة في البلاد هناك.
الجميع في تلك العائلة يعرفون ويؤكدون أن المساواة بين الجميع أمرٌ مهم، لعب كرة القدم بالنسبة لهم لا يختلف بين فتاة ورجل. قبل انطلاق البطولة هذا الصيف قالت في مقالٍ نشرته "سي أن أن": "نحن نعيش في عالم حيث المساواة هي أهم شيء، نحن في 2019، يجب أن يكون للمرأة موقعها، وهذا هدفي في المجتمع".
القصة بدأت بعد عرض النرويج الضعيف في بطولة أوروبا 2017، بعد الفشل الذريع هناك أو الكارثة لسوء النتائج، أكدت هيغربرغ أنها لن تنضم للفريق في بطولة العالم 2019 بسبب الإحباط في تعامل بلدها واتحاده مع كرة القدم النسائية.
في وقتٍ لاحق، خلال مقابلة مع مجلة جوسيمار قالت: "تُركت مكسورة ذهنياً، عانيت من كوابيس اللعب مع المنتخب. كان الأمر صعباً للغاية، إنه شعورٌ محبط، لا ينبغي أن تكون لديك أحاسيس من هذا القبيل. إذا كنت ترغب في الوصول إلى أي مكان في الحياة، فعليك اتخاذ الخيارات الصائبة".
تقول هيغربرغ إنها استعادت قدرتها على النوم بشكلٍ مريح بعد قرار التوقف عن اللعب مع المنتخب، مع العلم أنها توجت أخيراً بلقب أفضل لاعبة في العالم، فاللاعبة البالغة من العمر 23 عاماً قادت نادي ليون للتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا للسيدات في أربع مناسبات متتالية من 2015 حتى 2019.
كانت مطالبات هيغربرغ ثابتة "المساواة بين الرجال والسيدات" في المنتخب الوطني، خاصة أن الأول يغيب عن الساحة العالمية ولم يقدم أي شيء يُذكر.
وافق الاتحاد النرويجي منذ ذلك الحين على مضاعفة مجموع المكافآت للنساء من 3.1 ملايين كرونة نرويجية (280.000 جنيه إسترليني) إلى 6 ملايين كرونة (546.000 جنيه إسترليني)، لكن هيغربرغ بقيت ثابتة على قرارها بمقاطعة المنتخب الوطني.
حاول القائمون على اللعبة فتح بابٍ للحوار مع هيغربرغ، لكن النتيجة كانت سلبية، قبل أن تخرج مارتن شوغرين، مدربة النرويج، للقول إن اللاعبة المميزة لن تكون ضمن التشكيلة، بتصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية، مؤكدةً عقد اجتماعات متكررة باءت بالفشل، مع العلم أن الأمر انطبق أيضاً على أندرين شقيقة آدا، لاعبة نادي باريس سان جيرمان، التي رفضت خوض كأس العالم مساندة لشقيقتها ولقضية المساواة.
النجمة والحرب في سبيل المساواة
"لاعبة كرة القدم النسائية ميغان رابينو، قالت إنها لا تريد الذهاب إلى البيت الأبيض إذا فاز المنتخب باللقب. بعيداً عن دوري كرة السلة للمحترفين كلّ الدوريات والفرق تعشق المجيء. أنا متعصب جداً للمنتخب الأميركي ولكرة القدم النسائية، ولكن يجب على ميغان أن تفوز قبل أن تتحدث! انتهِ من عملك".
كانت هذه رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقائدة منتخب بلاد العم سام ميغان رابينو، التي أكدت في وقتٍ سابق أنها لن تزور البيت الأبيض في حال توجت باللقب، وهي التي استطاعت أن تسجل هدفين في النهائي: واحدٌ منهما في شباك هولندا وآخر في شباك ترامب نفسه.
تصريحات رابينو بعدم رغبتها في زيارة البيت الأبيض، كانت بسبب سياسة ترامب في التعاطي مع كرة القدم النسائية عامة وعدم موافقته على المساواة نظراً لاختلاف العائدات والوضع الاقتصادي، ومن ثم ردّه على مطالبات واعتراض نجمات المنتخب بتقريب الأجور التي يحصلن عليها مُقارنة بمنتخب الرجال، الذي فعلياً لم ينجح طوال مسيرته في تقديم شيء يُذكر في المونديال.
الولايات المتحدة حققت لقبها الرابع في تاريخ كأس العالم للسيدات (رقماً قياسياً)، ومع ذلك يبقى الفارق كبيراً، بل مهولاً، يومها قالت رابينو: "ترامب لن يقوم بدعوتنا، سيتجاهل دعوة فريق يمكن أن يرفض القدوم، أو كما فعل حين رفض فريق غولدن ستايت ووريورز بدوري كرة السلة الأميركي للمحترفين في 2017، سيقول إنه لم تتم دعوتهم من الأساس".
رابينو القائدة صاحبة الشخصية القوية، كان لها موقف آخر خلال البطولة، فقبل النهائي هزّت الشارع الرياضي بأكمله حين هاجمت الاتحاد الدولي للعبة قبل النهائي، مؤكدةً أنه لم يتم احترام رياضة السيدات.
في البداية، انتقدت رابينو إقامة النهائي في يوم موعد خوض المباراة الختامية لكوبا أميركا والكأس الذهبية، قائلة: "قم بإلغاء كلّ شيء آخر"، في رسالة إلى جياني إنفانتينو رئيس فيفا.
غضب رابينو كان بسبب إقامة المباراة النهائية في وقت مبكر: "لا أشعر بالمستوى نفسه من الاحترام الذي يتعامل فيه فيفا مع بطولات الرجال".
وكان إنفانتينو قد أكد أنه يسعى لمضاعفة عائدات بطولة السيدات من 30 إلى 60 مليون دولار، لكن الفجوة ستبقى هائلة بين حاجز 400 مليون دولار في مونديال السيدات، وهذا الأمر وصفته رابينو بأنه ليس عدلاً، مطالبة بجعل الرقم أربعة أضعاف في المرة المقبلة.