لكن نظرية المؤامرة كانت واضحة في نظر كثيرين اعتبروا أن تلك الحادثة مدبرة، خاصة أن الحياة المثيرة والغامضة لأسمهان، ثم تألقها الفني في زمن قصير غذّى الشعور بأن وفاتها كانت إثر عملية مدبرة بواسطة سائق السيارة الذي اختفى بعد الحادثة، في حين ماتت أسمهان وصديقتها ماري قلادة، غرقاً داخل السيارة التي سقطت في الترعة الساحل.
هناك من اتهم أجهزة المخابرات البريطانية بقتلها، وهناك من اتهم المخابرات الألمانية، ولم تنج المخابرات الفرنسية أيضاً من الاتهام. ووجدنا من يتهم الملك فاروق لغضبه منها، لأنها أسهمت في نشر فضائح عن الملكة نازلي، بينما أشارت أصابع الاتهام إلى زوجها الأول وابن عمها الأمير "حسن الأطرش" الذي تركته مرتين ورحلت إلى مصر! ولم تخل المنافسة الفنية من غمز ولمز حين اتهمت "أم كلثوم" بتدبير المؤامرة لإزاحتها من طريقها الفني.
أما أحدث صيحة في الاتهامات فكان بطلها الإخواني السابق (ثروت الخرباوي) الذي أصبح نجماً إعلامياً ومثقفأً معتمداً لدى النظام المصري بعد 30 يونيو/حزيران 2013، فتم تقديمه بوصفه مثقفاً مثالياً.
اتهم الخرباوي جماعة الإخوان بأنها هي من قتلت أسمهان بصيغة الجزم، بعدما أورد ذلك في مسلسل إذاعي من تأليفه بعنوان "التنظيم السري". يذهب الخرباوي إلى أن جماعة "الإخوان المسلمين" زرعوا سائقاً تابعاً لهم في استديو مصر، وأنه هو الذي نفذ الحادثة بتوجيه مباشر من الجماعة ومرشدها "حسن البنا".
في خضم التصفيق والانتباه لكل ما هو غريب وفاشي ضد الخصوم السياسيين يكون الخرباوي وحده طوال 71 سنة هو الذي اطلع على وثائق المخابرات الأجنبية التي تشير إلى هذه الحادثة! فهو يزعم أن هذا الأمر حقيقة ثابتة من خلال وثائق الخارجية الفرنسية، ووثائق الخارجية البريطانية، مضيفاً: "وأيضا من خلال معلوماتي الشخصية التي استمددتها من رموز النظام السري عندما كنت في الإخوان".
وتفاصيل الحادثة، وفقاً لرواية الخرباوي في المسلسل، تكمن في أن أسمهان كانت تتعجل الوصول إلى وجهتها "رأس البر" وعندما اقتربت السيارة من "ترعة الساحل" التي تقع بين طلخا ودمياط، هدأ السائق من سرعة السيارة فجأة ونظر خلفه ثم فتح الباب، وألقى بنفسه خارج السيارة، بعد أن وجه عجلة القيادة تجاه الترعة، فسقطت السيارة وتركهما السائق لمصيرهما!
ولدت أسمهان في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1915، في أسرة سورية شهيرة، وأخوها هو الفنان والموسيقار فريد الأطرش. هاجرت إلى مصر مع أسرتها بعد الثورة السورية الكبرى. وقد اكتشفها الملحن (داود حسني) الذي أطلق عليها اسمها الفني (أسمهان). وقد لمع نجمها الفني، وعاشت حياة ممفعمة بالأحداث السياسية، وقدمت العديد من الأعمال والأغاني إلى أن لقيت حتفها في ذلك الحادث المؤسف وهي في ريعان شبابها.
اقرأ أيضاً: 12 نجماً لم يكشف لغز موتهم