في ذكرى طه حسين ..قاهر الظلام وأضواء السينما

28 أكتوبر 2015
بصمة صغيرة في عالم السينما (العربي الجديد)
+ الخط -


في مثل هذا اليوم قبل اثنين وأربعين عاماً، توفي الكاتب الكبير طه حسين، تاركاً خلفه إرثاً ثقيلاً في عالم الأدب، وبصمة صغيرة في عالم السينما، ولكنها على صغرها، لها بالغ الأثر وفائض من الضوء.

ولد طه حسين عام 1889، وحين بلغ الرابعة من عمره، فقد بصره، غير أن بصيرته كانت تتفتح يوماً بعد يوم، فانغمس في طلب العلم، ونال أعلى الدرجات والمراتب، إذ حصل على الدكتوراه عام 1914 ثم سافر إلى باريس وعاد ليتم تعيينه في كلية الآداب التي استطاع أن يصبح عميداً لها عام 1932، كما أصبح لاحقاً وزيراً للتربية والتعليم ولُقّب بعميد الأدب العربي.

إضافة إلى حربه مع الظلام في سبيل نور العلم والمعرفة، فإن طه حسين خاض حرباً أخرى ضد التخلف الاجتماعي، وحاول أن يحدث تغييرات ملموسة على أرض الواقع داخل بلاده، من خلال كتاباته الأدبية، ليتحول إلى داعية من دعاة التنوير.

ولأن علاقة الأدب بالسينما كانت قوية جداً آنذاك، فإنه كان من الطبيعي أن يتهافت المنتجون على طلب أعماله، ففي ربيع عام 1951، عرض المخرج إبراهيم عزالدين على طه حسين أن يقدم كتابه "الوعد الحق" في فيلم تحت عنوان "ظهور الإسلام"، وقد وافق طه حسين بشرط أن يقوم بكتابة الحوار، في حين يتولى المخرج كتابة السيناريو، ونال الفيلم نجاحاً كبيراً، مما سهل عملية توقيع عقد ثان في السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1951، لإنجاز فيلم بعنوان "ميلاد النبي".

وكان يفترض أن يؤلف الفيلم طه حسين، وأن تنتجه عزيزة أمير، ويخرجه محمود ذو الفقار، لكنّ شروط العقد التي تقضي بمنح حق التدخل لطه حسين في كل أمور الفيلم السينمائية، جعلت العقد يحل بالتراضي، أمام عدم قدرة المخرج والمنتجة على تحمل هذا الشرط.

وبقي طه حسين بعيداً عن السينما ثمانية أعوام، قبل أن تجد روايته الشهيرة "دعاء الكروان" طريقها إلى الكاميرا، بعد أن أثارت عاصفة من الجدل حين صدورها، ففي 18 من نوفمبر عام 1959، التقط هنري بركات النص وحوّله إلى واحد من أهم الأعمال في تاريخ السينما وغيّر نهايته بموافقة الأديب الذي سجل في نهايته تلك الجملة الخالدة.

ووصل الفيلم إلى التصفية النهائية ضمن أفضل خمسة أفلام أجنبية في مسابقة الأوسكار آنذاك، وتألقت فاتن حمامة في أداء دور آمنة – أو سعاد وهو اسم بطلة الرواية- ونالت عنه جائزة أفضل ممثلة، مثلما كان لكل من أحمد مظهر وزهرة العلا ولهنري بركات نصيبه من الجوائز والتكريمات عن هذا العمل.

غاب طه حسين مرة أخرى 11 عاماً، قبل أن يعود إليها عام 1970، مع المخرج نفسه بفيلم ثالث وأخير، حمل عنوان "الحب الضائع" الذي غيّر بركات نهايته مرة أخرى، وتقاسم بطولته كل من سعاد حسني ورشدي أباظة وزبيدة ثروت، ولم يكن الحب فقط ما ضاع بعد هذا العمل، بل ضاعت قصص كثيرة لطه حسين لم يتم تحويلها إلى أعمال سينمائية.


اقرأ أيضاً: رحيل الفنان العراقي عبد الجبار الدراجي في الأردن
دلالات
المساهمون