يُحيي أحد أبناء مخيم الجلزون، شمال رام الله، وسط الضفة الغربية، ويدعى خالد الشيخ قاسم، الذكرى الـ 66 للنكبة الفلسطينية، التي تصادف اليوم الخميس، بإغلاق إحدى غرف منزله الثلاث نهائياً، لأنها أصبحت مكاناً غير قابل للاستخدام البشري، نتيجة لتسرب مياه الصرف الصحي، إلى داخلها عبر الجدران، وتصبح مكاناً للحشرات والزواحف، وما يتبعها من روائح وأمراض.
وخالد، الذي ورث منزله الصغير عن والديه، لا يملك أية حلول لحل مشكلة تسرب المجاري، وهو واحد من مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، الذي يطالبون السلطة الفلسطينية والأونروا منذ عقود، بحل مشكل مياه الصرف الصحي داخل المخيمات.
يقول الشيخ قاسم لـ"العربي الجديد" بنبرة مخنوقة: "المخيمات لا تختلف عن العشوائيات أبداً، فلا بنية تحتية جاهزة ولا شوارع ولا شبكات للصرف الصحي تحافظ على آدمية المكان".
وأقيم مخيم الجلزون عام 1949، لاستيعاب اللاجئين القادمين من المدن الفلسطينية الواقعة في مناطق 48، بمساحة بلغت حينها نحو 270 دونماً، بينما اليوم، ينتشر المخيم على مساحة تبلغ قرابة 1000 دونم.(الدونم يعادل 1000 متر مربع".
ويبلغ عدد المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية نحو 19 مخيماً، و8 مخيمات في قطاع غزة، بينما ينتشر 31 مخيماً للاجئين في 3 دول عربية، وهي الأردن وسوريا ولبنان، وجميعها تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، بحسب الإحصاء الفلسطيني.
وتختصر مشاهد قنوات المياه بين زقاق المخيمات والنفايات المتراكمة على جنبات طرقاتها الرئيسية وأمام المنازل، ورائحة الرطوبة التي تملأ المكان، الحالة المعيشية والبنيوية لأكثر مناطق الضفة الغربية تهميشاً.
ولا تتعدى غالبية الطرق العظمى، داخل المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، كونها زقاقاً يتسع لشخصين فقط، وهي واحدة من المشكلات التي لا تستطيع اللجان الشعبية في المخيم حلها، دون تدخل ودعم حكومي.
ويرى ممثل اللجنة الشعبية في مخيم الجلزون، محمود مبارك، أن الحكومة الفلسطينية لم تعد تعطي تلك الأهمية المطلوبة للمخيم، "الذي ينعكس وضعه على بقية المخيمات الـ 19، من تهميش وتغييب للدعم المالي".
وأضاف مبارك خلال حديث مع مراسل "العربي الجديد": "المخيمات الفلسطينية عبارة عن قنبلة موقوتة، الكل يضيق من جهته علينا، الحكومة من جهة والأونروا من جهة أخرى،
وقد تنفجر هذه القنبلة، التي تمثل الضغط، الذي يعانيه السكان، في أية لحظة".
وتابع:"لقد كانت الحكومة تقدم لكل مخيم مبلغاً لا يتجاوز 150 ألف دولار سنوياً، للقيام بعمليات تطوير في البنية التحتية وتحسين الوضع المعيشي لبعض العائلات، إلا أن هذا الدعم انقطع بأكمله خلال آخر عامين".
ويندمج سكان المخيمات الفلسطينية في الوظائف الحكومية، والقطاع الخاص الفلسطيني في الضفة الغربية، إلا أن الوضع الاقتصادي المتراجع، وتدني مستوى المعيشة فيها، جعل التطور العمراني، والاجتماعي والاقتصادي في المخيمات محدوداً.
ولم تكن خدمات المياه والكهرباء في المخيمات الفلسطينية أفضل حالاً، إذ إن سوء التمديدات الكهربائية للشركات المزودة إلى المخيمات، أوقعت المنازل في ظلمة خلال فصل الشتاء تمتد لأيام، في الوقت الذي يرفض فيه القائمون على شركات الكهرباء تطوير الشبكة لأسباب مرتبطة بتراكم الديون على اللاجئين فيها، حسب مبارك.
أما صيفاً، فإن مشكلة المياه في المخيمات تكون الأبرز نتيجة لتهميش شركة المياه للمخيمات المنتشرة في الضفة الغربية، "وإن أفضل شهور الصيف، تلك التي تصل فيها المياه إلى كل منزل في المخيم مرة في الأسبوع"، بحسب رئيس اللجنة الشعبية للمخيم.
وبحث "العربي الجديد" في ميزانية عام 2013، ومشروع موازنة العام الجاري عن حصة المخيمات من النفقات الحكومية البالغة 4.21 مليار دولار، إلا أنها كانت غير مدرجة.
وحاول "العربي الجديد" التواصل مع وزير الحكم المحلي، في الحكومة الفلسطينية، سائد الكوني، للتأكد من إرفاق المخيمات في موازنة العام الجاري، إلا أنه تعذر الوصول إليه.
وتشكل نسبة اللاجئين في فلسطين 44.2٪ من مجمل السكان، وفق أرقام الإحصاء الفلسطيني عن عام 2013، بينما بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في فلسطين وخارجها 5.35 مليون لاجئ فلسطيني.
وتمثل هذه التقديرات الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين، باعتبار وجود لاجئين غير مسجلين، إذ لا يشمل هذا العدد مَنْ تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية حرب يونيو/حزيران 1967، ولا يشمل أيضا الفلسطينيين، الذين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967 على خلفية الحرب، والذين لم يكونوا لاجئين أصلاً.
يذكر أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، قد قلصت من حجم الخدمات والدعم المقدم للمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية.
وألغت وظائف جزئية بعقود لمئات العاملين من أبناء المخيمات خلال العامين الماضيين، وأبقت على معدلات الرواتب والأجور للعاملين لديها من اللاجئين كما هي، مما دفع العاملين إلى تنفيذ إضراب عن العمل نهاية العام الماضي استمر 70 يوماً.