في ذكراها الـ41.. أزمات أم كلثوم السياسية

03 فبراير 2016
أم كلثوم بين عبدالناصر والسادات بحضور الموجي (فيسبوك)
+ الخط -

يمر اليوم 41 عاماً على غياب كوكب الشرق أم كلثوم عن دنيانا، في الثالث من فبراير/شباط 1975، وعلى الرغم من توالي العقود الأربعة، تبقى "الست" حاضرة في ذاكرة كل عربي من المحيط إلى الخليج، وشاهدة على ملايين قصص الحب والهجر، دون إغفال الجوانب السياسية والاجتماعية والإعلامية في مسيرتها الطويلة.

وبينما يعيش العالم العربي حالياً أزمة التعاطي مع بقايا الربيع العربي الذي تم الإجهاز عليه، يمكننا من وقائع التاريخ قراءة الحاضر بوضوح، خصوصاً بمقارنة مواقف أم كلثوم مع حكام مصر، بمواقف نجوم العصر بالحكام.

بزغ نجم "ثومة" في عهد الملك فؤاد (1868- 1936)، وغنت في حضوره مرات عدة، ما جعلها توصف بمطربة البلاط الملكي، خصوصاً بعد أن منحها الملك قلادة "صاحبة العصمة"، وهي أعلى وسام ملكي مصري يمنح للنساء، ومن أشهر ما غنت "ثومة" للملك فؤاد أنشودة "أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا.. ملك الفؤاد فما عسى أن أصنعا" عام 1932.

بعد وفاة الملك فؤاد، واصلت أم كلثوم علاقتها بالقصر الملكي، وغنت في حضور خلفه الملك فاروق (1920-1965)، واختيرت أول نقيب للموسيقيين المصريين، لكن لما قام الجيش بعزل الملك عام 1952، وبات الانقلاب العسكري يطلق عليه اسم "ثورة يوليو"، تم طردها من منصب نقيب الموسيقيين، واعتبارها "مطربة العهد البائد" ومنع أغنياتها من الإذاعة المصرية.

وكعادة كل الأنظمة العسكرية استغل جمال عبدالناصر (1918-1970) الموقف لصالحه، بنصيحة من الصحافي الراحل، مصطفى أمين (1914-1997)، فألغى تلك القرارات، وأمر بإجراء انتخابات جديدة على منصب النقيب، فاز فيها موسيقار الأجيال، محمد عبدالوهاب، (1902-1991)، فغضبت أم كلثوم وهاجت وماجت، وأعلنت اعتزال الغناء، في خطوة مدروسة زادت من لهيب الحرب المشتعلة.

انتهت الحرب لصالح أم كلثوم التي زارها ثلاثة من قيادات الثورة العسكرية على الحكم الملكي هم جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر وصلاح سالم لتتراجع عن قرارها المدوي، واستغل عبد الناصر الزيارة مجدداً ليتقرب من النجمة العربية الأشهر، والتي باتت لاحقاً تتغنى باسمه، مثلما تغنت سابقاً باسمي الملكين فؤاد وفاروق.

من بين أشهر أغنيات أم كلثوم لعبد الناصر، "بعد الصبر ما طال. نهض الشرق وقال.. حققنا الآمال. برياستك يا جمال".



كانت أم كلثوم موهبة نادرة، لكنها لم تكن مثقفة موسيقياً، لكنها كانت تستعيض عن ذلك بعدد من أبرع موسيقيي عصرها، ومن القصص المتداولة أنه أسند إليها رئاسة لجنة اختيار النشيد الوطني الجديد للجمهورية، واختارت هي نشيداً لحنه محمد عبدالوهاب على الرغم ممّا كان بينهما من خلاف شهير، إلا أن عضو اللجنة الدكتور، حسين فوزي، أثبت أن النشيد منقول من إسطوانة للموسيقار التشيكي بيللا برنوك.

وبينما كانت علاقة أم كلثوم بعبدالناصر وثيقة ومتميزة، فإنها كانت على النقيض مع الرئيس أنور السادات (1918-1981)، حيث أن أغنياتها منعت مجدداً من الإذاعة المصرية، وبينما كان المنع الأول لأنها مطربة العهد البائد، فإن الشائع أن المنع الثاني كان بسبب غيرة زوجة الرئيس (جيهان السادات) منها.
وبينما لا يوجد مصدر محايد في قصة غيرة جيهان السادات من أم كلثوم، وعلى الرغم من نفي جيهان المتكرر للأمر، إلا أن الرائج أن جيهان كانت حريصة على لقب "سيدة مصر الأولى"، ولم يكن يزعجها إلا أن اللقب يطلق على أم كلثوم، ما جعلها توعز لمسؤولين بالتضييق على أم كلثوم، حتى أن بعضهم أكد أن بزوغ نجم المطربة، ياسمين الخيام، في تلك الفترة كان مقصوداً لمنافسة أم كلثوم.

وكتب السادات نفسه في مذكراته، أنه كان يحب صوت فيروز وإسمهان، ولم يات على ذكر أم كلثوم، ما جعل بعضهم يروج لقصة أخرى مفادها الترويج للمطربة، عفاف راضي، لتكون مطربة مصر الأولى، بديلاً من أم كلثوم، وشجع على ذلك أن السادات كان يحب الموسيقار بليغ حمدي الذي اكتشف عفاف راضي.

وحكى الكاتب المصري الكبير، رجب البنا، قصة أخرى ضمن أزمات أم كلثوم في عصر السادات، قائلاً: "فى عام 1971 قررت أم كلثوم إنشاء مشروع كبير يتكلف عشرات الملايين تساهم في تمويله، وفتحت باب التبرعات للقادرين للمساهمة معها فيه، وكان المشروع يشمل إنشاء مسرح وفندق سياحي ليضمن توفير مورد ثابت للإنفاق على مشروعات الرعاية الاجتماعية للفقراء، وإنشاء دار لإيواء السيدات اللاتي لا مأوى لهن، ودار للأيتام، وسجلت لذلك جمعية باسم (دار أم كلثوم للخير)، وقامت بشراء قطعة أرض لإقامة المشروع عليها".

ويواصل البنا "فجأة اختفى حجر الأساس واختفت الجمعية، وظهرت جمعية أخرى باسم جمعية (النور والأمل) ترأستها جيهان السادات، وتناقل الناس أن أم كلثوم تتعرض لحرب من حرم الرئيس وأن هذه الحرب بدأت، منذ تولى السادات، حين ذهبت أم كلثوم لتهنئته بالمنصب، وقالت له كما تعودت:(مبروك يا أبو الأنوار)، وأظهرت السيدة جيهان السادات الغضب ونبهت أم كلثوم أمام الحاضرين إلى أنه تجب مخاطبة الرئيس بما يليق".


اقرأ أيضاً:صوت الستّ
دلالات
المساهمون