في دعم التوجّه إلى جنيف

31 يناير 2016
من اعتصام لأنصار الثورة في جنيف أمس(فابريس كوفريني/فرانس برس)
+ الخط -
منذ إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن ضغوطه الكبيرة وشروطه على المعارضة السورية للدخول في محادثات جنيف، بدأت شريحة واسعة من السوريين تدعو إلى رفض مشاركة المعارضة في المحادثات، لأنها ترى المشاركة "بيعاً للثورة" السورية، الأمر الذي لا يبدو حكيماً بالنسبة لطيف آخر من مؤيدي الثورة.

أولاً، إن الذهاب إلى المحادثات حتى في ظل الشروط المجحفة، لا يعني بالضرورة الخنوع أو التوقيع على معاهدة استسلام، فمجال المناورة لا يزال واسعاً لتحقيق مكاسب عالية، بدأت أولها، يوم الثلاثاء، عندما استطاعت هيئة التفاوض تحقيق أول نجاحاتها وكسر الشروط الأميركية وحصلت على شرعية الوفد المفاوض الوحيد، بعدما استطاعت تركيا إبعاد ممثلي حزب الاتحاد الديمقراطي عن المشاركة في الوفد المعارض، وكذلك تم إبعاد "معارضة سقف الوطن" عن المشاركة إلا بصفة مستشار بلا أي قدرة على اتخاذ القرار.

على المستوى العالمي، بدا واضحاً أنه لا أحد مستعد لدعم الثورة بالطريقة الكافية لإسقاط النظام، كما بدا واضحاً التزام حلفاء النظام به بما لا يقبل الشك. التزام لن يسعى الغرب إلى وقفه لأنه يرى أن "سقوط النظام سيكون لحساب داعش والنصرة والسلفية الجهادية". أما على المستوى الإقليمي، تبدو جلية رغبة كل تركيا ودول الخليج إلى دفع المعارضة للمشاركة، لأنهم يعون تماماً بأن هزيمة المعارضة ستعني هزيمتهم أمام روسيا وإيران، وبذلك لا يشبه السوريون الفلسطينيين الذين ذهبوا وحيدين إلى أوسلو. لكن هذا الدعم قد لا يستمر إلى الأبد، فانخفاض أسعار النفط وارتفاع تكلفة الحرب السورية، مع تمدد حزب العمال الكردستاني بالنسبة لتركيا، وتمدد نفوذ داعش والنصرة والسلفية الجهادية بما ستشكله من ضغوط غربية على الخليج، قد يحيل المفاوضات من محادثات لأجل بقاء المعارضة، إلى مفاوضات على رؤوس المعارضة.

تبقى معارضة الذهاب لجنيف غير واقعية، لأنها الذهاب سيكون فرصة ذهبية إن تم استغلالها بشكل جيد لإحراج الجميع أمام الرأي العام العالمي، وهو أمر شهدناه بكسر الشروط الروسية واكتساب المعارضة، شرعية الوفد الوحيد، ممثلاً بالهيئة التي تبدو الكيان المعارض الأكثر تماسكاً والقدرة على الحركة منذ انطلاق الثورة السورية حتى اليوم.