حقق فريق مانشستر سيتي فوزاً قاتلاً على حساب بورنموث هذا الأسبوع، وخطف رجال غوارديولا النقطة السابعة من ثلاث مباريات، ليستمروا في مطاردة فريق مورينيو الذي وصل إلى النقطة التاسعة بعد تخطي عقبة ليستر.
واستمر الفريق "السماوي" في لعب المواجهات المعقدة للمرة الثالثة على التوالي، إذ فاز بشق الأنفس على برايتون في الافتتاح، ثم تعادل في الدقائق الأخيرة أمام إيفرتون، ونجح ستيرلينغ في حفظ ماء الوجه ضد بورنموث بهدف قاتل في الدقيقة السابعة بعد التسعين، وسط مخاوف مستمرة من توتر الأعصاب، وتأخر الحسم رغم السيطرة والاستحواذ وإضاعة كم هائل من الفرص السهلة.
الخطة المناسبة
راهن بيب على خطة (3-5-2) في أول مباراتين، بوضع أغويرو وخيسوس جنباً لجنب، وتمركز ثلاثة مدافعين أمام الحارس إيدرسون، حتى يفتح الطرفين بثنائي سريع على الخط، خصوصاً مع غياب ميندي للإصابة. وعاب هذه الخطة تداخل المهاجم بالثلث الهجومي الأخير، في ظل تحرك أغويرو وجيسوس بشكل أضر بالفريق أكثر من إفادته، مع صعوبة فتح الجبهة اليسرى بالقدر المطلوب، لأن دانيلو في الأساس ظهير أيمن بينما ساني جناح صريح، لذلك سارت الأمور بشكل سيئ أمام إيفرتون، حتى تغييرات الشوط الثاني التي قلبت النتيجة.
أمام بورنموث تغير الوضع كثيراً، ليلعب السيتي بخطة (4-3-3) مع وضع دانيلو يميناً وميندي يساراً، بالإضافة لعودة دي بروين بجوار دافيد سيلفا أمام فرناندينيو، وإراحة ستونز على دكة البدلاء رفقة أغويرو، ليكون الخط الأمامي تحت قيادة جيسوس، برناردو ورحيم. وبالتأكيد على صعوبة المباراة وتأخر الفوز، إلا أن مان سيتي كان الطرف الأفضل لمدة لا تقل عن 70 دقيقة من المباراة، بعد البداية الضعيفة التي كلفتهم هدفا صاروخيا من أصحاب الأرض.
سجل خيسوس من تمريرة سيلفا البينية، واستعاد ستيرلينغ خطورته عندما ترك الطرف وتحول إلى العمق، كلاعب وسط هجومي متقدم خلف أغويرو، ليستفيد من العمل الهجومي لزميله دانيلو ويسجل بمساعدة النيران الصديقة. لكن مع أهمية هذا الفوز القيصري، لا تزال هناك نقاط ضعف واضحة في التوليفة الحالية للسيتي، تحتاج إلى عمل مضاعف ودراسة جديدة من جانب غوارديولا، خلال فترة التوقف الحالية بسبب المباريات الدولية ومنافسات الفيفا.
الدفاع والأظهرة
تحسن دفاع السيتي بعض الشيء هذا الموسم، بعد انتداب الحارس إيدرسون، وتقوية العمق بثلاثة أظهرة دفعة واحدة، والكر وميندي في الخانة الأساسية، ودانيلو كجوكر بين الطرفين، مما جعل الأمور أفضل على مستوى لعبة التحولات، نتيجة دخول الظهيرين إلى العمق بجوار لاعب الارتكاز، وإغلاق المنطقة بين الوسط والدفاع بأكثر من لاعب بعيداً عن المرمى. صحيح استقبل الفريق هدف إيفرتون من خطأ دفاعي، لكن كان بإمكان ساني التصرف بشكل أفضل على الخط، بدلاً من ترك الكرة لهجوم الضيوف، من أجل تنفيذ المرتدة التي انتهت بلمسة الخبير روني.
وكان لعودة كومباني تأثير إيجابي أيضاً، فالبلجيكي أفضل مدافع يمتلكه غوارديولا، ويجيد غلق زوايا التمرير مع الرقابة القوية لهجوم المنافس، كذلك لديه جينات القيادة من الخلف، بتوجيه زملائه في الأمام والتفوق في موقف 1 ضد 1، لذلك تظهر البوادر الإيجابية في الثلث الأول من ملعب السيتي، بفضل الانتدابات الجديدة وتحسن حالة كومباني البدنية والطبية، لذلك ليس بالضرورة ضم لاعب جديد إلى هذا الخط، حتى في ظل وجود مفاوضات قوية مع مدافع ويست بروميتش، جوني إيفانز.
يظهر من خلال هذا الرسم التكتيكي شكل الملعب من المنظور التكتيكي، كل رقم يشير إلى منطقة خططية يعرفها كل مدرب، ويعاني السيتي من الخلل في ثلاث مناطق، 5، 14، 17. وتعتبر الأولى خاصة بلاعب الارتكاز الدفاعي، بينما تمثل الثانية لاعب الوسط المتقدم الهداف القادر على الصناعة والتسجيل، بينما يعرف الجميع الثالثة التي تعبر عن صندوق العمليات، حيث يتواجد رأس الحربة رقم 9 من أجل ترجمة الفرص لأهداف.
فرناندينيو
تحوم حول البرازيلي فرناندينيو تساؤلات عديدة، فاللاعب من الأساس لاعب وسط هجومي متقدم، لكنه تقلد هذا المركز منذ سنوات عندما لعب خلف العاجي توريه رفقة المدرب بيلغريني. وأبعده غوارديولا أول الموسم الماضي بعد فترة من المشاركة، في ظل التألق اللافت للألماني غوندوغان، لكن بعد إصابة لاعب دورتموند السابق، عاد اللاتيني من جديد إلى الواجهة، ليتمركز أمام الدفاع وتبدأ الهجمات من منطقته، وكانت هذه أولى الصدمات التي ضربت بممثل ملعب الاتحاد.
فرناندينيو قوي وسريع وصاحب مجهود بدني وافر، لكنه يفتقر إلى خصائص "الريجستا" المطلوبة في لاعب الارتكاز بخطة (4-3-3)، لأنه يجب أن يكون ممررا ممتازا وصاحب رؤية فذة، حتى يستطيع الهروب من الضغط، ويبدأ الهجمة من الخلف إلى الأمام بسهولة ويسر، وهذا ما يفتقده اللاعب حتى الآن، ليتم إجبار دافيد سيلفا على العودة أمتار للوراء، حتى يحصل على الكرة بنفسه، وينقل الهجمة إلى الثلث الثاني والثالث من المستطيل الأخضر.
ربما مع عودة غوندوغان سيجد السيتي مخرجاً لهذه الأزمة، لكن يعاني الألماني من سوء حالته البدنية وكثرة إصاباته، ليبقى موضع شك في عملية الاعتماد عليه لفترة زمنية طويلة، لكن فكر بيب في حل خارج الصندوق، بالتمركز الجديد لكيفين دي بروين، كلاعب وسط رقم 6، حول الدائرة وعلى مشارف المنتصف، وساعده في ذلك سرعة البلجيكي وقوة تمريراته الطولية والقطرية، ليصنع الفرص للظهيرين على الخط، ويفتح خط اتصال مباشر مع دافيد سيلفا، مع ترك فرناندينيو يصعد بحرية للتسديد من بعيد، وإضافة لاعب آخر داخل منطقة جزاء الخصم.
تواجد دي بروين في نصف ملعبه كثيراً خلال المباراة، لم يسجل أو يصنع كالعادة، وترك هذه المهمة للأظهرة والثنائي برناردو ودافيد سيلفا، لكنه ساعد فريقه في البناء من الخلف، وخلق 4 فرص لزملائه، مع عدد تمريرات وصل إلى 90 تمريرة، الرقم الأعلى من بين لاعبي الفريقين، ليبقى هذا الحل ترقيعيا لكنه مفيد بشدة للتغطية على ثغرات فرناندينيو، حتى عودة غوندوغان.
ثنائية سيلفا
يملك برناردو سيلفا مزايا عديدة على مستوى الاحتفاظ بالكرة ومن دونها، البرتغالي بارع بشدة في الاختراق المباشر تجاه المرمى، ويتمركز بذكاء في الخطوط وبينها. من الصعب تصنيفه كجناح صريح أو لاعب وسط هجومي أو حتى صانع لعب حر، هو في النهاية محطة رئيسية في خلق الفراغات لزملائه، إما بالمراوغة أو التمرير أو حتى التحرك، مع دخوله إلى العمق ورمي الكرات الماكرة خلف المدافعين. كذلك لا خلاف على قوة الإسباني دافيد سيلفا في صناعة الأهداف، وإيصال زملائه إلى الشباك بأقصر الطرق الممكنة، أي أن السيتي لا يعاني أبداً في عملية الصناعة، والدليل أنه يصل إلى المرمى أكثر من كل منافسيه.
تتبقى فقط عملية ترجمة هذه الفرص إلى أهداف، وهنا تظهر المشكلة المعقدة في المنطقتين 14 و17 من الملعب، لأن أغويرو يقل تركيزه عندما يفقد أعصابه، بينما يعاني جيسوس فقط من ضعف الخبرة لكنه يسير في الطريق الصحيح، ويمكن مستقبلاً الاعتماد عليه بمفرده داخل الصندوق، لذلك يفتقد السيتي بشكل واضح إلى لاعب الوسط الهجومي الهداف، فسيلفا وبرناردو وحتى دي بروين أهدافهم قليلة مقارنة بالصناعة والعوامل الإحصائية الأخرى.
يُعرف غوارديولا بكل تأكيد هذه المعضلة، لكنه لم يجد لها حلا حتى هذه اللحظة، مع صعوبة الإتيان بلاعب جديد في الميركاتو الحالي، وبالتالي فإن مشوار السيتي سيظل محاطاً بالشكوك حتى إشعار آخر، إلا إذا حدثت المفاجأة في الأيام القليلة القادمة، أو خلال شهر يناير/كانون الثاني المقبل بفترة الانتقالات الشتوية.