في اليوم العالمي للهجرة... 500 تونسي مفقودون على قوارب الموت

18 ديسمبر 2017
محاربة قوارب الموت ومهربي البشر (Getty)
+ الخط -
يحيي العالم والأمم المتحدة فعاليات اليوم الدولي للمهاجرين الموافق 18 ديسمبر/ كانون الأول، تحت عنوان "هجرة مأمونة في عالم متحرك".

وتبكي أكثر من 500 عائلة تونسية مصير أبنائها المفقودين منذ الثورة جرّاء الهجرة غير الشرعية، إذ تواصل عشرات الأمهات الوقوف أمام مقر سفارة إيطاليا بتونس بعد أن انقطع عنهن الأمل في عودة فلذات أكبادهن مطالبات باستعادة جثثهم أو معرفة أماكن احتجازهم إن كانوا على قيد الحياة.

وأخذت مقاربة التعاون الإيطالي التونسي لمكافحة الهجرة غير الشرعية شكلا جديدا يقوم على محاربة ما تسميه السلطات بـ"مافيا" التسفير السري، التي تعاظم حضورها ودورها أخيرا بانفراط الحواجز الحدودية خلال الثلاثية الأخيرة أمام آلاف المهاجرين في قوراب الموت.

أرقام مفزعة تحاول سلطات كلا البلدين تفادي نشرها، فيما كشفتها منظمات غير حكومية مختصة في ملفات الهجرة واللاجئين، عرّت حجم المأساة التي يعيشها مئات الشبان في مقتبل العمر خلال رحلات الموت في عرض البحر الأبيض المتوسط في مواجهة المصير المجهول، وجريا وراء أحلام اللاعودة إلى الأوطان في القارة السمراء، حيث البطالة والفقر واليأس على حد تعبيرهم.

وقدّر الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عبد الرحمان الهذيلي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن حوالى 40 ألف مهاجر ركبوا قوارب الموت بطريقة غير شرعية وعبروا البحر المتوسط انطلاقا من الشواطئ التونسية في اتجاه أوروبا، منذ اندلاع الثورة، مشيراً إلى أن الحكومة تتحدث عن 20 ألف شخص فقط من المهاجرين التونسيين غير النظاميين، فيما أعلنت كتابة الدولة  للهجرة أن عدد التونسيين المفقودين في سواحل إيطاليا، خلال رحلات هجرة غير شرعية، أكثر من 504، منذ 2011.



وبحسب إحصائيات وزارة الداخلية الإيطالية، يُقدّر عدد التونسيين البالغين الشواطئ الإيطالية بطرق غير نظامية بـ 7988 مهاجراً في الفترة الممتدة بين 1 يناير/ كانون الثاني و30 نوفمبر/ تشرين الثاني2017، إذ وصل أكثر من نصف هذا العدد خلال شهري سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول، وتم القبض على وإيقاف 2783 شخصا في شهر أكتوبر/تشرين الأول و1293 مهاجراً في شهر سبتمبر/ أيلول، أي حوالى 4076 خلال شهرين فقط. 

وبحسب المعطيات والأرقام التي مدّ بها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية "العربي الجديد"، فقد بلغ عدد عمليات الهجرة غير النظامية التي تم إحباطها منذ بداية العام 2017 إلى منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، 307 عمليات هجرة غير نظامية، منها 54 عملية خلال السداسي الأول و253 عملية خلال السداسي الثاني، وبلغ عدد الأشخاص الذين تم إيقافهم في عمليات الهجرة غير النظامية 3424 شخصا، منهم 2812 تم إيقافهم خلال السداسي الثاني، وتبلغ نسبة النساء من جملة الموقوفين في عمليات الهجرة غير النظامية 5 في المائة، في حين يستأثر الرجال بنسبة  95 في المائة، وتتراوح أعمار 80 في المائة من الموقوفين بين 15 و30 سنة، و17 في المائة  بين 30 و40 سنة، أي أن غالبية المهاجرين غير الشرعيين من الشباب.

وكشف النائب بالبرلمان التونسي عن دائرة إيطاليا وعضو الوفد الحكومي والبرلماني، محمد بن صوف، الذي بحث مع الجانب الإيطالي التعاون للقضاء على الهجرة غير النظامية وملف المفقودين والمرحلين إلى تونس، أن السلطات التونسية بصدد تتبع "الحرّاقة" ومنظمي رحلات الموت، مشيرا إلى أن حكومة الشاهد بصدد تتبع شبكات التسفير إلى إيطاليا ومن يقف وراءها من تجار الموت، لافتا إلى أن رؤوس هذه الشبكات معلومة وسيتم إيقاعهم الواحد تلو الآخر في إطار سياسة حكومة الوحدة الوطنية محاربة "مافيا" الهجرة غير الشرعية.

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ السلطات التونسية تمكنت من القبض على ما  يناهز 130 منظما لعملية هجرة غير شرعية، كما أحبطت عشرات المحاولات وكشفت عن أوكار المنظمين قبل التوجه للرحلات في استباق أمني لقوات الدرك الحدودي البحري وفرق الحرس وهو ما يستحق الشكر والثناء.

وبيّن بن صوف أن التعاون مع السلطات الإيطالية ودول جنوب المتوسط وألمانيا أخذ شكلا جديدا، فقد استفاقت أوروبا، كما يقول مسؤولون على وهم متانة الحاجز الطبيعي، فالبحر المتوسط لم يعد يمثل عائقا أمام مئات المهاجرين يوميا من مختلف سواحل شمال أفريقيا، كما أيقنت أوروبا بأن الحلّ يكمن في دعم الدول الأفريقية الأقل حظا في التنمية، ومساعدتها لتوفير الشغل وفرص العمل للحد من هجرة شبابها، وسلّمت جدلا بأن أمن أوروبا من أمن تونس لأنها تمثل حصنا وحاجزا أمام المخاطر التي يمكن  تصديرها نحو مختلف سواحل أوروبا. 

وفي سياق متصل، وقّع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أمس الأول، الاستراتيجيّة الوطنيّة لأمن الحدود التي تم إعدادها من طرف وزارة الدفاع الوطني بالتنسيق مع مختلف مكونات مجلس الأمن القومي، وتعزز أطر وآليات حماية الحدود البرية والبحرية من تدفق الإرهاب داخل البلاد برا ومن تصدير الشباب التونسي نحو أوروبا بحرا.

وتشمل الاستراتيجية تعاوناً مع شركاء تونس، بمن فيهم الطرف الإيطالي والألماني والجزائري والأميركي وغيرهم من الأطراف الأجنبية ذات الاهتمام المشترك، وتختلف أوجه التعاون بين اللوجستي والأمني والاستخباراتي والعملياتي والفني.