في الذكرى الثالثة لسقوط الموصل بيد تنظيم "داعش"، تواصل القوات العراقية عملياتها العسكرية للسيطرة على ثلاثة أحياء في المدينة القديمة في الساحل الأيمن للمدينة ما تزال تحت سيطرة التنظيم. وفي الوقت الذي دعا فيه سياسيون للاستعداد للاحتفال بالنصر النهائي في الموصل، أعاد برلمانيون فتح ملف سقوط الموصل، مطالبين بالكشف عن الحقائق أمام الرأي العام. وأكد وزير عراقي سابق أن سيطرة "داعش" على المدينة في العام 2014 تسببت بخسارة الجيش العراقي لمعدات عسكرية تقدر بقيمة 27 مليار دولار.
وأعادت الذكرى الثالثة لسقوط الموصل بيد "داعش" فتح ملفات قديمة، بشأن القيادات السياسية والعسكرية المتسببة بسيطرة التنظيم منتصف العام 2014 على مساحة تقدر بنحو ثلث الأراضي العراقية. وحمل وزير النقل العراقي السابق، باقر جبر الزبيدي، ثلاث جهات مسؤولية سقوط الموصل بيد "داعش"، مبيناً، خلال مقابلة متلفزة، أن الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي. وأشار إلى تحمل الإدارة المحلية السابقة في الموصل، وجهة كردية، الجزء الآخر من المسؤولية، موضحاً أن الجيش العراقي خسر أسلحة تقدر قيمتها بنحو 27 مليار دولار، بعضها ذهب لقوات البشمركة الكردية، والبعض الآخر استولى عليه تنظيم "داعش".
وفي سياق متصل، طالبت عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، أشواق الجاف، بالكشف للرأي العام عن حقائق سقوط الموصل بيد عصابات "داعش" الإرهابية، مشددة على ضرورة الإفصاح عن تقرير لجنة التحقيق البرلمانية التي كلفت بمتابعة هذا الموضوع. ودعت إلى ضرورة معرفة مصير التحقيق والإجراءات التي اتخذت بحق المتهمين، موضحة، في بيان، أن تأخير كشف ملابسات سقوط الموصل بحجة الحرب على "داعش" أصبح أمراً غير مقبول، لأن تحرير المدينة أصبح وشيكاً. وأضافت "إننا إذ نستعد للاحتفال بالنصر النهائي على الإرهاب وتحرير مدينة الموصل بالكامل من إرهابيي داعش، بعد مرور ثلاث سنوات من سيطرته على المدينة، نطالب القضاء العراقي بكشف حقائق سقوط الموصل بيد العصابات الإرهابية، وإظهار نتائج التحقيق مع المتهمين بهذه الجريمة"، مؤكدة أن النصر لن يكتمل من دون محاسبة الأشخاص المتورطين بسقوط المدينة بيد "داعش"، وتشريد ملايين المدنيين، وقتل الآلاف منهم. وكان البرلمان العراقي شكل، بعد سقوط الموصل بيد "داعش" في 10 يونيو/حزيران 2014، لجنة للتحقيق بهذا الملف، برئاسة القيادي في "التيار الصدري" وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حاكم الزاملي. وعلى الرغم من إشارته في أكثر من مناسبة إلى تورط رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي بسقوط الموصل، إلا أن نتائج التحقيق لم تعلن لغاية الآن، ولم تعرض على القضاء.
في هذا الوقت، لا تزال المعارك محتدمة بين القوات العراقية وتنظيم "داعش" في ثلاثة أحياء في الجانب الغربي للموصل، هي الزنجيلي والشفاء والصحة. وعلى الرغم من إعلان قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، الدخول إلى حي الزنجيلي، فإن مصدراً في قيادة عمليات "قادمون يا نينوى" أكد أن القوات المهاجمة لم تتمكن من فرض السيطرة الكاملة على الحي، وما زالت تخوض قتالاً شرساً مع عناصر تنظيم "داعش"، مبيناً، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن القوات العراقية سيطرت على نحو 90 في المائة من مساحة الزنجيلي، وأنّ التنظيم يدافع بشراسة عن معاقله الأخيرة في الحي. إلى ذلك، أعلن قائد الحملة العسكرية في الموصل، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، تحرير ست قرى في غرب الموصل من سيطرة تنظيم "داعش". وأكد، في بيان، أن قوة من الجيش العراقي تمكنت من دخول قرى بغلة، وتل خيمة، ودام سنجار، والزرنوك، وشيخ قرة، والمهافيف، ورفعت العلم العراقي فوق عدد من مبانيها.
ويشهد المحور الغربي لمعركة الموصل، الذي تسيطر عليه مليشيا "الحشد الشعبي"، هدوءًا نسبياً، بعد إعلان المليشيا انتهاء معاركها التي أطلقتها في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وأعلن نائب رئيس مليشيا "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، انتهاء عمليات قواته على المحور الغربي للموصل، مشيراً، خلال مؤتمر صحافي، إلى تحقيق جميع الأهداف، بعد السيطرة على 14 ألف كيلومتر مربع و360 قرية. وبعد مرور ثمانية أشهر من القتال المتواصل في الموصل، يعاني سكان المدينة من تدهور الأوضاع الإنسانية، فالمعارك تسببت بمقتل ووفاة وإصابة الآلاف منهم، إذ لم تعد المعارك نظيفة، كما وعد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي. وتشير الأرقام إلى سقوط نحو 8 آلاف قتيل منذ انطلاق معركة الموصل، في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في مناطق الموصل، بساحليها الأيمن والأيسر، وتل كيف، وتل أسقف، والحضر، وبادوش، وبرطلة، والحمدانية، وحمام العليل، وبعشيقة، ومخمور، والبعاج، وسهل نينوى، والقيارة، وفقاً لتقارير ميدانية حصلت عليها "العربي الجديد" الأسبوع الماضي. وعبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن قلقها من استخدام التحالف الدولي، الذي تقوده أميركا، أسلحة وقنابل ومتفجرات محظورة في معركة الموصل، مشيرة إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين بسبب غارات طيران التحالف الدولي والطائرات العراقية.