فيلمان عن جون إلتون و"كوين": شغف البدايات وجمال الأغنيات

01 اغسطس 2017
رامي مالك يجسد شخصية فردي ماركوري (Getty)
+ الخط -
تُشكِّل السير الحياتية والمهنية لمغنين ومغنيات مادة درامية غنية بمعطيات قابلة للتحوّل إلى أفلامٍ سينمائية، تروي مقتطفات من تلك السير، وتعمل على كشف المخبّأ أو المستور فيها، وفقاً لهواجس سينمائيين، يجدون في هؤلاء ما يُساعدهم على مزيد من التأمّل في أمور الحياة والإبداع والانفعالات والعلاقات. 

سينمائيون كثيرون يُنجزون أفلاماً في هذا الإطار، بعد خوضهم تجارب سينمائية مختلفة، فيُقدِّمون عناوين باهرة في سردها ما يرونه مناسباً للقول، ومدخلاً إلى العوالم الخفيّة لشخصيات عامّة، لها جوانب خاصّة بها، تصعب حمايتها من الانكشاف أمام الجميع. وهذا أحد المفاتيح الفنية والجمالية والدرامية، التي يستعين بها بعض السينمائيين، للتوغّل في أحوالٍ شخصية ونفسية واجتماعية وثقافية وتربوية وسلوكية، لهذه الشخصية الغنائية أو الموسيقية، أو لغيرها ممن لا يزال حاضراً في الوعي الفردي والجماعي.

لا يكترث السينمائيون بما إذا كانت الشخصيات تلك حية أو متوفاة. ففي الحالتين، هناك كمٌّ من الحكايات يُمكن سردها بصرياً، وإنْ يكن للشخصية نفسها فيلمٌ أو أكثر. فلكلّ سينمائيّ "حكايته" الخاصّة مع هذا المغني أو تلك الفنانة، تماماً كما هو حاصل في "بربارا" (2017) للفرنسي ماتيو أمالريك ("العربي الجديد"، 22 مايو/ أيار 2017)، إذْ يروي المخرج مقتطفات من سيرة المغنية الفرنسية مونيك سيرف (1930 ـ 1997)، المعروفة باسم بربارا، واضعاً نفسه داخل السرد، ليقول شيئاً عن علاقته الشخصية بها، كمعجبٍ بها وبنتاجاتها وبحضورها الإنسانيّ.

جديد سينما السير الذاتية سواء الحياتية والمهنية لموسيقيين ومغنين، سيظهر في فيلمين، أُعلن رسمياً عن البدء بالتحضيرات اللازمة لتحقيقهما، علماً أنهما سيكونان جاهزين للعروض التجارية في النصف الثاني من العام المقبل: الأول يتناول البدايات الحياتية والفنية للمغني البريطاني إلتون جون (1947)، بعنوان Rocketman؛ والثاني يختصّ بفرقة "كوين"، وبقائدها الذي يُعتبر أحد أبرز مغني الـ "روك"، البريطاني فردي ماركوري (1946 ـ 1991)، بعنوان Bohemian Rhapsody.

إذاً، بات مؤكّداً أن تارون إغِرْتن (ممثل بريطاني، 1989) سيؤدّي دور البطولة في هذا المشروع السينمائي الجديد، المتعلّق بفترتي الصبا والشباب، الخاصّتين بالسِيْر إلتون جون؛ وأن دكستر فلاتشر (مخرج بريطاني، 1966) سيُحقِّقه، استناداً إلى سيناريو كتبه لي هال (سيناريست بريطاني، 1966)، يتناول، إلى جانب الفترة تلك، تعاون جون مع بيرني توبان (كاتب أغنيات ومغنّ بريطاني، 1950)، ويتابع بدايات مجده، وكيفية إدارته نجوميته وشهرته، خصوصاً إزاء التحدّيات الكثيرة التي واجهها، والجدل المثار حوله وفنه. ويأتي هذا التأكيد الرسمي بعد أيام قليلة على موافقة رامي مالك (ممثل أميركي من أصل مصري، مولود في لوس أنجليس، 1981) على تأدية دور فردي ماركوري، في فيلم السيرة الحياتية لـ "كوين".

بحسب معلومات منشورة في The Playlist (دليل خاص بأخبار السينما والتلفزيون وصناعتهما)، في 20 يوليو/ تموز 2017، فإن التوقيع على عقد العمل بين إغرتن والجهات الإنتاجية الأساسية "قد تمّ" منذ فترة قصيرة. لكن، وقبل 4 أعوام، تداول صحافيون سينمائيون اسم توم هاردي (ممثل بريطاني، 1977) لهذا الدور، مشيرين إلى أن لقاءات عديدة جمعته بإلتون جون، حتى أن البعض أكّد، مراراً، وجود تدريبات أدائية خضع لها هاردي أمام جون. قبل هاردي، طُرح اسم جيمس ماكفوي (ممثل بريطاني، 1979) أيضاً، من دون معرفة ما إذا التقى المغنّي أو لا. في النهاية، اختير إغرتن، الذي سيلتقي المخرج فلاتشر قريباً، للبحث في السيناريو الذي كتبه لي هال.

يُذكر أن المعلومات الخاصّة بهذا المشروع بدأت تُنشر في الصحافة المختصّة منذ نحو 5 أعوام. فالمجلة الأسبوعية الفرنسية "باري ماتش" نشرت، مطلع عام 2012، خبراً عن المشروع، جاء فيه أن إلتون جون "يُفضِّل" أن يؤدّي جاستن تيمبرلاك (مغنّ وملحّن ومنتج وممثل أميركي، 1981) دوره في الفيلم الخاص بـ "عازف البيانو المعجزة"، الذي "تمرّد على تربية صارمة عبر أزيائه وتصرّفاته غريبة الأطوار"، قبل أن يُصبح فناناً حاضراً بقوّة في المشهد الفني العام، إلى درجة أنه بات "إيقونة دولية".

يومها، قال إلتون جون، الذي سيكون المنتج المنفّذ للمشروع، إن تيمبرلاك يحتل المرتبة الأولى في لائحته الخاصّة بالممثلين المُرشَّحين لتأدية دوره وشخصيته. أما لي هال، فسيتعاون مع جون للمرّة الثانية في حياته المهنية، بعد لقائهما الأول في "بيلي إيليوت"، العمل الموسيقيّ المُقدَّم في "برودواي"، بدءاً من مارس/ آذار 2005، إذْ كتب هال كلمات الأغاني، التي لحّنها جون. وهو عمل مستوحى من الفيلم الذي حقّقه الإنكليزي ستيفن دالدري (1961) عام 2000.

أما بخصوص Bohemian Rhapsody، فإن المشروع أمضى أعواماً عديدة في مكاتب منتجين وموزّعين، قبل أن يتولّى الموقع الإلكتروني الرسمي لـ "كوين"، قبل أيام قليلة، الإعلان عن إطلاق التحضيرات الأساسية للبدء بتنفيذه. وأشار الموقع إلى أن الأميركي براين سينغر (1965) سيتولّى إخراجه. أما المعلومات الصحافية المتداولة منذ فترة، فذكرت أن المشروع مطروحٌ منذ نحو 10 أعوام، والعجز عن العثور على ممثل مُقنع في دور ماركوري كان سبب تأجيل تحقيقه.

أثناء ذلك، طُرح اسم البريطاني ساشا بارون كوُوِن (1971) لتأدية الدور، لكن خلافات عديدة حصلت بينه وبين أعضاء فريق "كوين"، أدّت إلى تخلّيه عن المشروع، الذي سيكون البريطانيان روجر تايلور (1949) وبراين ماي (1947) ـ من أعضاء "كوين" ـ منتجيه المنفّذين. أعضاء فريق "كوين" أنفسهم ردّدوا مراراً أنهم راغبون في تحقيق فيلمٍ يكون "في متناول الجميع"، و"إخفاء بعض الجوانب المُعتمة في حياة فردي ماركوري"، بحسب المجلة الأسبوعية الفرنسية Les InRocks (17 يوليو/ تموز 2017).

إلى ذلك، يُفترض بالتصوير أن يبدأ مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل، في لندن: "ستكون فرصة ملائمة لسرد القصّة الرائعة لهذا الفريق، الذي قاده ماركوري ببراعة". مع هذا، "لن يتمحور الفيلم على ماركوري فقط، بل على أعضاء الفريق جميعهم"، علماً أن موسيقى "كوين" ستُستخدم لوضع الموسيقى التصويرية وشريط الصوت الخاصّين بالفيلم.



دلالات
المساهمون