فيسبوك وتلاميذ غزّة

14 يناير 2015
يخشى الأهالي إدمان أبنائهم على الإنترنت (إيمان عبد الكريم)
+ الخط -

سجال جديد يُسجّل اليوم بين مديري المدارس والأهالي والتلاميذ في غزّة، إذ يعتقد المدرّسون والأهالي أن مواقع التواصل الاجتماعي لا سيّما موقعَي "فيسبوك" و"تويتر" تحوّلت وحشاً يهدّد مستقبل التلاميذ ومستوى تحصيلهم العلمي والمعرفي. أما السبب فإدمانهم على التواصل الافتراضي مع الآخرين، وبعدهم عن الكتب المدرسيّة والالتزام المعرفي في الصفوف والبيت.
أما التلاميذ، فقد وجدوا من جهتهم أكثر من حجّة لإقناع ذويهم ومدرّسيهم بأهميّة مواقع التواصل الاجتماعي. فيقول محمد السوافيري (16 عاماً): "لم أشعر للحظة أن فيسبوك وحش كما يقول أستاذ اللغة العربيّة. أنا أتعرّف إلى أشخاص جدد يومياً ومهاراتي اللغويّة في تطوّر دائماً وأصبح لديّ مفردات جديدة لم أسمعها يوماً من أستاذي".

بالنسبة إلى محمد، "المشكلة ليست في فيسبوك أو تويتر أو أي من مواقع التواصل الاجتماعي. المشكلة هي خوف المديرين والأهالي من إدمان أبنائهم على الإنترنت والتواصل الافتراضي في ما بينهم". ويشدّد على أن ذلك هاجس غير حقيقي، والدليل أنهم يستخدمونه هم أنفسهم، فما من أستاذ في المدرسة إلا ويملك حساباً على فيسبوك".
وعلى الرغم من اتفاق براء عبد الله (16 عاماً) مع محمد، إلا أن حجته تختلف. فبالنسبة إليه، "مواقع التواصل الاجتماعي لا تختلف كثيراً عن القنوات الفضائيّة أو الألعاب الإلكترونية أو حتى كرة القدم. لكن الأهالي ونظراً لأنهم في الأساس مقصّرون في حق أبنائهم ولا يقدمون لهم المعرفة بالشكل المطلوب، فإنهم يجدون في مواقع التواصل وحشاً لأنه يأخذ من وقتنا أكثر مما يمنحونا هم".

يضيف: "نلجأ إلى الإنترنت كي نزيد اطلاعنا ومعرفتنا، وكي ننفتح على العالم ونتابع ما يحدث حولنا من إنجازات واختراعات عظيمة تضيفها البشريّة إلى حياتنا". ويبدي براء استياءه من الطرق التقليديّة في التعليم وغياب التطوّر في أساليب الشرح والأدوات التعليميّة المساعدة.
أمام بوابة مدرسته الثانويّة، يجلس محمد عبيد (17عاماً) ويبدو منهمكاً في تصفّح الإنترنت على هاتفه الجوّال. يقول ساخراً: "لكل المدرّسين حسابات على فيسبوك"، لافتاً إلى أن "ما يزعجهم هو أن نقضى معظم أوقاتنا على فيسبوك وتويتر، متناسين أننا لا نجد غيره متنفساً لنا. فمن خلاله نستطيع ممارسة شيء من حياتنا المفقودة، علنا ننجح في الهروب من واقعنا السيئ، حتى لو كان الموضوع مقتصراً على إقامة صداقات مع أناس من دول أخرى. فالعلاقات الاجتماعيّة في ما بيننا متفسخة والسلبيّة تسيطر على واقعنا".

ويتمنّى محمد لو يستفيد مدرّسوه من هذه التكنولوجيا في التواصل مع تلاميذهم في الصفوف، لا أن يحاربوها ويتّهموها بأنها سبب في تضليل الجيل وإفساد التعليم. بالنسبة إليه، "الإنترنت يقدّم اليوم خدمات مهمّة للبشريّة، إذ تساعد المرء في ممارسة مهامه بالشكل الأمثل كتوفير الوقت واستغلال الإمكانات المتاحة إلكترونياً في التطوير والتنمية المستدامة". ويسأل: "لا أدري لماذا لا يكون أبي صديقي على فيسبوك؟".

من جهته، يرى أستاذ الرياضيات ناصر المدلل (49 عاماً) "أن كثراً هم الشباب الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي في بلادنا، ويتابعون الشائعات والأحاديث المثيرة غير المفيدة. هذه المواقع شغلتهم عن الدراسة وأصبح التعليم مع الأسف عنصراً ثانوياً لهم. هؤلاء لا يدركون خطورة هذه المواقع إن لم يستغلوها بالشكل الصحيح".
بدورها، تعبّر أم حسين عرفات عن قلقها. فابنتها تلميذة في الثانوية العامة وهي "تستخدم الإنترنت لنحو سبع ساعات يومياً. وهذا جعلني ألاحظ تراجعاً في مستواها التعليمي، في حين تشتكي مدرساتها منها. فالإدمان على استخدام هذه المواقع يؤدّي إلى بُعد الفرد عن أسرته وعن المشاركة الفاعلة مع أصدقائه ومدرّسيه".
المساهمون