فيروس "كورونا"...قاتل أندية صربيا
04 اغسطس 2020
+ الخط -

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، كان هناك فريقا كرة قدم في العاصمة الصربية بلغراد فقط يتنافسان وملعباهما لا يبتعدان سوى أمتار قليلة عن بعضهما وهما "بارتيزان بلغراد" و"كريفنا زيفزدا". لكن قبل ذلك عرفت المدينة اسمي ناديين مثلا كرة القدم هناك وهما س كي يوغسلافيا بالقميص الأحمر، وبيوغرادسكي سبور الذي ارتدى القيمص الأزرق.

وتم حلّ الفريقين بعد الحرب مباشرةً، فبعد انتصارات جوسيب بروز تيتو الرئيس السابق لجمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية، أصبح دوري كرة القدم اليوغسلافي يُمثل أراضي ما تُعرف اليوم بكرواتيا، سلوفينيا ومقدونيا، البوسنة، كوسوفو وصربيا طبعاً.

في هذه المرحلة ظهرت الأندية التي يعرفها الجميع اليوم وهي قوة كرة القدم الصربية، بارتيزان الذي اشتهر بكونه فريق تيتو "جيش الشعب اليوغسلافي"، وهو الفريق الذي حقق بعد ذلك 27 لقباً في الدوري و16 لقباً في بطولة الكأس، كما وحل وصيفاً في بطولة دوري أبطال أوروبا عام 1966.

أما الفريق الثاني فهو كريفنا زفيزدا بلغراد المعروف أيضاً باسم "ريد ستار"، الذي تأسس في عام 1945 وهو مُكمل لمشوار فريق س كي يوغسلافيا وحامل ألوانه الحمراء وحتى ملعبه. فاز فريق "ريد ستار" بـ30 لقباً في بطولة الدوري و24 لقباً في بطولة الكأس وتُوج بلقب دوري الأبطال عام 1991.

ومباشرةً بعد نهائي الأبطال ضد مارسيليا الفرنسي في عام 1991، انهارت يوغسلافيا وتشتت دوري كرة القدم ونتج عن ذلك ظهور عدة دول لتتكون دولة صربيا ومونتيغرو وبعد ذلك صربيا فقط. ومنذ عام 1992، نجح فريق واحد بعيداً عن ريد ستار وبارتيزان في التتويج بلقب الدوري وهو أوبليش المفاجأة.

ولد فريق أوبليش في عام 1924، في إحدى المدن الداخلية للعاصمة بلغراد والتي تُعرف بفراشر، وتمكن أوبليش من حصد اللقب في عام 1998. لكن اللافت أن الحاكم الفعلي للفريق كان زيلكو رازناتوفيش الذي يشتهر بقائد مليشيا المتطوعين الصرب أثناء حروب يوغسلافيا.

المُمول الأول للفريق كان يعترض أي شخص يحاول الوقوف في طريق نجاح فريقه، لكن ما الذي حدث للأندية الصربية الأخرى في السنوات الماضية وكيف تواجه اليوم واحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية التي تُهدد وجودها؟

30% من أندية صربيا مُهددة بالزوال

في شرق العاصة الصربية بلغراد، هناك فريق أو ف كي بلغراد، الفريق الذي كاد أن يكون بين صفوة الأندية الصربية لولا الأحداث التاريخية التي شهدتها البلاد، وهو اليوم يلعب في الدرجة الثالثة. لكن قصة الفريق الذي عاد في عام 2011 وعمره أكثر من 100 سنة والمُهدد بالزوال اليوم، هي بمثابة إنذار لكل الأندية الصربية المتبقية على الساحة الأوروبية وكذلك الأندية الأوروبية الكبيرة.

الفريق اليوم مُهدد بالزوال بسبب سوء الإدارة أولاً، غياب الرعاية ثانياً وفيروس كورونا ثالثاً. فاليوم حتى الأندية الكبيرة تصارع الأزمة الاقتصادية التي تسبب بها الفيروس، وهناك تغييرات عدة في طريقة تعامل الأندية مع الإنفاق.

وبعيداً عن أو ف كي بلغراد هناك فريق بيوغرادسكي سبور الذي انتهى بعد الحرب العالمية الثانية، ليتشكل بدلاً منه فريق ميتالاك. لعب الفريق بنفس القميص الأزرق ومعظم اللاعبين انتقلوا لكي يلعبوا معه، وفي عام 1950 عاد الفريق إلى اسم بي س كي أو بيوغرادسكي سبور، ثم في عام 1957 إلى اسم جديد وهو أوملادينكسي فوتبولسكي كلوب.

وأمسى هذا الفريق من المنافسين مع فريق بارتيزان وزفيزدا الأشهر اليوم في الكرة الصربية، وفي وقت فشل الفريق في مقارعة الكبار على الألقاب، تحول إلى فريق مُنتج ومُصدر لللاعبين طوال سنواته الاحترافية، ففريق مثل أوملادينكسي هو اليوم بمثابة سلة غنية من اللاعبين بالنسبة للكرة الأوروبية، إذ إن دور الفريق وكل الأندية الصربية تقريباً بعيداً عن بارتيزان وزفيزدا، يقتصر على تطوير اللاعبين وبيعهم لا أكثر.

ومعظم الأندية الصربية ما زالت مُمولة من الحكومة ولا تملك مداخيل من مستثمرين أو ممولين، ولذلك عليها بيع اللاعبين لكي تبقى على قيد الحياة.

ووفقاً لتقرير للمركز الدولي للدراسات الرياضية  (CIES)، فإن حوالي 521 لاعباً صربياً غادروا البلاد للاحتراف في الخارج، بنسبة حوالي 82% من مجموع اللاعبين في الدرجة الأولى. وصربيا هي سادس أكبر بلد مُصدر للاعبين خلف كل من إسبانيا، إنكلترا، الأرجنتين، فرنسا والبرازيل المتصدرة.

وربما من أبرز الأسماء التي صدرتها صربيا وفريق  أوملادينكسي هما قائد المنتخب ألكسندر كولاروف، وأكثر من مثل صربيا وهو برانيسلاف إيفانوفيتش. ومنذ  سنوات حتى الآن يُحاول أوملادينكسي الصعود من الدرجة الثالثة دون نجاح.

ووفقاً لمدير النادي فلاديمير سيموفيش، في حديث لموقع "تيفو فوتبول"، فإنّ ميزانية الفريق التي تصل إلى 200 ألف يورو يتم تغطيتها اليوم من قيمة الصفقات فقط لا أكثر. ومثال على ذلك صفقة بيع اللاعب دوسكو توسيتش في الموسم الماضي، والتي وفرت للفريق حوالي 75 ألف يورو أي حوالي 40% من مجموع ميزانيته.

وفي وقت تعيش الأندية الأوروبية في أزمة اقتصادية بسبب فيروس كورونا، من خلال عمليات تخفيض للرواتب وترشيد الإنفاق وخصوصاً في سوق الانتقالات، ستواجه أندية صربيا وبشكل خاص أمثال فريق أوملادينكسي، خطر الزوال، لأنها تعتاش من عمليات بيع اللاعبين.

وحتى سيموفيتش نفسه يحذر من هذا الخطر: "نحن نعيش على حافة الانهيار، معظم أندية صربيا تعيش على هذه الحافة، أتوقع أن 30% من الأندية الصربية ستختفي في غضون موسمين فقط".

المساهمون