فوضى غير مقبولة

27 ديسمبر 2015

هل يتذكّر المعارضون السوريون أنهم ختاروا ناطقاً باسمهم؟

+ الخط -
قال منسق الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، رياض حجاب إن "رحيل بشار الأسد وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية ثوابت بعيدة عن التفاوض". وقال رئيس تيار بناء الدولة، لؤي حسين، "إن المفاوضات المقبلة بيننا وبين النظام لن تشبه إطلاقاً تلك التي جرت في جنيف 2 (2014 الصحيح 2013) فتلك كانت تهدف إلى عدم التوافق على أي شيء إطلاقاً، أما هذه فلن يكون حالها كتلك أبداً، إذ ستكون محاورها توزيع الصلاحيات والمسؤوليات في الحكومة الانتقالية. لكن، بالتأكيد ليس منها المسؤوليات السيادية، فهذه ستكون شأن الدول الراعية للطرفين. إذن، لن تكون مواضيع المفاوضات أيهما أسبق الإرهاب أم هيئة الحكم الانتقالي، أو متى يرحل بشار الأسد، أو ما هي نسب المشاركة بين السلطة والمعارضة، فجميع هذه الأمور شأن دولي ومقررة مسبقاً". وفي حين أعلن الناطقان الإعلاميان باسم الهيئة، رياض نعسان آغا وسالم المسلط، أن أحداً لن يضاف بعد الآن إلى الهيئة، قال المنسق العام لهيئة التنسيق، حسن عبد العظيم "نصر على تمثيل مؤتمر المالكية (صالح مسلم) في وفد التفاوض"، وامتدح التدخل الروسي لأنه "سرّع الحل السياسي"، ووصف قرار مجلس الأمن 2254 بأنه "رائع، ويضع خطة لحل الأزمة السورية"، وقال إن "مؤتمر الرياض استكمال لما تم في موسكو والقاهرة" .
ليس من المنطقي، والمبشر بالنجاح، أن تصدر في يوم واحد تصريحات على هذا القدر من التناقض والتضارب، بشأن مسائل يفترض أن هناك مواقف موحدة حيالها لدى أطراف الهيئة العليا. وليس من المعقول ألا يلتفت قادة الهيئة وأعضاؤها إلى ما بين مكوناتها من تمايزات في المواقف والارتباطات والاستعدادات، وألا يعملوا لنقلها من حالها الراهنة تيارات ظلت منفصلة، ومتناقضة السياسات، طوال فترة ما بعد الثورة، إلى حال جديدة، تحالفية، تقوم على تطابق نظري وعملي حول حدود دنيا وعليا، يتحدد في ضوئها تطبيق الأسس العامة التي أقرّت في الرياض، وقربت مواقفها حيال عموميات، يقول تناقض التصريحات إنها لم تكن كافيةً لتوحيد مواقفها من المشكلات العملية التي أخذت تتضارب حيال مسائل جوهرية، يتوقف بقاء الهيئة ونجاحها عليها، كما يفهم من تصريح تهديدي، أطلقه المتحدث باسم هيئة التنسيق، تعليقا على تصريح رياض حجاب، يفهم منه أنها لن تقبل بما يخالف رؤيتها في الأقوال والأفعال الخاصة بالحل السياسي أو بأوهامه.
هناك أربعة مكونات داخل هيئة الإشراف: الفصائل المسلحة والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والمستقلون وهيئة التنسيق. لم تكن هذه المكونات إطلاقاً على علاقة ودية في ما بينها، بل إن علاقات الفصائل بهيئة التنسيق كانت عدائية وتخوينية. لذلك، من غير المعقول أن يكون التقاؤها بضع ساعات في مؤتمر في الرياض كافياً لتوحيد مواقفها والتزاماتها، ولإزالة ما بينها من خلافات تجاه تعقيدات وتدخلات تعصف ببلادنا، فلا بد من أن يدعو الدكتور حجاب إلى لقاءات حوارية منظمة وصريحة بين هذه المكونات، تناقش ما سيطرح من مسائل في مفاوضات الحل، وصولاً إلى اتفاق وطني ملزم عليها، تفادياً لانهيار ما بينها من تفاهم عائم بشأن عموميات الرياض، ولانفجار خلافاتها تحت وطأة تناقضاتها وحماقة بعض فصائلها، ولوقوع كارثة سياسية تقوّض موقف المقاومة.
في الختام، يبدو أن من الضروري تذكير أعضاء هيئة الإشراف بأنهم اختاروا ناطقاً رسمياً باسمهم، ومنحوه الحق في التحدث نيابة عنهم.
E4AA2ECF-ADA6-4461-AF81-5FD68ED274E9
ميشيل كيلو

كاتب سوري، مواليد 1940، ترأس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية، تعرض للاعتقال مرات، ترجم كتباً في الفكر السياسي، عضو بارز في الائتلاف الوطني السوري المعارض.