فوز العدالة والتنمية يُطمئن المستثمرين السوريين بتركيا

11 نوفمبر 2015
موقف تركيا من الثورة يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين السوريين(الأناضول)
+ الخط -
بدد فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية التركية المعادة، مطلع الشهر الجاري، بما يخوله تشكيل الحكومة منفرداً، المخاوف التي أبداها السوريون عموماً، ورجال الأعمال على وجه التحديد، حيث ساد جو من الارتياح بعد التلميح بالتهديد في حال فازت الأحزاب المعارضة.
وقال المستثمر السوري في إسطنبول، محمد نور الدين، لـ "العربي الجديد": "لا تتصوروا مدى ترقبنا لنتائج الانتخابات، على الرغم من أنه لا دخل لنا بالسياسة التركية، لكن تغيير المناخ الاستثماري وتعقيد القوانين والعمل وشروط الإقامة بحال خسر أردوغان، كان سيدفعنا لترك تركيا والبحث عن بلد آخر".
وأضاف نور الدين، الذي يملك استثماراً مهماً في قطاع الصناعات الغذائية في منطقة الفاتح في إسطنبول: "لا أنسى التسهيلات التي حضينا بها وقت بدأنا العمل منذ عامين، فحتى التراخيص تساهلوا بها وبدأنا بالإنتاج والمبيع ومن ثم استكملنا الشروط القانونية"، مبدياً تفاؤله بشأن التوسع في تجارته على المدى القريب.
وتشير بيانات رسمية، إلى أن السوريين أسسوا بين عامي 2012 و2015، ما يربو على 2870 شركة، لكن المستثمر السوري نزار بيطار، يرى أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك، إذ إن عدداً لا بأس به من المستثمرين السوريين مزدوجي الجنسية فضّلوا إقامة استثماراتهم في تركيا بجنسيتهم الثانية، لأن القانون التركي يمنع التملك لصاحب الجنسية السورية.

ويعتقد بيطار الذي ينشط باستثماراته في قطاع الأغذية في تركيا، أن رجال الأعمال من أصول سورية يتملكون ما يزيد على 5500 شركة في تركيا برأس مال يزيد عن 6 مليارات دولار، تلك استثمارات تتوزع على صناعة الألبسة وتصنيع الآلات والتجارة الخارجية والمطاعم والأفران ومحلات الحلويات وشركات صناعة الأغذية.
ويضيف بيطار لـ "العربي الجديد": "في إسطنبول وحدها يوجد 52 ترخيصاً لفرن خبز سياحي وأكثر من 145 مطعماً عربياً سورياً، وأكثر من 22 مدرسة و25 مستشفى ومركزاً طبياً، ناهيك عن محلات الحلويات".
غير أن فترة الانتخابات الأخيرة، أصابت بيطار، كغيره من المستثمرين السوريين بل واللاجئين في تركيا، بمخاوف كبيرة لم تكن تنتهي عند حد الترحيل، وفق بيطار.
واحتل المستثمرون السوريون المرتبة الأولى في قائمة الأجانب الأكثر تأسيساً للشركات في تركيا بنسبة وصلت إلى 25.5%، حيث أسس نحو 1131 سورياً في العام الماضي شركات جديدة بقيمة 32.8 مليون دولار.
وأشارت بيانات اتحاد غرف التجارة والبورصات في تركيا إلى ازدياد حجم الشركات التي تم تأسيسها في تركيا خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 18.12% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، لترتفع من 29.7 ألف شركة إلى 35 ألفاً، وشغل رجال الأعمال السوريون النصيب الأكبر من تأسيس هذه الشركات، حيث كان نصيبهم واحدة من كل ثلاث شركات ذات شركاء أجانب أُسِّست في تركيا، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.

اقرأ أيضا: سوريون يتملكون عقارات بتركيا بحثاً عن الإقامة الدائمة

ويُرجع محللون إقبال رأس المال السوري على تركيا لأسباب سياسية تتعلق بموقف تركيا من الثورة السورية، على اعتبار رجال الأعمال المستثمرين خارج سورية بعد الثورة، جلهم من معارضي النظام، فضلاً عن الأسباب الاقتصادية التي تتعلق بالمناخ الاستثماري الجاذب، ونظراً لوجود أكثر من مليوني سوري في تركيا، وهو ما يؤمن سوقاً لمنتجاتهم في واقع اختلاف الأنماط الاستهلاكية، وخصوصاً بالنسبة للسلع الغذائية.

ويقول المحلل المختص في الشأن التركي، عبد القادر عبد اللي: أعتقد أن حالة الاستثمار السوري في تركيا وصلت إلى الاستقرار، لكن، حتى الآن، لم تتخذ حكومة العدالة والتنمية أية إجراءات جاذبة لاستثمار السوريين، إذ لا يزال قانون الملكية التركي كما هو يمنع السوريين من التملك.
وتوقع عبد اللي في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن يحدث انتعاش اقتصادي في تركيا في حال غيّرت قانون الملكية، خصوصاً في القطاع العقاري، مشيراً إلى أن عدم تشريع قوانين جاذبة لاستمرار السوريين ناجم عن سوء حسابات طول مدة الأزمة السورية.
ويرى عبداللي، أنه، حتى الآن، هناك أمل أن تتحسن أوضاع المستثمر السوري بعد الانتخابات التركية، إذ تنعكس القوة التي استمدها العدالة والتنمية إيجابياً على محيط الاستثمار.
وقال مدير مؤسسة صدى للأبحاث وقياس الرأي، محمد برو: "أتوقع خطوات جاذبة للسوريين من الحكومة التركية، رغم أن مؤسستنا غير ربحية، لكني لن أتردد، بعد فوز العدالة والتنمية بالتوسع وتشغيل الأتراك ضمن صفوف فريقنا".
ويستذكر برو خلال حديثه لـ "العربي الجديد": "قبل ثلاثة أعوام، وقت أسسنا بتركيا، لم أشعر بالقلق الذي أحسسته خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أبحث بقلق كبير عن موطئ قدم خارج تركيا لمؤسستي التي كنت أخشى عليها، إن فاز منافسو حزب العدالة بسبب تصريحات متكررة عن عزمهم إخراج السوريين من تركيا".
في المقابل، يرى سوريون أنه، وحتى اليوم، لا خطط واضحة للتعامل معهم بتركيا، ففي حين تتداول أروقة صنع القرار في أنقرة عدداً من المشاريع، من بينها بناء مدينة كاملة خاصة باللاجئين سواء داخل تركيا أو في سورية، أو منح السوريين إقامات دائمة أو تجنيسهم بعد السماح لهم بالتملك، يقول آخرون، إن تركيا ستعاملهم كلاجئين بلا حقوق.

اقرأ أيضا: تزايد استثمارات السوريين في تركيا
المساهمون