فوائد الديون تلتهم الموازنة في موريتانيا

18 أكتوبر 2017
الأوضاع الاقتصادية تؤثر سلباً على المواطنين (Getty)
+ الخط -

فاقمت التراكمات الكبيرة للديون الخارجية لموريتانيا، المعاناة الاقتصادية التي تمر بها البلاد من فساد وسوء في التسيير، حيث بات عبء فوائد الديون معطلا لعجلة التنمية في البلاد، نتيجة المخصصات الضخمة التي يلتهمها من الموازنة العامة.

وعرفت المديونية الخارجية لموريتانيا قفزة كبيرة خلال السنوات السبع الأخيرة لتقارب عتبة 5 مليارات دولار، مسجلة حوالي 93% من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الجاري، متجاوزة بذلك معدلات الاستدانة على مستوى القارة الأفريقية.

ووصل حجم الدين الخارجي في موريتانيا مع نهاية عام 2015 إلى حوالي 4.904 مليارات دولار، بزيادة بلغت 153% عما كانت عليه في العام 2010، وبعد أن كان بحدود 3.33 مليارات دولار في العام 2013، وقدرت أرقام اقتصادية خدمة الدين الخارجي سنة 2013 بنحو 156.6 مليون دولار، بزيادة قدرها 12.5% عن سنة 2012، وبلغت نسبة خدمة الدين 10% من الموازنة سنة 2013، و15% سنة 2015.

وكانت موريتانيا قد استفادت من إعفاء لديونها الخارجية خلال العام 2007، قبل أن ترتفع مديونيتها بشكل جنوني منذ الانقلاب الذي قاده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز في أغسطس/ آب من العام 2008، لترتفع من 2.6 مليار دولار في 2008 إلى حوالي 5 مليارات دولار مطلع العام الجاري.

وحال الفساد المستشري في البلاد دون استفادة الاقتصاد الموريتاني من القروض الكبيرة التي استدانتها الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة.

وتأتي مؤشرات التنمية البشرية لتؤكد ضعف أداء الحكومة في قطاعات مهمة، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، فأخيرا حلّت موريتانيا في الترتيب قبل الأخير في تقرير التنافسية الدولية في مجال التعليم والتدريب، إذ جاءت في المرتبة 137 من أصل 138 دولة شملها التصنيف عام 2016، فيما تؤكد آخر تقارير البنك الدولي ارتفاع معدلات البطالة لأكثر من 30% في صفوف الشباب الموريتاني.

وعلى عكس ما تظهره الأرقام المتعلقة بالمديونية والتي تنذر بضعف القدرة الائتمانية للبلاد، فقد أكدت تقارير وزارة المالية أن نتائج تقييم السياسات والمؤسسات الذي قام به البنك الدولي في إطار علاقته بالبلدان المستفيدة من تمويلاته، أظهرت أن المؤسسات الموريتانية بدأت تلبي المعايير الدولية في مجالات الحماية الاجتماعية والقوى العاملة والشفافية ومحاربة الفساد في القطاع العام.

ويشير تقرير حديث للبنك الدولي إلى أن نتائج التقييم الأخير ستؤثر على مديونية البلاد، حيث انتقلت موريتانيا بفعل هذا التصنيف من الدول الضعيفة إلى الدول المتوسطة، ما يعني أن المبلغ الذي يمكن أن تصله مديونيتها من الدخل القومي قد ارتفع.

وتشكل زيادة الديون الخارجية عبئا إضافيا يقف في وجه نمو الاحتياطي من العملة الأجنبية ويؤثر على كفاءة الموازنة العامة للدولة، حيث أظهر تقرير البنك الدولي أن الديون الموريتانية سجلت بنهاية عام 2016 قرابة 100% من إجمالي الناتج المحلي، مقابل 80% في عام 2014، وهو مستوى تاريخي لم يسبق لهذه الديون أن وصلت إليه، حسب البيانات.

وأوضح تقرير البنك الدولي، الذي يقيس نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، أن الدول الأفريقية جنوب الصحراء عموما زادت فيها نسبة الدين العام 10 نقاط بين 2014 و2016، وفي 6 دول، من بينها موريتانيا، زادت نسبة الدين بحدود 20%، هي: إريتريا، الرأس الأخضر، موزمبيق وغامبيا إضافة إلى موريتانيا.

وقد توسعت الحكومة الموريتانية في الاقتراض الداخلي والخارجي بنسب كبيرة خلال السنوات الأخيرة في ظل انكماش دخلها من عادات المعادن والأسماك. ولكي تستطيع المحافظة على عدد أشهر الواردات التي يغطيها الاحتياطي النقدي، تلجأ إلى الاستدانة وإضافتها إلى الاحتياطي النقدي.

كما تراجعت الاستثمارات الأجنبية نتيجة ركود السوق في ظل نسب التضخم العالية، وتعقيدات قانون الاستثمار وارتفاع الضرائب.

ويقول الخبير الاقتصادي محمد محمود ولد محمد الأمين، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة الحالية انتهجت سياسية الاقتراض بشكل كبير بعد أن تأثرت عائدات الصادرات من المعادن والأسماك والنفط.

ويشير إلى أن أعباء الفوائد وأقساط الدين العام تؤثر على حجم الإنفاق بسبب أن إجمالي الموارد المالية المتاحة للدولة قليل، لافتا إلى أن تزايد خدمة الديون، يلتهم أي تنمية يمكن تحقيقها ويحمّل المواطنين الكثير من الأعباء خاصة مع انتهاج الحكومة الموريتانية لسياسة التقشف وشد الحزام.

المساهمون