فنسان بيون: خاسر أوروبي يعود من بوابة الرئاسة الفرنسية

13 ديسمبر 2016
سقط بيون في الانتخابات الأوروبية (جان فيليب كسيازيك/فرانس برس)
+ الخط -

باتت فرنسا في قلب الاستحقاق الرئاسي المرتقب في 23 إبريل/نيسان 2017 و7 مايو/أيار منه، على وقع تحضيرات مرشح اليمين الوسط، فرانسوا فيون الذي باشر إعداد طاقمه، باحثاً عن وزرائه الذين سيعلن عنهم قبل فوزه "المفترض" كما وعد. كما برزت بوادر "حرب مواقع" في حزب "الجبهة الوطنية" المتطرف، بين خط فلوريان فيليبو، اجل الثاني في الحزب، وبين خط ماريون ماريشال لوبان، حفيدة جان ماري لوبان. ومع انشقاق الحزب الديمقراطي المستقل، ما زال فرانسوا بايرو، رئيس حزب "الحركة الوسطية"، مترددا في الترشح، بينما تمكن المرشح إيمانويل ماكرون، الذي لا يتوقف عن النأي بنفسه عن ثنائية اليمين واليسار في المشهد السياسي الفرنسي، من تجميع حوالي 15 ألف شخص، في لقاء باريسي، يوم السبت، تحت شعار "الثورة ماضية قدماً"، مهاجماً برنامج فيون ومُقدماً نفسه باعتباره "مرشح العمل". وفي غضون ذلك، ما زال مرشحو الحزب الاشتراكي يتقاطرون على مركز التسجيل، في معركة تنذر بسوء العواقب.

وكأن ما ينقص اليسار الاشتراكي ومن يدور في فلكه من راديكاليي اليسار ومن المنشقين عن الإيكولوجيين، أن يعلن فنسان بيون، أمس الاثنين، ترشحه للانتخابات الفرعية للحزب الاشتراكي والأحزاب الصغرى الدائرة في فلكه، قبل اقفال باب ترشيحات اليسار يوم الخميس المقبل.

جاء ترشيح بيون، بالتزامن مع إعلان ماري - نويل ليينمان انسحابها من السباق الرئاسي، رغبة منها في "توافق يسار الحزب الاشتراكي على مرشح واحد، لمواجهة الإرث الكارثي" في نظرها، الذي تركه الرئيس فرانسوا هولاند، ورئيس حكومته مانويل فالس. مع العلم أن بيون، النائب في البرلمان الأوروبي، كان يعيش شبه عزلة سياسية، منذ الانتخابات الأوروبية التي قادها عام 2014، وانتهت بفشل كبير للحزب الاشتراكي. واعتبر أن قراره بالترشح أتى في يوم 1 ديسمبر/كانون الأول الحالي، حين أعلن هولاند عن تخلّيه عن الترشح لولاية رئاسية ثانية، مشدّداً على أنه "سيسخّر حملته للدفاع عن إرث الرئيس فرانسوا هولاند".

وإذا كان "تخلي" هولاند غير كافٍ لتبرير ترشيح بيون، فإن العوامل الأخرى المؤثرة ليست غائبة. ولعلّ أهمها أن قيادات اشتراكية كبرى في الحزب الاشتراكي، تمثل خطّاً ثالثاً في الحزب، لا ترى نفسها ممثلة، في خط مانويل فالس الاجتماعي - الليبرالي، الذي حظي، بتأييد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان ووزراء آخرين، ولا في خط أرنو مونتبورغ أو فيليب هامون اليساري الراديكالي.



وبعد صدمة انسحاب هولاند من المشهد السياسي الفرنسي، جاء وقت المحاسبة، كما رأى أنصار الخط الثالث، خط الرئيس. محاسبة الجناح "المتمرد"، والذي عارض السياسة الحكومية الاشتراكية منذ اليوم الأول لتولي فرانسوا هولاند لمقاليد الحكم، ومحاسبة مانويل فالس، الذي خان رئيسه وتجرّأ في لقاء شهير له مع صحيفة "لوجورنال دي ديمانش"، بعنوان: "أنا جاهز"، أوضح فيه أنه "أصبح متأهّباً للتباري في الانتخابات الفرعية للحزب، سواءً بحضور هولاند أو غيابه". وهو ما اعتبره مقرّبون من هولاند بمثابة طعنة من فالس لا يمكن غفرانها، ودافعاً إضافياً لقرار هولاند الانسحاب من المشهد السياسي الفرنسي.

عليه، تمّ التوافق على اسم بيون، بين عددٍ من مقرّبي هولاند ومستشاريه وبين أعضاء مهمين في تيار مارتين أوبري، القيادية الاشتراكية في الشمال، التي لم تترشح، وأيضاً من قبل عمدة باريس، آن هيدالغو، التي تحظى بشعبية كبيرة، وتخاصم فالس، كما أنها لا تخفي تقاربها مع أوبري.

صحيح أن إعلان بيون عن ترشّحه خَلَط الأوراق في الحزب الاشتراكي، بشكل غير متوقع، ما دفع الذين كانوا يراهنون على صراع قاسٍ بين فالس ومونتبورغ، إلى مراجعة مخططاتهم، إذ لم يعد وفق تلك الحسابات، معرفة من سيكون حاضراً في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 7 مايو المقبل.

ويتوقف كل شيء على يوم الخميس، وسيكون في قدرة كل مرشح معرفة من هم أنصاره، من قياديي الحزب الاشتراكي، المستعدين لخوض غمار الموجهة بجانبه، وحينها ستبدأ الحملة الانتخابية، التي ستكون، فرصة لمحاكمة خمس سنوات من حكم فرانسوا هولاند والحزب الاشتراكي.


المساهمون