فنادق فوق النجوم: زعماء وجواسيس.. واغتيالات (2)

26 مايو 2015
فندق "البريستول" في بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -
شكلّت الفنادق جزءاً مهمّاً من المشهد السياسي في لبنان، إذ عقدت فيها جلسات انتخاب رؤساء جمهورية، ولقاءات سياسية مهمة، وزارها سياسيون عرب وأجانب. عرضنا في الجزء الأول من هذه السلسلة أبرز الأحداث التي مرّت على فنادق "السان جورج" و"الكارلتون" و"البوريفاج" في بيروت، ونتحدّث في هذا الجزء عن فندق "البريستول" في بيروت، وفندقي "مسابكي" و"بارك أوتيل شتورا" على طريق الشام الدولية.

فندق البريستول
الـ"بريستول" يعدّ الفندق الأول في منطقة الحمرا في بيروت، ويعود تاريخ تأسيسه إلى العام 1951. شهد الفندق معظم الاضطرابات الأمنية التي عصفت بالبلد، وبقي صامداً حتى اليوم.
فقد عرف ظروفاً صعبة خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وتحوّل مثل العديد من الفنادق آنذاك إلى محور من محاورها، وخسر أيضاً حوالي تسعة من موظفيه بسبب أعمال القصف والقنص خلال عبورهم المناطق الخطرة للوصول إليه.
والتزم "البريستول" مآدب قصر الرئاسة اللبنانية مع خمسة رؤساء جمهورية هم: شارل الحلو وسليمان فرنجية والياس سركيس وأمين الجميل والياس الهراوي وإميل لحود. وزاره الملك السعودي الراحل فيصل بن سعود والملك سلمان بن عبد العزيز والملك عبد الله بن عبد العزيز. وزاره أيضاً شاه إيران والأميرة ثريا، وإمبراطور الحبشة هيلاسيلاسي وملك الأردن الراحل حسين بن طلال.
زار "البريستول" أيضاً الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، ورئيس الكنيسة القبطية الراحل الأنبا شنودة، والأمير ألبير دو موناكو، والأمين العام السابق للأمم المتحدة الدكتور بطرس غالي، والشيخ جابر العلي الصباح، ووزير الخارجية الأميركية السابق هنري كيسنجر، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

تحوّل الـ"بريستول"، منذ عام 2004، إلى ملتقى "المعارضة اللبنانية"، إذ عُقدت في الفندق لقاءات القوى السياسية المعارضة للوجود العسكري السوري في لبنان في الفندق، وأصدرت المعارضة من هناك عدة بيانات، وسميت اللقاءات بـ"لقاءات البريستول". توالت اجتماعات المعارضة في الفندق بعد اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري.
الفندق، الذي سمي بـ"رمز المعارضة"، تعرّض للتهديد في عام 2011، بعد أن كان مقرراً عقد لقاء تضامني مع الشعب السوري فيه مع بداية الثورة السورية. إذ اضطُرَّت إدارة فندق "بريستول" إلى الاعتذار عن عدم استضافة اللقاء التضامني مع الشعب السوري، بعد تلقيها تهديدات باقتحام الفندق ومنع عقد اللقاء ولو بالقوة.

أمن مُحكم
شهد فندق "البريستول" البيروتي إجراءات أمنية مشدّدة في صيف العام 2004، أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي السابق، إياد علاوي (الصورة)، إلى العاصمة اللبنانية. وقد تمركز خمسة قناصين على سطح الفندق، وانتشرت داخل الفندق وعلى مختلف مداخله فرق من الجيش وقوى الأمن الداخلي والاستخبارات، خوفاً من أي تهديد أمني قد يطال علاوي.

إقرأ أيضاً: سينما الحرب الأهلية اللبنانية.. حضور الأهل

فنادق شتورا
أمّا بلدة شتورا، فلعبت دوراً سياسياً بارزاً بحكم موقعها الجغرافي المهمّ. إذ تتوسط البلدة سهل البقاع، وتعتبر همزة وصل استراتيجية بين معظم المناطق اللبنانية، وبين لبنان والعالم العربي. كما أنّ شتورا، أو "طريق الشام الدولية"، تشكل المعبر البرّي الرئيسي بين لبنان وسورية. وبعد دخول الجيش السوري إلى لبنان في عام 1976، أقامت الاستخبارات السورية مراكز وحواجز لها في البلدة، ورفعت أيضاً تمثالاً برونزياً لباسل الأسد عند مدخل البلدة عام 1995، ودشنه وزير الداخلية اللبنانية حينها، ميشال المرّ، وبقي التمثال عند مدخل البلدة حتى رحيل الجيش السوري عن لبنان عام 2005. وعليه، لعبت فنادق البلدة دوراً مهمّاً، وشكلّت ملتقى للسياسيين اللبنانيين والسوريين والعرب، وأهمّها فندقي "مسابكي" و"بارك أوتيل شتورا"، بالإضافة إلى "كازينو ومطعم عقل".
شهد فندق "مسابكي" في شتورا محطات سياسية مهمة جداً. إذ أُقيمت فيه مباحثات ومفاوضات لبنانية ـ سورية، ولبنانية ـ عربية، ولبنانية ـ دولية. وزاره الملك السعودي الراحل فيصل الثاني، والرئيس السوري الراحل شكري القوتلي، ووزير الخارجية السوري الراحل جميل مردم بيك، وملك اليمن الراحل سيف الإسلام، ووفود ملكية مصرية، بالإضافة إلى مئات الشخصيات الغربية ورجال الفكر والأدب والصحافة والفن والدين.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الفندق الموجود على خط الشام الدولي شهد الكثير من الاجتماعات والمآدب بين السياسيين اللبنانيين وضباط الأمن السوريين أثناء وجودهم في لبنان، ومن أبرزهم رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب السابق إيلي الفرزلي، والعميد السوري الراحل رستم غزالي، والوزير السابق الياس سكاف، والنائبان السابقان فيصل الداوود وناصر قنديل.

"بارك أوتيل شتورا"
أسّس الوزير السابق، نقولا خوري، "بارك أوتيل شتورا" في عام 1957. نزل في الـ"بارك أوتيل شتورا" عدد كبير من الشخصيات السياسية المهمة، وأُقيمت في قاعاته العديد من المؤتمرات واللقاءات. فقد استضاف الفندق "مؤتمر وزراء الخارجية العرب" و"مؤتمر وزراء العمل العرب" في عامي 1960 و1962.
وعُقد في الفندق أيضاً لقاء قمة بين الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجية في عام 1975. واستضاف الفندق أيضاً حفل قسم اليمين للرئيس الراحل إلياس سركيس في عام 1976. وفي عام 1989، اجتمع النوّاب على عجل بعد اغتيال الرئيس رينيه معوض، وانتخبوا الرئيس إلياس الهراوي في "بارك أوتيل شتورا".

مطعم وكازينو عقل
عايش "مطعم وكازينو عقل" الحرب العالمية الأولى في عام 1914، وتحوّل حينها إلى ثكنة ومستشفى للجيش التركي، وصمد "عقل" أيضاً خلال الحرب الأهلية اللبنانية. استضاف هذا المطعم سلسلة كبيرة من اللقاءات السياسية، وكان من أبرز رواده الرئيسان الراحلان بشارة الخوري وكميل شمعون، ورئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي، ورئيس مجلس النواب السابق حبيب أبو شهلا، والزعيم الراحل كمال جنبلاط، وغيرهم من الشخصيات السياسية وقادة البلاد.

إقرأ أيضاً: فنادق فوق النجوم: زعماء وجواسيس.. واغتيالات
المساهمون