فلسطين: يوم الأرض يقاوم الظروف

30 مارس 2020
تغيب الفعاليات الشعبية هذا العام (عباس مومني/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية والتوغّل في مخططات الاستيطان، فرض تفشي وباء كورونا على الفلسطينيين إحياء الذكرى الرابعة والأربعين ليوم الأرض، التي تصادف اليوم الإثنين، بشكل رمزي، عبر تظاهرات رقمية ونشاط افتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما سيغيبون عن الميدان ضماناً للسلامة العامة مع انتشار الوباء.

وفيما كانت الإجراءات الفلسطينية وصلت حد فرض حالة الطوارئ منعاً لتفشي الوباء، فإن الممارسات الإسرائيلية من مصادرة الأراضي والانتهاكات بحق الفلسطينيين شهدت تصاعداً ملموساً، إذ زاد المستعمرون الإسرائيليون من وتيرة اعتداءاتهم بحق الفلسطينيين، في ظل وضع الطوارئ الذي ألزم مئات آلاف الفلسطينيين بيوتهم. ويأتي كل ذلك في ظل غياب سياسة فلسطينية للتصدي للمستعمرين والمستعمرات التي تتوسع يومياً على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بحيث لم يتبق على هذه الأرض ما يمكّن الفلسطينيين من إقامة دولتهم عليه.

وقال عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير، واصل أبو يوسف، لـ"العربي الجديد"، إن اليوم سيكون فرصة لتجديد العهد والتواصل الفلسطيني في كل مكان في فلسطين المحتلة عام 1948 والشتات، للتأكيد على أهمية يوم الأرض لكل فلسطيني. وتابع: "بسبب ظروف انتشار كورونا لن تكون هناك فعاليات ميدانية، وحفاظاً على السلامة ستكون هذه الفعاليات رمزية عبر رفع العلم الفلسطيني على المنازل، والنشاط الرقمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي". ولفت إلى "أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرين استغلوا فرصة انشغال العالم بكورونا وكثّفوا من نشاطاتهم الاستيطانية ومصادرة الأراضي والاعتداءات على الفلسطينيين".

وبات إحياء يوم الأرض وغيره من المناسبات الوطنية الفلسطينية، مناسبة لتعداد الخسائر الفلسطينية المتلاحقة على الأرض، مع تقلص المساحات بشكل يومي لصالح المشروع الاستعماري الصهيوني، ورفد الفلسطينيين بأرقام تترجم حجم هذه الخسائر الفادحة التي تبدو كل خطوات التصدي لها خجولة وغير فعالة، مع غياب سياسة فلسطينية للتصدي لتزايد المستعمرات.

ومنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2017، وما تبع ذلك من قرارات مصيرية اتخذتها الإدارة الأميركية الحالية، والتدهور على الأرض متسارع، إذ تبع إعلان القدس عاصمة للاحتلال خطوة كبيرة ونقطة تحوّل في المشروع الاستعماري الصهيوني، وهي شرعنة الاستيطان وما تلاها من عمل إسرائيلي على الأرض لضم مناطق "ج" بشكل علني، ومنع البناء في مناطق "ب" المحاذية للمستعمرات، على الرغم من أن الأخيرة يجب أن تكون تحت الإدارة الفلسطينية، حسب اتفاق أوسلو عام 1993.


وأصدر جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، أمس، ورقة حقائق بمناسبة إحياء يوم الأرض، أشار فيها إلى أن عدد المواقع الاستعمارية والقواعد العسكرية الإسرائيلية نهاية عام 2018 في الضفة الغربية بلغ 448 موقعاً، منها 150 مستعمرة و26 بؤرة مأهولة، تم اعتبارها كأحياء تابعة لمستعمرات قائمة، و128 بؤرة استعمارية.

وفي ما يتعلق بعدد المستعمرين في الضفة الغربية، أشار جهاز الإحصاء إلى أنه بلغ 671007 مستعمرين نهاية عام 2018، بمعدل نمو سكاني يصل إلى نحو 2.7 في المائة، ويشكّل استقدام اليهود من الخارج أكثر من ثلث صافي معدل النمو السكاني في دولة الاحتلال، ويتضح من البيانات أن حوالي 47 في المائة من المستعمرين يسكنون في محافظة القدس، إذ بلغ عددهم 311462 مستعمراً، منهم 228614 مستعمراً في القدس (ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمه الاحتلال الإسرائيلي إليه عنوة بعيد احتلاله للضفة الغربية في عام 1967).

وعن ذلك، قال مدير مركز أبحاث الأراضي في القدس، جمال طلب، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "الضفة الغربية اليوم عبارة عن كانتونات ممزقة بفعل الحواجز الإسرائيلية التي تفتح وتغلق تبعاً للمزاج العسكري الإسرائيلي، فضلاً عن الشوارع الالتفافية والاستيطان، لكن في المرحلة المقبلة سنعيش وضع المعازل الممزقة بشكل نهائي". وتفيد مصادر متطابقة بوجود نحو 140 حاجزاً إسرائيلياً عسكرياً ثابتاً ومتحركاً يمزق الضفة الغربية المحتلة.

وأضاف طلب: "الاحتلال يربط الأراضي المحتلة عام 1948 والمستعمرات المقامة على الأراضي المحتلة عام 1967 في الضفة الغربية بشوارع التفافية لن يستطيع الفلسطينيون استخدامها، فضلاً عن ربط المستعمرات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة شرقاً وغرباً بخطوط متوازية محاطة بجدران لتكون معازل حقيقية تمزق الأرض بشكل كامل ونهائي". وتابع: "بعد إتمام ما بدأ الاحتلال به اليوم على ضوء القرارات الأميركية المتلاحقة منذ مجيء ترامب، ستتحول السلطة إلى سلطة حكم بلديات من دون أي سيادة على الأرض وذلك بعد الانتهاء من ضم مناطق".

ولفت إلى أنه "حتى في ظل الوضع العالمي لتفشي وباء كورونا، هناك تصاعد في اعتداءات المستوطنين وانتهاكاتهم واعتداءاتهم على الفلسطينيين وأراضيهم ومواشيهم بشكل يومي، ما يعني أنهم ماضون في مخططاتهم للاستيلاء على الأرض، بغض النظر عن أي مرض أو حالة طوارئ محلية أو عالمية، في استغلال واضح لهذا الظرف الإنساني الذي يمر به الجميع، أي تفشي الوباء".

وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وأمين سرها، صائب عريقات، قد أكد في تصريحات صحافية أخيراً، أن الاستيطان قد زادت كثافته بنسبة 25 في المائة سنوياً منذ بداية رئاسة ترامب. وأضاف: "تكثيف النشاطات الاستعمارية الاستيطانية الإسرائيلية، يعتبر جزءاً لا يتجزأ من خطة الضم والاستيطان لترامب ونتنياهو، وهدفهما الأساسي الآن هو تأكيد موقفهما بالادعاء أن الاستيطان لا يتعارض مع القانون الدولي، استمرارا في محاولاتهما شرعنة الاستيطان والضم والابرتهايد، وبالتوازي يتنكران للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني".

وشهد العام الماضي زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية، إذ صادق الاحتلال على بناء 8457 وحدة استعمارية جديدة، بالإضافة إلى إقامة 13 بؤرة استعمارية جديدة، حسب جهاز الإحصاء الفلسطيني.
وتشير بيانات منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية حول إقامة البؤر الاستعمارية، إلى أن هذه الظاهرة بدأت بشكل رئيسي في عهد بنيامين نتنياهو كرئيس للوزراء عام 1996، وتوقفت في عام 2005. ويلاحظ أنه في عام 2012 عاودت حكومة نتنياهو مرة أخرى إنشاء بؤر استعمارية غير قانونية، بحيث إنه من بين 134 موقعاً تم إنشاؤها، تم إخلاء موقعين استعماريين (ميغرون وأمونا)؛ وتمت المصادقة على 29 موقعاً استعمارياً (ثلاثة كمستعمرات مستقلة و26 كـ"أحياء" لمستعمرات قائمة)؛ وما لا يقل عن 35 موقعاً في طور المصادقة.