يأتي ذلك بعدما أكّد محافظ سلطة النقد الفلسطينية (البنك المركزي)، عزام الشوا، الشروع في إجراء تحقيقات شاملة في قضية احتيال مفترضة قام بها شخص فرّ من الأراضي الفلسطينية إلى الخارج، وتقدّر قيمتها بـ28 مليون شيكل (ثمانية ملايين دولار).
وقال الخبير الاقتصادي الفلسطيني نصر عبد الكريم، لـ"العربي الجديد"، إن هناك احتمالين يمكن من خلالهما تفسير ما حدث، أولهما: قضية مبيتة ومحكمة ونية مسبقة للاحتيال، وهو ما يطرح أسئلة عن احتمال وجود خرق مصرفي للأنظمة المتبعة في البنك الأهلي الأردني.
وثانيهما: حالة عادية من التعثر نتيجة قيام رجل أعمال بالاقتراض أكبر من طاقته، وهو ما دفعه إلى مغادرة البلاد لفترة مؤقتة.
ويضيف: "لا يمكن الكشف عن الحقيقة إلا من خلال التحقيقات الراهنة التي تجريها سلطة النقد الفلسطينية، وأتحفظ على وصف ما حدث بجريمة احتيال منذ اللحظات الأولى للكشف عن مغادرة الشخص المتهم البلاد".
ويضيف عبد الكريم أنه في الحالتين "ثمة أسئلة عن الآلية التي تمكّن من خلالها رجل أعمال شاب من اختراق ضوابط الائتمان والتعليمات المشددة من البنوك ومن سلطة النقد، بحيث تمكّن من الحصول على تسهيلات من دون وجود ما يكفي من ضمانات".
ويستبعد أن يؤدي ما حصل إلى تداعيات سلبية على الجهاز المصرفي، لأن "البنك الأهلي الأردني" ليس هامشيا في الأردن وفلسطين، ولديه ملاءة مالية كبيرة يمكن من خلالها تجاوز ما حصل بسهولة، ولكنه يعتقد أن تكرار حالات مشابهة من شأنها أن تؤثر سلبا على الثقة بالمصارف الفلسطينية، "لأن الخسارة الناتجة عن عملية الاحتيال المفترضة سيتحملها المساهمون في النهاية".
ولفت إلى أن متابعة حثيثة تجرى لمعرفة تفاصيل "الحدث التشغيلي في عملية مصرفية محدودة" أدت إلى ما حدث.
وشدد محافظ سلطة النقد الفلسطينية على "المتانة والسلامة والملاءة المصرفية العالية التي يتمتع بها الجهاز المصرفي الفلسطيني، ومدى التطور الكبير في أعماله ومنتجاته وخدماته وانتشاره والكفاءة في إدارة المخاطر لديه، وعلى رأسها مخاطر التشغيل".
وأثارت قضية الاحتيال المفترضة موجة من ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، وتغطية واسعة في وسائل الإعلام المحلية، وسط تساؤل حول الطريقة التي تمكّن من خلالها شخص من تنفيذ فعلته والمغادرة من دون أن يكون لدى البنوك التي تعامل معها ما يكفي من ضمانات لاسترداد أموالها.
وشكلت الرئاسة الفلسطينية لجنة لمتابعة ما حصل، بالتنسيق مع السلطات الأردنية، فيما يعوّل على انضمام فلسطين إلى المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" أخيراً، المساعدة في استعادة رجل الأعمال الهارب.
ولم تتضح بعد صورة ما حدث، لكن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن محامياً شاباً كان معروفاً في محافظة رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية بأنه رجل أعمال، وحظي بثقة عدد من البنوك والصرافين لفترة من الزمن، تمكّن من الاحتيال بمبلغ ثمانية ملايين دولار، وغادر البلاد، إلا أن هناك أصواتاً تدعو إلى التريّث، ولا تستبعد أن يكون ما حصل عملية تعثر اعتيادية، دفعت صاحبها إلى المغادرة لأسباب قد تكون اجتماعية.
وأفيد في البداية بأن عملية الاحتيال وقعت على "البنك الأهلي الأردني"، وهو واحد من 14 مصرفاً عاملاً في السوق الفلسطينية، لكن معطيات جديدة كشفت أن عملية النصب طاولت عدداً من البنوك والصرافين في السوق الفلسطينية، لكن الضحية الكبرى هي "الأهلي الأردني".