فلسطينيون يواجهون تهديدات الهدم

30 مايو 2018
إمعان في انتهاك الحقوق (نضال اشتيه/ الأناضول)
+ الخط -
يبحث الفلسطينيون عن سبل لمواجهة قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي بتخويل جيش الاحتلال هدم منازلهم في غضون 96 ساعة من تسليمهم إخطارات الهدم

أكثر من 15 ألف منزل فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، وبالتحديد المناطق المصنفة بحسب اتفاقية أوسلو بتصنيف (ج) باتت مهددة بمجزرة هدم بحقها بعد قرار محكمة الاحتلال في 17 أبريل/ نيسان الماضي بتخويل جيش الاحتلال هدم منازلهم في غضون 96 ساعة من تسليمهم إخطارات الهدم.

الفلسطينيون قرروا مواجهة تلك المجزرة، والمرحلة الحالية وفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان هي القراءة والتحليل الفعلي للقرار، ودراسة الثغرات القانونية مع الشركاء، للتمكن من مواجهة ما يريد الاحتلال تنفيذه من الناحية القانونية، بالإضافة إلى تقديم المزيد من الاعتراضات على قرار الهدم، والالتماس في فترة الـ60 يوماً التي أعطتها المحكمة لقرارها حتى يصبح حيز التنفيذ.

هناك عدة تحركات فلسطينية، أولها الإجماع على إعادة بناء ما سيهدم، وحشد الشارع الفلسطيني للمواجهة الشعبية، بالإضافة إلى حشد الرأي العام العالمي، وذلك للمواجهة القانونية في محاكم الاحتلال، وتعزيز صمود المواطن الفلسطيني من خلال تقديم الدعم اللازم له.
قاسم عواد، مدير عام نشر وتوثيق الانتهاكات في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ الاحتلال الإسرائيلي يحاول توظيف القوانين لصالحه، ومن الواضح أنّ هناك تناغماً كبيراً بين محكمة الاحتلال والمستوى السياسي عند الاحتلال والجيش، وهناك حلقة متكاملة لتنفيذ سياساته على الأرض.

وبحسب عواد سيواجَه القرار بشتى الطرق والوسائل، خصوصاً أنّه يخول جيش الاحتلال بتنفيذ عمليات هدم خلال فترة 96 ساعة، ووضع شروط تعجيزية على المواطن حتى يستطيع الدفاع عن ملكيته لهذا المنزل. وأحد بنود القرار أنّه لا قيمة ولا جدوى من تقديم المواطن الفلسطيني بنفسه لاعتراض على عملية الهدم إذا لم يكن هناك مخطط ولم تكن هناك رخصة بناء للمنزل الذي بُني في المنطقة المسماة (ج).




في المقابل، لم تسبق لسلطات الاحتلال المصادقة على مخططات هيكلية للبناء في المنطقة (ج) إلاّ ما ندر، ومن بين كل ألف حالة (منشأة مخطرة بالهدم) من الممكن أن يتم ترخيص حالة واحدة، بعد جهد وعناء سنوات طويلة، بينما تم رفض 114 مخططاً تفصيلياً لتوسعة قرى وبلدات فلسطينية باتجاه المنطقة (سي) من أصل 114.

يؤكد عواد أنّ العنوان الأول للاحتلال هو هدم المنازل، وتهجير سكانها، أو فرض البيئة القسرية على السكان الفلسطينيين داخل القرى الفلسطينية، وهو جزء من أركان جريمة الحرب الأساسية، كونها تعرف بالقانون الدولي الانساني على أنّها جريمة حرب بحد ذاتها.

الاحتجاج متوقع (عصام الريماوي/ الأناضول)













يحاول الاحتلال حصار القرى الفلسطينية من خلال الأراضي المحيطة بها، وعدم السماح لسكانها بالتوسع والانتشار. وفي الوقت نفسه، يصادق على آلاف الوحدات الاستيطانية، والمشاريع الاحتلالية التي تضخ بشكل غير مسبوق على الأراضي الفلسطينية لإحكام سيطرته على المنطقة (سي). مثال على ذلك، أراضي غور الأردن وهي مناطق "قردلة، بردلة، عين البيضة، الساكوت، زبدة، الحمدات". جميعها فيها قرار انتزعته هيئة شؤون الجدار والاستيطان من محكمة الاحتلال بضرورة إخلاء وإزالة التعديات التي مورست بحق المواطنين الفلسطينيين وأراضيهم في تلك المنطقة، لكنّ الاحتلال حتى اللحظة يتباطأ ويتلكأ بتنفيذ القرار بإخلاء أراضٍ فلسطينية من بؤرة استيطانية مقامة على أراضي الفلسطينيين في "خلة حمد" على سبيل المثال.

يقول عواد إنّ هذه الاجراءات العنصرية جميعها تعزز سياسة واحدة هي قتل حلّ الدولتين والانطلاق باتجاه مشروع آخر وهو عزل محافظات الضفة الغربية وجعلها مفصولة عن بعضها البعض، وفرض قوة الاحتلال على 62 في المائة من الأراضي الفلسطينية المصنفة (ج) وحصار القرى الفلسطينية المصنفة (ب) واستمرار عمليات الاقتحام للمناطق المصنفة (أ).

وثمة عمليات هدم ينفذها الاحتلال داخل الأراضي الفلسطينية المصنفة (أ) وهذا يعني أنّه قام بشكل فعلي بشطب كلّ الأعراف الدولية المنصوص عليها بالتزام الدولة القائمة بقوة الاحتلال في حال وجودها على أرض اقليم محتل، وهذه جزء من السياسة المستمرة لسياسة الاحتلال، فهو لم يوقع على الاتفاقيات الدولية ولا يلتزم بها إلاّ في حال كانت هذه الاتفاقيات تقوم بخدمة مصالحه.

لن يعول الفلسطينيون في خطوات مواجهتهم لتهديدات الاحتلال بهدم آلاف المنازل في الضفة الغربية على عدل قاض منحاز في محكمة الاحتلال، بحسب عواد، بل على تكثيف الحالة الشعبية الجماهيرية لمواجهة هذه المشاريع، بالإضافة إلى الاعتماد على ثقافة المقاومة الشعبية تجاه جميع أشكال هذه الإجراءات الاحتلالية على الأرض.

الاحتجاج الشعبي، ومواجهة عمليات الهدم ستساهم في فضح ممارسات الاحتلال على مستوى صعيد العالم، وهو وحده الكفيل بأن يخلق حالة إرباك للاحتلال، كونه قوة قائمة بالبطش والعنجهية والقتل والتدمير والهدم بحسب عواد. يؤكد أنّ هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ستعيد بناء ما يهدمه الاحتلال: "نأمل ألاّ نصل لمرحلة مجزرة هدم المنازل في المنطقة (سي) التي تلوح وتهدد بتنفيذها حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وفي نفس الوقت نحن مؤمنون أنّنا باقون على أرضنا وسندعم صمود المواطن الفلسطيني في هذا الجزء من الأرض".

هيئة الجدار والاستيطان بعثت برسائل عاجلة إلى قناصل دول، وهناك رسائل وجهت إلى مختلف الهيئات الدولية لخطورة ما جاء في القرار، بالإضافة إلى التواصل مع الأمم المتحدة، والأونروا، ولجان حقوق الإنسان، وجمعيات حقوق الإنسان حول العالم، وكذلك السفارات والقنصليات والممثليات، في دعوة صريحة إلى تحشيد الرأي العام الدولي لمواجهة الكارثة التي يلوّح الاحتلال بتنفيذها.




وفي الميدان، ثمة دعوات لكلّ التجمعات والقرى والبلدات الفلسطينية، والأطر السياسية لتوجيه المواطنين الفلسطينيين بضرورة التصدي لمحاولات الاحتلال بهدم تلك المنازل والبقاء في أرضهم وإفشال مخططات الاحتلال بتهجير السكان من منازلهم وإحكام السيطرة على أراضيهم.

يختم عواد حديثه مع "العربي الجديد" بالقول إنّ هناك متسعاً من الوقت لتقديم الاعتراضات والالتماس وأخذ جوانب الحيطة والحذر والاستعداد للمواجهة في مواقع فلسطينية أخرى لا تتوافر فيها شروط الحفاظ على تلك المنازل، منعاً لإعطاء الاحتلال أيّ مبرر لتنفيذ عمليات الهدم بحسب قوانينه.