بعدما بدا كلّ شيء بلا معنى فجأة عندما داهمه فيروس كورونا الجديد، تمكن الشاب الفلسطيني سلطان ناصر، من الانتصار على المرض، ليسجل حالة شفاء بارزة تمثل أملاً لكثيرين يصارعون الوباء الخطير حول العالم. ففي أيام معدودة، تحول ناصر من موظف في التدقيق المالي في فندق "آنجل" بمدينة بيت جالا بمحافظة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، إلى نزيل ممنوع من الخروج من الغرفة طوال 15 يوماً أمضاها في الحجر الصحي، لكنّه تمكن من استثمار وقته في هذه الفترة المؤلمة والتأقلم معها.
ناصر، ومعه ستة عشر آخرون، هم من أوائل المصابين بالفيروس في فلسطين، تمكنوا من تجاوز المرض بالرغم من الضغوط النفسية القاسية، وسيل الإشاعات الذي تعرضوا له، وخرجوا متعافين وسط فرحة غامرة، منتصرين على مرض ما زال يؤرّق العالم، كما يقول لـ"العربي الجديد".
اقــرأ أيضاً
ناصر كان يسمع عن كورونا ومعاناة دول عظمى منه كالصين، لكنّه يقول: "لم نكن نتخيل أبداً أن نكون من أول ضحاياه في فلسطين، فبعد مغادرة الوفد السياحي اليوناني وصلت معلومات بأنّ بعضاً من أفراده مصابون، وبعدما خضع كلّ من خالطهم للفحص تبين أنّني وعدداً من زملائي مصابون، وكان القرار أن نخضع للحجر الصحي الإلزامي، بعيداً عن أهلنا وأحبتنا، بل بعيداً عن كلّ شيء".
وُضع ناصر في إحدى غرف فندق "آنجل"، وكانت التعليمات الحكومية الصارمة بعدم الخروج مطلقاً من الفندق، ولم يرَ طوال فترة الحجر الصحي سوى الطبيب الذي كان يتابع حالته الصحية أولاً بأول، لكن من بعيد. لم يفكر ناصر بنفسه كما يقول، بل بوالديه، غير أنّ اللحظة الأصعب في حياته كانت حينما علم أنّ ابنة شقيقته وهي الطفلة ميلا جهاد شوكة (عام وعشرة أشهر، أصغر مصابة بكورونا بفلسطين وقد تعافت لاحقاً) كانت قد أصيبت نتيجة اختلاطها مع خالها ناصر.
مع هذا، فقد كان القرار الداخلي لناصر بالتأقلم مع الحالة الجديدة، والانتصار على المرض، ولم يكن قراراً فردياً بل جماعي له ولمن أصيبوا معه. أما على الصعيد الشخصي، فيقول: "بعدما تجاوزت الصدمة بعد أيام قليلة من الإصابة، تحصنت بقراءة القرآن والصلاة والعبادات، كما استثمرت الوقت في متابعة دراستي الفندقية عن بُعد في جامعة كامبردج، وكذلك في التواصل مع الأهل ومتابعة الأخبار في الخارج".
يشدّد ناصر على أنّ جزءاً كبيراً من العلاج، يعتمد على قوة الإرادة والاستقرار النفسي، وكذلك التزام المحجورين بالتعليمات الطبية، وحرصهم على تناول الوجبات الثلاث الرئيسية والفيتامينات، التي تسهم في رفع مناعة الجسم.
أما خالد عبيّات الذي كان في غرفة مجاورة لناصر، فهو يحاول العودة إلى حياته الطبيعية، متجاوزاً تلك المرحلة الصعبة عليه وعلى عائلته بعد تماثله للشفاء من الفيروس، إثر حجر صحي مماثل. يقول عبيّات لـ"العربي الجديد": "كأنني ولدت من جديد، شعوري اليوم لا يوصف، فرحة غامرة، خصوصاً عندما أستذكر الساعات الأولى لإبلاغنا بنبأ إصابتنا، ودخولنا في الحجر الصحي، والضجة الإعلامية والضغط النفسي والتسريبات، والأهم الابتعاد عن العائلة والأطفال والخوف عليهم من أن تكون العدوى قد انتقلت إليهم... كلّ هذه المواضيع تزاحمت في عقلي".
وبعدما أدرك عبيّات كما الآخرين معه أنّ التزامهم بالحجر الصحي قد ينقذ من حولهم ويحول دون انتشار العدوى كان القرار الحاسم بوضع المزاج الشخصي جانباً والتفكير بالمصلحة العامة. يقول عبيات: "أول من يلجأ إليه الإنسان وقت الأزمات هو الله، فكنت أؤدي الصلوات جميعها، وكذلك قيام الليل وقراءة القرآن... لقد شغلتنا الحياة عن كلّ ذلك، فكانت هذه التجربة على صعوبتها تذكيراً بالله".
بالنسبة للحجر الصحي، يؤكد عبيات أنّ على كلّ من فيه أن يضع لنفسه برنامجاً يومياً: "الوقت طويل، ولا بد من استغلاله، لكنّ كلّ خططك قد تفشل إذا لم تتسلح بالأمل والإرادة وتصرّ على الانتصار على مرضك، وهذا لمسته عند كل المحجورين، وكان واضحاً من النقاشات التي كانت تدور على المجموعة التي ضمتنا على تطبيق واتساب، إذ كنّا نتداول الأحداث الدائرة في الخارج، ونرسل رسائل طمأنة لعائلاتنا وأقاربنا وكنّا نرفع من معنوياتهم، والأهم أنّنا كنّا نتبادل المعارف والخبرات ونستفيد بعضنا من بعض".
يخاطب عبيّات من يقللون من شأن الحجر الصحي ويرفضون الالتزام به، قائلاً: "تخيلوا حياتكم من دون آبائكم وأمهاتكم وزوجاتكم وأطفالكم مدى الحياة، ستكون حياة قاسية لا محالة، فمن أجلهم اعتزل مدة 14 يوماً فقط، حتى تعود لتعيش معهم إلى الأبد". لكنّ الدور الأكبر وفق عبيات، يقع على عاتق المجتمع، الذي عليه أن يساعد المتعافين في العودة لحياتهم كما كانت من قبل، ويقول: "نحن لم نختر هذا المصير، لكنّه وقع علينا ومع هذا صمدنا وقاومنا وانتصرنا بحمد الله، فساعدونا على نسيان تلك الأيام ولا تصدقوا ما يشاع ولا ترددوا الأقاويل التي قد تجرحنا وتسيء إلينا وإلى عائلاتنا".
ناصر، ومعه ستة عشر آخرون، هم من أوائل المصابين بالفيروس في فلسطين، تمكنوا من تجاوز المرض بالرغم من الضغوط النفسية القاسية، وسيل الإشاعات الذي تعرضوا له، وخرجوا متعافين وسط فرحة غامرة، منتصرين على مرض ما زال يؤرّق العالم، كما يقول لـ"العربي الجديد".
ناصر كان يسمع عن كورونا ومعاناة دول عظمى منه كالصين، لكنّه يقول: "لم نكن نتخيل أبداً أن نكون من أول ضحاياه في فلسطين، فبعد مغادرة الوفد السياحي اليوناني وصلت معلومات بأنّ بعضاً من أفراده مصابون، وبعدما خضع كلّ من خالطهم للفحص تبين أنّني وعدداً من زملائي مصابون، وكان القرار أن نخضع للحجر الصحي الإلزامي، بعيداً عن أهلنا وأحبتنا، بل بعيداً عن كلّ شيء".
وُضع ناصر في إحدى غرف فندق "آنجل"، وكانت التعليمات الحكومية الصارمة بعدم الخروج مطلقاً من الفندق، ولم يرَ طوال فترة الحجر الصحي سوى الطبيب الذي كان يتابع حالته الصحية أولاً بأول، لكن من بعيد. لم يفكر ناصر بنفسه كما يقول، بل بوالديه، غير أنّ اللحظة الأصعب في حياته كانت حينما علم أنّ ابنة شقيقته وهي الطفلة ميلا جهاد شوكة (عام وعشرة أشهر، أصغر مصابة بكورونا بفلسطين وقد تعافت لاحقاً) كانت قد أصيبت نتيجة اختلاطها مع خالها ناصر.
مع هذا، فقد كان القرار الداخلي لناصر بالتأقلم مع الحالة الجديدة، والانتصار على المرض، ولم يكن قراراً فردياً بل جماعي له ولمن أصيبوا معه. أما على الصعيد الشخصي، فيقول: "بعدما تجاوزت الصدمة بعد أيام قليلة من الإصابة، تحصنت بقراءة القرآن والصلاة والعبادات، كما استثمرت الوقت في متابعة دراستي الفندقية عن بُعد في جامعة كامبردج، وكذلك في التواصل مع الأهل ومتابعة الأخبار في الخارج".
يشدّد ناصر على أنّ جزءاً كبيراً من العلاج، يعتمد على قوة الإرادة والاستقرار النفسي، وكذلك التزام المحجورين بالتعليمات الطبية، وحرصهم على تناول الوجبات الثلاث الرئيسية والفيتامينات، التي تسهم في رفع مناعة الجسم.
أما خالد عبيّات الذي كان في غرفة مجاورة لناصر، فهو يحاول العودة إلى حياته الطبيعية، متجاوزاً تلك المرحلة الصعبة عليه وعلى عائلته بعد تماثله للشفاء من الفيروس، إثر حجر صحي مماثل. يقول عبيّات لـ"العربي الجديد": "كأنني ولدت من جديد، شعوري اليوم لا يوصف، فرحة غامرة، خصوصاً عندما أستذكر الساعات الأولى لإبلاغنا بنبأ إصابتنا، ودخولنا في الحجر الصحي، والضجة الإعلامية والضغط النفسي والتسريبات، والأهم الابتعاد عن العائلة والأطفال والخوف عليهم من أن تكون العدوى قد انتقلت إليهم... كلّ هذه المواضيع تزاحمت في عقلي".
وبعدما أدرك عبيّات كما الآخرين معه أنّ التزامهم بالحجر الصحي قد ينقذ من حولهم ويحول دون انتشار العدوى كان القرار الحاسم بوضع المزاج الشخصي جانباً والتفكير بالمصلحة العامة. يقول عبيات: "أول من يلجأ إليه الإنسان وقت الأزمات هو الله، فكنت أؤدي الصلوات جميعها، وكذلك قيام الليل وقراءة القرآن... لقد شغلتنا الحياة عن كلّ ذلك، فكانت هذه التجربة على صعوبتها تذكيراً بالله".
بالنسبة للحجر الصحي، يؤكد عبيات أنّ على كلّ من فيه أن يضع لنفسه برنامجاً يومياً: "الوقت طويل، ولا بد من استغلاله، لكنّ كلّ خططك قد تفشل إذا لم تتسلح بالأمل والإرادة وتصرّ على الانتصار على مرضك، وهذا لمسته عند كل المحجورين، وكان واضحاً من النقاشات التي كانت تدور على المجموعة التي ضمتنا على تطبيق واتساب، إذ كنّا نتداول الأحداث الدائرة في الخارج، ونرسل رسائل طمأنة لعائلاتنا وأقاربنا وكنّا نرفع من معنوياتهم، والأهم أنّنا كنّا نتبادل المعارف والخبرات ونستفيد بعضنا من بعض".
يخاطب عبيّات من يقللون من شأن الحجر الصحي ويرفضون الالتزام به، قائلاً: "تخيلوا حياتكم من دون آبائكم وأمهاتكم وزوجاتكم وأطفالكم مدى الحياة، ستكون حياة قاسية لا محالة، فمن أجلهم اعتزل مدة 14 يوماً فقط، حتى تعود لتعيش معهم إلى الأبد". لكنّ الدور الأكبر وفق عبيات، يقع على عاتق المجتمع، الذي عليه أن يساعد المتعافين في العودة لحياتهم كما كانت من قبل، ويقول: "نحن لم نختر هذا المصير، لكنّه وقع علينا ومع هذا صمدنا وقاومنا وانتصرنا بحمد الله، فساعدونا على نسيان تلك الأيام ولا تصدقوا ما يشاع ولا ترددوا الأقاويل التي قد تجرحنا وتسيء إلينا وإلى عائلاتنا".