فضائح فساد لا تنتهي في الجزائر: سوناطراك وعلاقات خارجية

24 أكتوبر 2016
اتُهم شكيب خليل بالتورط في فضيحة "سوناطراك"(فايز نورالدين/فرانس برس)
+ الخط -
شهدت الجزائر، خلال العقد الأخير، سلسلة من فضائح الفساد طاولت قطاعات حيوية في البلاد، كالنفط والطاقة والأشغال العامة والمالية، وصدمت هذه القضايا الرأي العام في الجزائر بسبب فداحتها ومستوى المسؤولين المتورطين فيها. قبل سنتين بدأت محكمة جزائرية البت في أكبر قضية فساد في قطاع النفط، تتعلق بصفقات أبرمتها شركة النفط الجزائرية "سوناطراك"، مع أربع شركات أجنبية بينها شركة ألمانية وأخرى إيطالية، اتهمتها المحكمة بأنها حصلت على صفقات غير قانونية في الجزائر، سميت بقضية "سوناطراك 1". تورط في القضية 19 متهماً بينهم كبار المسؤولين في "سوناطراك"، وأبرزهم المدير العام السابق للشركة الحكومية النفطية، محمد مزيان واثنين من أبنائه و16 متهماً آخرين، من بينهم ثمانية مديرين تنفيذيين على رأسهم المدير المكلف النقلَ عبر الأنابيب ومدير النشاطات القبلية. وضمت لائحة المتهمين مسؤولي أربع شركات أجنبية هي "سايبام" و"مجمع فونكوراك" و"شركة كونتال" وشركة "فونكوراك بليتاك" الألمانية.

وتتعلق القضية بخمس صفقات مشبوهة بقيمة تقارب المليار دولار أميركي، منحها محمد مزيان، لمجمّع الشركة الألمانية "كونتال ألجيريا فونك فرك" في إطار مشروع إنشاء نظام مراقبة بصرية وحماية إلكترونية لجميع مركبات مجمّع "سوناطراك" في الجزائر. وأشار قرار الإحالة إلى أن شركة "سوناطراك" أبرمت صفقة مشبوهة مع المجمّع الإيطالي "سيبام" في إطار مشروع إنجاز أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وسردينيا الإيطالية لنقل الغاز الطبيعي من حقل حاسي الرمل جنوب الجزائر إلى إيطاليا، وهو مشروع مقسم إلى أربعة أقسام، ورُفعت في هذه الصفقة عدة اتهامات.

وفي مارس/آذار 2014، تفجّرت قضية ثانية تتعلق بشركة "سوناطراك"، تورط فيها وزير الطاقة الجزائري السابق، شكيب خليل، المتواجد في واشنطن حينها ونجلاه وزوجته ونجل شقيق وزير الخارجية الجزائري الأسبق، محمد بجاوي، وأصدرت السلطات الجزائرية طلبات جلب دولية في حق تسعة متهمين في القضية. ودلت التحقيقات في هذه القضية على وجود شبكة دولية كبيرة للفساد، تشمل مسؤولين جزائريين في قطاع الطاقة ومسؤولين في شركة "سوناطراك" كانت تتلقى رشى وعمولات من شركات أجنبية تنشط في الجزائر، مقابل الحصول على صفقات مع شركة النفط الجزائرية "سوناطراك". وتوصلت التحقيقات إلى وجود حسابات مصرفية في سنغافورة والإمارات وسويسرا وفرنسا وإيطاليا وهونغ كونغ والولايات المتحدة الأميركية للمتهمين، وتم العمل على استرجاع هذه الأموال إلى الجزائر.


وكان قد سبق فضيحة "سوناطراك" تفجّر قضية "الطريق السيار شرق غرب" الذي يمتد على طول 1216 كيلومتراً، وبلغ عدد المتهمين في القضية 23 شخصاً، وسبع شركات أجنبية. وجاء في القضية التي حرّكها القضاء الجزائري عام 2009، اتهامات بـ"قيادة جمعية أشرار واستغلال النفوذ والرشوة وغسيل الأموال وتبديد أموال عامة". وقُدّرت قيمة مشروع إنجاز "الطريق السيار شرق غرب" بستة مليارات دولار أميركي، وبعد خضوع المشروع لسلسلة من عمليات إعادة تقييم قيمة إنجازه خلال عامي 2011 و2012 وصلت قيمته إلى 11 مليار دولار أميركي، ثم تمت إعادة تقييم قيمة الإنجاز في سنة 2014 إلى أكثر من 13 مليار دولار أميركي بعد تعثّر الإنجاز، ليتم فضح صفقات فساد وتضخيم فواتير.

كذلك شهدت البلاد فضيحة كبيرة كُشف عنها عام 2003، وهي قضية فساد تتعلق ببنك الخليفة الخاص، والذي حول ملايين الدولارات إلى الخارج واختلس أموالاً عامة في ظل تورط مؤسسات حكومية سلمته أموالها بعد إغرائها بنسب فائدة قُدّرت بسبعة في المائة، فيما كانت البنوك الحكومية تمنح نسبة فوائد لا تتجاوز 3 في المائة. وبدأت تتكشف خيوط هذه العملية عندما سجل بنك الجزائر المركزي ثغرة مالية بقيمة تقارب النصف مليار دولار أميركي، تم تهريبها إلى الخارج عبر بنك الخليفة الخاص والمملوك لرجل الأعمال عبدالمؤمن خليفة، الذي تمكّن من الاستيلاء على هذه المبالغ، وتهريبها إلى الخارج عبر شركة الطيران التي كان يملكها.

واستغل خليفة هذه الأموال في خلق شبكة علاقات في الجزائر وفرنسا وبريطانيا ومناطق أخرى، وعمل على الدعاية لنفسه باستغلال ممثلين مشهورين كالممثل الفرنسي جيرار ديبارديو. وشملت القضية عدداً كبيراً من الشخصيات ذات صلة بالقضية بينهم وزراء ومسؤولون، ومنهم وزير السكن الحالي عبدالمجيد تبون، ورئيس المجلس الدستوري الذي كان وزيراً للمالية السابق مراد مدلسي، والوزير السابق والرئيس السابق لحركة "مجتمع السلم" أبو جرة سلطاني، والأمين العام لاتحاد العمال عبدالمجيد سيدي السعيد، ورئيس بنك الجزائر السابق عبد الوهاب كيرمان، ورئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة. ولجأ خليفة إلى المملكة المتحدة سنة 2003 وقُبض عليه في 27 مارس/آذار 2007 في بريطانيا في إطار أمر توقيف أوروبي أصدرته محكمة فرنسية. وسلّمت السلطات البريطانية خليفة إلى الجزائر في ديسمبر/كانون الأول 2013.

المساهمون