"كانت القبيلة توفّر لنا أمناً نسبياً في السابق، أمّا اليوم فلا تضمن لنا لا الأمن ولا الحياة". بهذا يجيب السنوسي بحري "العربي الجديد" عند سؤاله عن أوضاع أهالي الجنوب الليبي في ظلّ سيطرة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر عليه منذ فبراير/ شباط الماضي. وبحري مواطن من إحدى الواحات يوضح أنّ "الجنوب يعاني انفلاتاً أمنياً منذ عام 2011، لكنّ أهالي كلّ واحدة من مناطقه كانوا يعيشون بحماية القبيلة التي ينتمون إليها". يضيف أنّ "تسليح حفتر لقبائل وإطلاق يدها على أخرى من أجل ضمان سيطرته على المدن والمناطق، جعلانا أشبه بمناطق محتلة".
هذا هو الوضع في فزان، أحد أقاليم ليبيا الثلاثة البالغة مساحته 550 ألف متر مربع ويقطنه نحو نصف مليون نسمة، ومن أبرز مدنه سبها ومرزق والجفرة وغات. ويضمّ فزان أغلب حقول النفط في البلاد فهو ينتج نحو نصف مليون برميل يومياً، كذلك يضمّ الآبار التي تزوّد منظومة النهر الصناعي التي تغذّي مدن الساحل بمياه الشرب. ونتيجة انحصار الصراعات السياسية والعسكرية في الشمال الليبي، لم تولِ أيّ من الحكومات التي تعاقبت على البلاد أهميّة تُذكر للجنوب، فعاش على مدى أعوام تحت رحمة مختلف الفصائل المسلحة، بعضها من خارج ليبيا، وصار ساحة كذلك للمجموعات الإرهابية بمختلف تصنيفاتها، من بينها تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، بالإضافة إلى عشرات المليشيات التي تهرّب المهاجرين السريين عبر الحدود التي تربط المنطقة بدول أفريقية.
اقــرأ أيضاً
على خلفيّة التجاهل الحكومي كذلك، شهدت المنطقة عشرات الكوارث التي راح ضحيتها مئات المدنيين، منها مقتل 250 مدنياً في مواجهات بمدينة سبها في عام 2016، وعشرات غيرهم في مواجهات شهدتها مدينة أوباري في عام 2014. وفي السياق، يشير عصام الدقيني وهو عضو في "حراك فزان" الأهلي في مدينة غات (أقصى الجنوب الغربي)، إلى أنّ "قوة تأمين الجنوب التي شكلها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في ليبيا منذ عام 2017 لم تصل إلى فزان حتى الساعة". وتعليقاً على وصول شاحنات الوقود الأولى إلى مدينته بعد غياب لفترة طويلة، يقول الدقيني لـ"العربي الجديد" إنّ "أهل مدينة غات لم يفرحوا بقرار الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب (شرق) إرسال شاحنات لتزويد محطات الوقود. هم يفضّلون شراء الوقود من السوق السوداء، إذ إنّ ثمنه فيها لا يختلف كثيراً عن ثمن الوقود الحكومي". يضيف: "نحن نشفق على سائقي الشاحنات بسبب سوء الأوضاع الأمنية ونعبّر عن حرصنا على سلامتهم في ظلّ غياب الأمن على مدى مئات الكيلومترات التي يقطعونها في الصحراء"، مشدداً على أنّ "ثمّة ما هو أهمّ من الوقود اليوم". ويتحدّث عن "السلع الغذائية التي تكاد تكون غير مفقودة، وإن وُجدت فأسعارها مرتفعة جداً. بالتالي، من الأجدى بالحكومات أن تسعى إلى توفير مثل هذه الاحتياجات الأساسية"، لافتاً إلى أنّ "بعضها يأتي عن طريق التهريب عبر الحدود الجزائرية المحاذية للمدينة". ويتابع الدقيني أنّ "التهريب عبر الحدود أقلّ خطراً بالنسبة إلى المشتري والتاجر على حدّ سواء، بالمقارنة مع عملية نقلها من مدن الشمال الليبي. فالطرقات التي تربط الشمال بالجنوب خطرة بسبب عصابات الخطف والحرابة، وكذلك المجموعات الإرهابية التي تتحرك بحرية في الجنوب وتقيم حواجز تفتيش".
ولا تُحصَر احتياجات الليبيين الأساسية بالغذاء في الجنوب، فثمّة مطالبات بتوفير الكهرباء والدواء، ويذكر مختار ارحيم من مدينة سبها أنّ "أهالي المدينة تعوّدوا على غياب الكهرباء لأسابيع". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "على الرغم من وجود أكبر محطة بخارية في ليبيا في الجنوب، فإنّ الكهرباء شبه غائبة وتتعمّد عصابات مسلحة تعطيل المحطة. بالتالي، يضطر الأهالي إلى الاعتماد على المولدات المنزلية لتوفير التيار الكهربائي". ويتابع ارحيم أنّ "المستشفيات وجهات حكومية مختلفة تعتمد على المولدات، وقد قدّمت بعضها الأمم المتحدة لدعم ومساعدة بعض المستشفيات في المدينة التي تعاني كذلك نقصاً في الكوادر الطبية والدواء".
اقــرأ أيضاً
وعن الوضع الصحي في فزان، يقول عبد السلام الشنتي وهو عضو لجنة أزمة الصحة التابعة لحكومة الوفاق في المنقطة الجنوبية، إنّ "عدداً من مستشفيات الجنوب مغلق بسبب نقص في الإمكانيات والأدوية والكادر الطبي". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "مستشفى سبها هو المستشفى الوحيد حيث نجد طبيباً شرعياً، وهو الذي يستقبل شحنات الأدوية لتوزيعها على المراكز الصحية في الجنوب كله". ويتحدّث الشنتي عن "لجوء المواطنين في الجنوب إلى بدائل في هذا السياق، مثل القابلات المحليات في عمليات الولادة أو الطب البديل الذي يعتمد على الأعشاب في مجالات مختلفة"، لافتاً إلى أنّ الناس يقصدون الصيدليات الخاصة لشراء الأدوية اللازمة والضرورية كأدوية السكّري والسرطانات".
هذا هو الوضع في فزان، أحد أقاليم ليبيا الثلاثة البالغة مساحته 550 ألف متر مربع ويقطنه نحو نصف مليون نسمة، ومن أبرز مدنه سبها ومرزق والجفرة وغات. ويضمّ فزان أغلب حقول النفط في البلاد فهو ينتج نحو نصف مليون برميل يومياً، كذلك يضمّ الآبار التي تزوّد منظومة النهر الصناعي التي تغذّي مدن الساحل بمياه الشرب. ونتيجة انحصار الصراعات السياسية والعسكرية في الشمال الليبي، لم تولِ أيّ من الحكومات التي تعاقبت على البلاد أهميّة تُذكر للجنوب، فعاش على مدى أعوام تحت رحمة مختلف الفصائل المسلحة، بعضها من خارج ليبيا، وصار ساحة كذلك للمجموعات الإرهابية بمختلف تصنيفاتها، من بينها تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، بالإضافة إلى عشرات المليشيات التي تهرّب المهاجرين السريين عبر الحدود التي تربط المنطقة بدول أفريقية.
على خلفيّة التجاهل الحكومي كذلك، شهدت المنطقة عشرات الكوارث التي راح ضحيتها مئات المدنيين، منها مقتل 250 مدنياً في مواجهات بمدينة سبها في عام 2016، وعشرات غيرهم في مواجهات شهدتها مدينة أوباري في عام 2014. وفي السياق، يشير عصام الدقيني وهو عضو في "حراك فزان" الأهلي في مدينة غات (أقصى الجنوب الغربي)، إلى أنّ "قوة تأمين الجنوب التي شكلها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في ليبيا منذ عام 2017 لم تصل إلى فزان حتى الساعة". وتعليقاً على وصول شاحنات الوقود الأولى إلى مدينته بعد غياب لفترة طويلة، يقول الدقيني لـ"العربي الجديد" إنّ "أهل مدينة غات لم يفرحوا بقرار الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب (شرق) إرسال شاحنات لتزويد محطات الوقود. هم يفضّلون شراء الوقود من السوق السوداء، إذ إنّ ثمنه فيها لا يختلف كثيراً عن ثمن الوقود الحكومي". يضيف: "نحن نشفق على سائقي الشاحنات بسبب سوء الأوضاع الأمنية ونعبّر عن حرصنا على سلامتهم في ظلّ غياب الأمن على مدى مئات الكيلومترات التي يقطعونها في الصحراء"، مشدداً على أنّ "ثمّة ما هو أهمّ من الوقود اليوم". ويتحدّث عن "السلع الغذائية التي تكاد تكون غير مفقودة، وإن وُجدت فأسعارها مرتفعة جداً. بالتالي، من الأجدى بالحكومات أن تسعى إلى توفير مثل هذه الاحتياجات الأساسية"، لافتاً إلى أنّ "بعضها يأتي عن طريق التهريب عبر الحدود الجزائرية المحاذية للمدينة". ويتابع الدقيني أنّ "التهريب عبر الحدود أقلّ خطراً بالنسبة إلى المشتري والتاجر على حدّ سواء، بالمقارنة مع عملية نقلها من مدن الشمال الليبي. فالطرقات التي تربط الشمال بالجنوب خطرة بسبب عصابات الخطف والحرابة، وكذلك المجموعات الإرهابية التي تتحرك بحرية في الجنوب وتقيم حواجز تفتيش".
ولا تُحصَر احتياجات الليبيين الأساسية بالغذاء في الجنوب، فثمّة مطالبات بتوفير الكهرباء والدواء، ويذكر مختار ارحيم من مدينة سبها أنّ "أهالي المدينة تعوّدوا على غياب الكهرباء لأسابيع". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "على الرغم من وجود أكبر محطة بخارية في ليبيا في الجنوب، فإنّ الكهرباء شبه غائبة وتتعمّد عصابات مسلحة تعطيل المحطة. بالتالي، يضطر الأهالي إلى الاعتماد على المولدات المنزلية لتوفير التيار الكهربائي". ويتابع ارحيم أنّ "المستشفيات وجهات حكومية مختلفة تعتمد على المولدات، وقد قدّمت بعضها الأمم المتحدة لدعم ومساعدة بعض المستشفيات في المدينة التي تعاني كذلك نقصاً في الكوادر الطبية والدواء".
وعن الوضع الصحي في فزان، يقول عبد السلام الشنتي وهو عضو لجنة أزمة الصحة التابعة لحكومة الوفاق في المنقطة الجنوبية، إنّ "عدداً من مستشفيات الجنوب مغلق بسبب نقص في الإمكانيات والأدوية والكادر الطبي". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "مستشفى سبها هو المستشفى الوحيد حيث نجد طبيباً شرعياً، وهو الذي يستقبل شحنات الأدوية لتوزيعها على المراكز الصحية في الجنوب كله". ويتحدّث الشنتي عن "لجوء المواطنين في الجنوب إلى بدائل في هذا السياق، مثل القابلات المحليات في عمليات الولادة أو الطب البديل الذي يعتمد على الأعشاب في مجالات مختلفة"، لافتاً إلى أنّ الناس يقصدون الصيدليات الخاصة لشراء الأدوية اللازمة والضرورية كأدوية السكّري والسرطانات".