فروقات طبقية يعيشها اللاجئون في تونس

23 سبتمبر 2015
ارتفاع أعداد النازحين في تونس (Getty)
+ الخط -
تونس، يعتبرها الكثيرون الأوفر حظّا بعد أن تجاوزت ارتدادات ثورتها بسلام. فهي تشكل طوق النجاة بالنسبة إلى الكثير من اللاجئين. وبحسب البيانات الوزارية فإن الليبيين والسوريين يشكلون النسبة الأكبر من اللاجئين.

سبّب توافد مئات الآلاف من اللاجئين بعض الارتدادات الاقتصاديّة والاجتماعيّة على الواقع التونسيّ. فالزيادة الفجائية للسكان واندماجهم في النسيج المجتمعي المحليّ والدورة الاقتصاديّة، شكلت محور مداخلة الباحثة الاجتماعية والناشطة الحقوقيّة آمال نداوي. تقول نداوي لـ"العربي الجديد" لا يعد استقبال اللاجئين من دول الجوار أو من دول عربيّة سابقة في التاريخ التونسيّ المعاصر، فقد سبق أن وفد على البلاد آلاف المهاجرين من الجزائر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كما استقبلت تونس في بداية الثمانينيات مئات الفلسطينيّين الوافدين من بيروت"، إلا أن ما يميز موجات اللجوء اليوم يكمن في العدد الهائل. فخلال الأيّام الأولى من الصراع في ليبيا، تدفّق حوالي 500 ألف لاجئ إلى تونس لتستمرّ موجات اللجوء حتّى بلغ عددهم في شهر أبريل/ نيسان الماضي 1.5 مليون بحسب المفوّضية السامية للاجئين. أمّا السوريّون فقد بلغ عددهم ما يناهز أربعة آلاف لاجئ، وبهذا يشكل اللاجئون ما نسبته 15% من العدد الإجماليّ لسكّان تونس.


فروقات اجتماعية
"لا يمكن وضع جميع اللاجئين في سلّة واحدة. بعضهم يعيش أفضل من التونسيّين وبعضهم تضيق بهم الأرصفة"، هكذا يصّف اللاجئ كمال الذّي جاء من ليبيا إلى تونس منذ عام 2011 وضعيّة اللاجئين. يقول" هربت من ليبيا بعد انفجار الوضع الأمني تاركاً خلفي مدّخراتي القليلة، مشيراً إلى أنه يعيش في خوف دائم، حيث يقضي معظم أوقاته في مخيّم شوشة الحدوديّ ، ولم يستطع حتّى هذه اللحظة تسوية وضعه، أو حتى الحصول على عمل". يعتمد كمال بشكل أساسي على مساعدات أهل الخير.

يؤكّد الخبير الاقتصاديّ شيحة قحّي، وجود تباين في وضعيّة اللاجئين في تونس. ويقول" تختلف أوضاع اللاجئين بحسب الأوساط الاجتماعيّة التي جاؤوا منها في بلدانهم الأصليّة. اللاجئون الليبيّون على سبيل المثال، يعيشون ظروفاً مريحة نوعاً ما بالمقارنة مع السوريّين."

إلى ذلك، تشير دراسة أنجزها معهد "سيغما كونساي" للإحصائيات أنّ أغلب الليبيّين يعيشون في المدن الكبرى على غرار "صفاقس" و"سوسة" والعاصمة. ينفقون شهرياً ما يقارب ألف دولار. يقطنون في الأحياء الفاخرة. يعتمدون في نفقاتهم على تحويلات قادمة من موطنهم الأصليّ أو من مدّخرات كبيرة جلبوها معهم أثناء هروبهم من الحرب.


أمّا السوريون، فيشير إليهم شيحة بأنّهم الأكثر معاناة من بين جميع الجنسيّات، ليستشهد مرّة أخرى بالدراسة الإحصائية التي أنجزتها "سيغما"، حيث تشير الأرقام إلى أنّ 89% من السوريّين يعيشون في الأحياء الشعبيّة في حين يعمل نصفهم في التسوّل أو بيع المناديل الورقيّة والعلكة، ويعمل 30% منهم في التجارة الموازية والسوق السوداء.

الارتدادات الاقتصاديّة على المجتمع التونسي، لم تكن في معظمها سلبيّة بحسب الخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي، باستثناء ارتفاع الطلب على المواد الاستهلاكيّة المدعّمة، ما سبّب ضغطا كبيراً على صندوق الدعم، والذي بلغ في عام 2014 قرابة المليار دولار بحسب وزارة التجارة. ويضيف أدّى النسق الاستهلاكيّ المرتفع ووفرة السيولة خصوصاً لدى اللاجئين الليبيّين إلى ارتفاع أسعار العقارات والتنقلات بمعدّل 20% بين سنوات 2011 و2015.

أمّا عن الإيجابيّات، فيؤكّد محدّثنا بأنّ الطفرة الاستهلاكيّة ساهمت في انتعاش أعمال أصحاب المشاريع الصغرى، حيث يصرف الليبيّون ما لا يقلّ عن 200 دولار يومياً وهو ما يمثّل عشرة أضعاف ما ينفقه التونسيّ، كما انتعش قطاع المقاولات بنسبة 30% بحسب الوكالة العقاريّة.