فرنسا... من الحذر الاقتصادي إلى التقشّف

16 فبراير 2017
أزمات اجتماعية واقتصادية في فرنسا (Getty)
+ الخط -
قد تضطر فرنسا إلى تطبيق سياسة التقشّف، لكبح ارتفاع نفقاتها العامة في ظل عجز هذا المؤشر عن التراجع بالشكل، الذي يؤمّن لها الاستقرار المطلوب في موازنتها العامة. 

وقال قضاة محكمة الحسابات الفرنسية، في تقرير الهيئة، الصادر الأربعاء الماضي، إنه يتحتم على الحكومة المقبلة بذل "جهود غير مسبوقة بشأن النفقات". 

دعوة كشفت عن أن ما ينتظر الحكومة المقبلة، والتي من المتوقع أن تنبثق عن انتخاب رئيس جديد للبلاد، في الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل/ نيسان ومايو/ أيار المقبلين، يتجاوز كبح النفقات العامة، إلى وقف ارتفاعها، عبر التقشف.

وتمثّل النفقات العامة في فرنسا، في 2015، نحو 57% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل أقل من 47% في بقية بلدان منطقة اليورو في العام نفسه. 

بعض المراقبين لا يستبعدون أن تجد فرنسا نفسها، في المستقبل القريب، في مرحلة تقشف، وهي التي تكابد منذ 2010 من أجل الحد من دينها العام، ودفعه تحت سقف الـ 3% من الناتج الإجمالي. وقد كان من المفروض أن تكون قد نجحت في مهمّتها هذه منذ عام 2013، وفق توقّعات خبرائها. 

هذا الأمر يشير إلى أنّه لم يتبق أمام فرنسا إلا العام الحالي، لإنقاذ مؤشراتها الكلية من التهاوي أكثر، والإفلات من سيناريو التقشف المخيف، مع أن الهيئة الرقابية الفرنسية تساورها شكوك حيال إمكانية تحقيق هذا الهدف، وفي وقت تظل فيه حتى هذه النقطة ثانوية مقارنة مع الإشكال المحوري. 

المعضلة، التي تواجهها باريس، هي أنه حتى في حال تمكّنت من النزول بعجزها إلى عتبة الـ 3%، فإنها مضطرة إلى مواصلة خفضه، علماً بأن دينها العام يظل مرتفعا للغاية، حيث يمثّل أكثر من 97% من الناتج المحلّي الإجمالي، في حين أنه من المفروض أن لا يتجاوز الـ 60% وفق معايير ماستريخت (معاهدة الاتحاد الأوروبي/ الاتفاقية المؤسّسة للمنظمة). 

ولمواجهة الانتقادات بهذا الشأن، تعهّدت باريس لشركائها الأوروبيين بالحدّ من هذا العجز بين عامي 2018 و2020، بمعدّل 0.7 نقطة مائوية في المتوسط من الناتج الإجمالي المحلّي. 

وما تقدم يعني أنه يتعين على فرنسا التقليص من نفقاتها العامة، وهذا أمر بديهي ولا جديد فيه، لكن اللافت هو أن البلد الأوروبي لم يتمكّن أبداً من الحدّ من نفقاته، وأن كل ما حدث هو أنه خفض من نسق ارتفاعها. 

وترى محكمة الحسابات الفرنسية أنّ الحدّ من ارتفاع النفقات لوحده لا يكفي، وإنما يتعينّ وقف الارتفاع بشكل جذري. وكذلك، ينبغي تحديد أهداف "سياسات التدخل" الحكومية بشكل أفضل، خاصة في قطاعات "السكن والتدريب المهني والصحة".
(الأناضول)
 
المساهمون