فرنسا: ملامح إجماع نقابيّ غير مسبوق في مواجهة الحكومة

27 فبراير 2018
نقابات تلوّح بالإضراب (فيسبوك)
+ الخط -
تلوح معارك اجتماعية في الأفق الفرنسي، منذ أن قررت الحكومة الفرنسية قبل أيام، إصلاح "الشركة الوطنية للسكك الحديد" قبل فصل الصيف.

وفي هذا الإطار، يأتي استطلاع للرأي أنجزته مؤسسة "هاريس أنترأكتيف"، لصالح راديو مونتي كارلو، وموقع أتلانتيكو اليميني، نُشر اليوم، ليمنح الحكومة الفرنسية دعماً كبيراً. إذ أيّد نحو 69 في المائة من الفرنسيين سعي الحكومة لوضع حدّ للوضعية الخاصة التي كانت تميّز "العامل" في السكك الحديد، ما يعني وضع حدّ لكل الامتيازات التي يتمتع بها منذ عقود. كما أن أغلبية خفيفة نسبتها 54 في المائة أيّدت لجوء الحكومة إلى مراسيم لتمرير الإصلاح، مقابل 46 في المائة معارضة لها.

وتتبنى أغلبية الفرنسيين، وفق هذا الاستطلاع، تفسيرات الحكومة وتبريراتها، ويرى 69 في المائة أن الإصلاح سيقلّص ديون الشركة الوطنية للسكك الحديد، في حين يرى 66 في المائة أن الإصلاح المنتظر سيضمن الجودة في الخدمات، ويجد 56 في المائة أن الإصلاح سيضمن أسعاراً جذّابة للمسافرين، أما 50 في المائة يعتبرون أن الإصلاح سيحافظ على الخطوط التي لا يرتادها كثيرون على كل التراب الوطني.

وأكد 53 في المائة من المستجوبين ثقتهم في الحكومة، وأعرب 52 في المائة عن ثقتهم بإدارة الشركة الوطنية، بما يمكن الطرفين، الحكومة وإدارة الشركة الوطنية، من تقديم اقتراحاتٍ للإصلاح تسير في الاتجاه الصحيح. وحسب الاستطلاع لم تعبّر سوى نسبة 45 في المائة عن ثقتها بالنقابات.

وأعلن 43 في المائة من المستطلعين، عن دعمهم لأي اضرابات وتظاهرات محتملة، في حين بلغت نسبة المعترضين على الإضراب 38 في المائة، ورفض 19 في المائة الإفصاح عن موقفه.

من جهة النقابات، توعّد فيليب مارتينيز، الأمين العام لنقابة "سي. جي. تي"، النقابة الأكثر تمثيلاً في هذه الشركة الوطنية، بالردّ المناسب "على هذا الهجوم (الحكومي) النادر". ويأتي هذا التصريح بعد تهديدات لوران برون، الأمين العام لهذه النقابة في قطاع السكك الحديد، بتنفيذ "إضراب قد يدوم شهراً"، حتى "تعود الحكومة عن هذا الإصلاح". وقال: "سنرفع التحدي، وقد دخلنا بالتأكيد في واحد من أهمّ الحركات الاجتماعية في تاريخ الشركة الوطنية للسكك الحديد".

ولم يعارض فيليب مارتينيز، الذي يستعد لحضور اجتماعات النقابات لدراسة الوضع اليوم، مبدأَ الإصلاح، وقال: "نعم، يجب إصلاح الشركة الوطنية، ولكن، ليس بهذه الطريقة".





ويبدو أن الأمور تتجه نحو نوع من التنسيق بين النقابات، وهو ما غاب في قانون الشغل. وسبق لمواقف نقابة "سي. إف. دي. تي" الإصلاحية، التي عادة ما ترتبط بعلاقات هادئة مع مختلف الحكومات الفرنسية، أن اتسمت بنوع من التفهم للموقف الحكومي، وهو ما شقّ وحدة العمل النقابي.

وأعلن لوران بيرجي، الأمين العام لهذه النقابة، في لهجة تصعيدية نادرة، بأنه لن يسمح لأي كان: "بأن يبصق على وجوه عمال الشركة الوطنية للسكك الحديد". ودعت نقابته في تصعيد غير مسبوق، إلى إضراب واسع مفتوح ابتداء من يوم 12 مارس/آذار المقبل.

هذا الموقف مشابهٌ لموقف ثاني نقابة تمثيلية في هذا القطاع، وهي نقابة "الاتحاد الوطني للنقابات المستقلة"، التي دعت، بدورها، للإضراب.

ودفعت تلك المواقف الهجومية من النقابات، الحكومة الفرنسية، ممثلة بشخص وزيرة النقل، إليزابيث بورن، إلى إرسال خطاب طمأنة بأن الأمر لا يتعلق "بفرض الإصلاح بالقوة"، مطمئنة الفرنسيين بأنه "لا أحد يريد مهاجمة القطاع العمومي".

وأعلنت تفهمها لـ"قلق عمال الشركة الوطنية"، بسبب قرب دخول المنافسة الأوروبية حيز التنفيذ. أضافت أن "الحكومة لا تتمنى فرض ميزان القوى". ولم يَفتها أن تؤكد أن ثمة "حاجة مستعجلة للحركة".​
المساهمون